بقلم: د. طارق الغزالى حرب |
يوم الثلاثاء ٢/٢ وعلى صفحات «المصرى اليوم» قرأت للكاتب والمثقف الكبير الأستاذ سعد هجرس مقالاً عرض فيه لتقرير مهم وخطير صادر عن لجنة الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، رصد فيه وضع مصر طبقاً لمؤشرات تحقيق الحكم الرشيد، وصل إلى استنتاج عام، وهو أن وضع مصر، طبقاً لهذه المؤشرات، يشير إلى الضعف العام على جميع المستويات فى مؤسسات الدولة المختلفة.. كذلك فإن مصر دخلت ضمن مجموعة الدول التى ينطبق عليها مؤشر «الدول الفاشلة» أو تخفيفاً للفظ «الدول التى فى خطر».. وهى ضمن ٦٠ دولة من دول العالم الثالث، منها ٩ دول عربية، وتحتل مصر المركز الـ ٤٣ بتقييم عام «حرج»!! فى نفس اليوم وبصحيفة الأهرام وعلى الصفحة التى تنشر متابعة ما حدث فى مجلس الشعب فى اليوم السابق والتى تبين اهتمامات نواب المجلس المحترمين ولجانه، وجدت العناوين الأربعة الآتية: ١- هريدى يحاول الاعتداء على حواس !! وجاء فى الخبر أن السيد عمر هريدى، أحد نواب الحزب الوطنى ذوى الشأن والنفوذ، قد اعترض الدكتور زاهى حواس أثناء خروجه من قاعة المجلس وحاول الاعتداء عليه تعبيراً عن غضبه لتصريحات حواس حول مقترحات أحمد عز للتجارة فى الآثار.. وأن النائب المحترم قال للدكتور رئيس هيئة الآثار: (إنت نسيت نفسك ولا إيه)؟ كما جاء بالنص فى صحيفة الأهرام وهو التعبير الذى يستخدمه عادة المسنودون على قوى السلطة والثروة تجاه أى شخصية مهما كان قدرها أو كانت وظيفتها يرون أنها تجاوزت الحدود المسموحة لها منهم.. وقد شاهدت وقائع هذه الجلسة بالمصادفة فى القناة الأولى للتليفزيون المصرى.. ورأيت كيف بدأت الحملة على د. زاهى حواس بقيادة د. زكريا عزمى، وكيف انبرى نواب حزب عز الوطنى فى الهجوم على الرجل، وكيف يتجرأ بالحديث عن مقترحات عز وينقدها دفاعاً عن تراث وتاريخ، لم يبق لمصر غيره، وتصور النهابون العظام أنه قابل أيضاًً للبيع والشراء، وكم أحزننى الصورة التى بدا عليها د . حواس وهو يحاول أن ينفى ما قاله ونشرته الصحف، ويعلن اعتزازه وفخره بالسيد عز.. فى الوقت الذى جلس فيه الأخير منفوشاً وعلى وجهه ابتسامة صفراء وينظر بامتنان للنواب ورئيس المجلس، الذين تباروا فى الدفاع عنه وتبرئته بل وشكره!! ٢- نائب من الأغلبية يرفض قانون زراعة الأعضاء: حيث أفتى سيادته بعد كل ما قيل حول هذا الموضوع أن موت جزع المخ يعتبر مرضاً قابلاً للشفاء وأنه يرفض القانون لمـا يمثله من مساس بحرمة الحياة.. وأنا على يقين أن العديد من النواب من إخوان الحزب الوطنى لهم نفس رأى زميلهم، ولكنهم وافقوا حسب أوامر عليا صادرة من الآمر الناهى للهيئة البرلمانية للحزب!! ٣- فى لجنة التعليم: إنشاء معاهد فوق متوسطة بالأزهر: حيث وافقت اللجنة على التوسع فى افتتاح المعاهد الأزهرية ليلتحق بها الحاصلون على الثانوية الأزهرية، الذين لم تسعهم كليات جامعة الأزهر، وأرجعت اللجنة هذا التوسع إلى تزايد الطلب المجتمعى على التعليم الأزهرى!! وهكذا تدريجياً تتوسع الدولة الفاشلة فى التعليم الدينى بديلاً عن التعليم العام، وتترسخ أكثر وأكثر مفاهيم التمييز والفصل على أساس الدين.. وبدلاً من أن نراجع كدولة ونظام حكم هذه الثنائية المدمرة فى مجال التعليم يتم التوسع فى أوعية التعليم الأزهرى بلا ضابط أو رابط وبنظرة قاصرة وسطحية وغبية للأمور!! ٤- توصيات عاجلة فى لجنة الشؤون الدينية: إلغاء قرار حظر السفر إلى الحج والعمرة لجميع الأعمار: وهكذا كان هذا هو الموضوع الأهم الذى ناقشته لجنة الشؤون الدينية فى مجلس الشعب برئاسة الشيخ أحمد عمر هاشم. واعتبرت أن القرار الذى صدر فى هذا الشأن إبان موسم الحج الماضى مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية والدستور والقانون. وأن هذه المناسك فريضة شرعية لا يحق لأحد أو جهة إدارية أن تفرض حظراً عليها!! هذا هو الذى شغل أعضاء لجنة الشؤون الدينية وشيخها.. وأتعجب.. فى كل مرة يتحدث فيها الرئيس مبارك يسارع رئيسا مجلسى الشعب والشورى ورؤساء اللجان بالحديث عن أن حديث الرئيس سيكون محل اهتمام ودراسة من المجلس، بل إنه سيكون منهاج عمل لهم.. وقد تحدث الرئيس مؤخراً عن تحميله مؤسسة الأزهر والكنيسة مسؤولية التقصير فى بث روح المواطنة والتسامح بين أبناء الوطن الواحد.. ألم يكن أولى بتلك اللجنة – التى لا أرى داعياً لها فى الأساس – أن تتلقف كلمات الرئيس حول هذا الموضوع وتطرحه للمناقشة والرأى وعقد جلسات استماع تتيح الفرصة للمصارحة والمكاشفة حول قضية ربما هى الأخطر تأثيراً على مستقبل هذا الوطن بدلاً من الدفاع عن مصالح دول وشركات وأفراد تعيش وتغتنى برحلات العمرة والحج بلا حدود ولا عدد!! وهكذا.. كانت العناوين حول نشاط المجلس فى يوم واحد.. أليس لى حق فى أن أقول إنه مجلس يناسب تماماً «دولة فاشلة»!! نقلا عن المصري اليوم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |