الأقباط متحدون - الحركة الشيوعية واليسارية العربية ومتطلبات النهوض
أخر تحديث ٠٠:٢٤ | الأحد ٢ فبراير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٠٨٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحركة الشيوعية واليسارية العربية ومتطلبات النهوض

الحركة الشيوعية
الحركة الشيوعية


شاكر فريد حسن
شهدت الأحزاب الشيوعية والتنظيمات الماركسية والقوى اليسارية والديمقراطية في العالم العربي هزة عنيفة ، وعانت حالة من التراجع والتفكك والارتداد ، بعد الانهيار والسقوط المدوي للمنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي سابقاً ، انعكست بشكل ملحوظ على الوضع التنظيمي والفكري والسياسي . فقد انهارت قيادات أحزاب شيوعية عديدة ، واهتزت قناعات العديد من الرفاق ، وتفشى فيها التشكيك حتى بمبادئ الطريق ، وهناك أحزاب غيرت اسمها وعدلت من توجهاتها الثورية ، ومنها أصابها الانشقاق والانقسام والاستقالات . وثمة أسباب ذاتية للمستقيلين والمنشقين ، وهي رغبتهم في الوصول إلى المواقع القيادية في الحزب ، ولو بتجاوز كل الأعراف والأنظمة الداخلية للحزب وعدم احترام قرار الأكثرية وعدم الالتزام بالمركزية الديمقراطية .

وقد رافق ذلك مظاهر الفوضى الفكرية ، وضعف الوعي الأيديولوجي وضحالته وارتداده ، وتفاقم الرخاوة التنظيمية والسياسية . وهذا الوضع أدى بالتالي إلى وقوف أحزاب وقوى اليسار عاجزة عن القيام بدورها التاريخي الطليعي الثوري في إحداث التحول الجذري العميق في المجتمعات ، سعياً لتحقيق العدالة الاجتماعية وانتصار أفكار التنوير والتقدم والتحرر .

لقد مضى أكثر من عقدين على انهيار المعسكر الاشتراكي وأفول نجم الاتحاد السوفييتي ، الصديق الصدوق الداعم لقوى النور والتقدم والحرية والثورة والتغيير، لكن لم تشهد الحياة العربية ، وللأسف ، أي انطلاقة وإنهاض للحركة اليسارية وللأحزاب الشيوعية والماركسية لتواصل مسيرتها واستعادة بريقها .

واليوم ، وعلى ضوء المخاض غير المسبوق في تاريخ الشعوب العربية ، وما يتصدر المشهد السياسي الراهن من محاولات إفراغ الحراكات الشعبية الثورية من مضمونها الطبقي الاجتماعي الاقتصادي ، الذي كان عاملاً رئيسياً في نشوبها وانفجارها جنباً إلى جنب مع مطلب الديمقراطية والعدالة والحرية ، ينبغي النهوض بهذه القوى وتجديد الأحزاب الشيوعية والحركات اليسارية ، وذلك يتطلب وقفة مع الذات وفحص مسار التجربة الماضية والاستفادة منها ، علاوة على تطهيرها من كل الانتهازيين والمتسلقين والمنحرفين والغوغائيين ، وتعزيز دور الطبقة العاملة ونقاباتها ونضالها ، وإجراء حوار بين شتى التيارات والحركات الفاعلة في الشارع العربي على اختلاف قناعاتها الأيديولوجية ومشاربها الفكرية ، الماركسية والديمقراطية والقومية والإصلاحية والليبرالية والإسلامية المتنورة . ويجب تثمين انعقاد السينمار اليساري العربي الأول في اربيل ، الذي تم بضيافة الحزب الشيوعي العراقي قبل عدة شهور ، بهدف تشذيب حركة اليسار والنهوض بمسيرتها والارتقاء فيها لتكون قادرة على مواجهة الواقع وإيجاد الأجوبة على الأسئلة العالقة ، وطرح الحلول للمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تواجه مجتمعاتنا وشعوبنا العربية ، والوقوف بوجه الهيمنة والتبعية والسيطرة الامبريالية في المنطقة

. إن المطلوب الآن هو تجاوز الترهل والأزمة العميقة ، والتصدي للارتداد الفكري والتراجع التنظيمي ، وتنظيم عملية التثقيف الفكري للسائرين على دروب

الشيوعية والماركسية ، الذي يحمي من المواقف السياسية والفكرية والتنظيمية الخاطئة والمنحرفة ، وضرورة الالتصاق بالطبقات الشعبية الضعيفة والمسحوقة ، والمساهمة في توعية الجمهور الواسع وتثقيفه بروح القيم السامية والمفاهيم الطبقية ، قيم الوطنية وحب الإنسان والسلام والعدل الاجتماعي والعطاء والتضحية ، دفاعاً عن شرفنا الوطني والنضالي ومستقبلنا الإنساني السعيد .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter