بقلم: مارغريت خشويان
يعود إلى الواجهة ملف خطف بنات الأقباط والذي يعتبر من أكثر الملفات خطورة وتعقيدًا في العلاقات بين مسيحيي مصر ومسلميها.
وذلك على أثر اختطاف فتاة قبطية منذ فترة قصيرة بديرب نجم محافظة الشرقية واسمها جيلان "عاطف جورجي" تبلغ من العمر 20 ربيعًا، ذهبت إلى كليتها كالمعتاد ولم تعد. تم اتهام أحد الاشخاص المسلمين باختطافها، ويُدعى رضا أحمد عبد المنصف، بعد أن تأكدت قوات الأمن بأن الفتاة بالفعل موجودة عنده، وتم وعد الأسرة بإرجاع الفتاة إليهم خلال 24 ساعة، إلا أن الوقت يمر كالموت البطيء لهذه العائلة.. خاصة عندما علمت أن الابنة ستعتنق الإسلام بعد استيفاء الأوراق الخاصة لتصبح مسلمة شرعًا.
كلما أقرأ في الصحف والمواقع الإلكترونية عن أحداث العنف والاختطاف في مصر أشعر بشديد من الأسى والحزن بالإضافة إلى الغضب.. والعجيب بالأمر أن أجهزة الدولة تلتزم الصمت وتعمد إلى حماية الخاطفين والتستر عليهم.. فلا أتعجب مما قالته صحيفة "واشنطن تايمز": بأن الأقباط هم المستهدف الرئيسي للاضطهاد في مصر" حيث وصلت عمليات خطف الفتيات القبطيات وإجبارهن على الأسلمة والزواج من مسلمين إلى مستويات وبائية.
بينما بالمقابل الدول الإسلامية تجرم الارتداد عن الإسلام.. بينما المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 تقول: "إن لكل فرد الحق في تغيير ديانته وممارستها علنًا.
إلا أننا هنا في هذه القضية أمام عملية خطيرة، فهناك خطف واغتصاب وإكراه وإجبار للفتيات على اعتناق الإسلام وليس اقتناعًا منهن بالدين.
هذه القضية هي جزء من سلسلة قضايا إنسانية يتعرض لها الأقباط كل يوم، كأنه كتب لهذه الأقلية الشقاء والعذاب.. أستغرب أيضًا من تحرك كافة الدول بكتابة بيانات استنكار وفي اليوم التالي تتناسى الموضوع وكأن شيئًا لم يكن.. فالمطلوب أكثر، المطلوب محاولة جدية لكيفية الحد من هذه العمليات الإجرامية ومعاقبة المجرمين على أفعالهم.. ويبقى الواقع الأليم للفتيات وعوائلهن حينما يتم الإفراج عن بعض الفتيات اللواتي لا يستطعن الرجوع إلى دينهن الأصلي وهو المسيحية، فقد تعرضن للتهديد وإن سمعتهن ستتشوه وسيتم عرض أفلام لطرق تعذيبهن واغتصابهن مرارًا وهذا الأمر يشكل قيودًا للفتاة وعائلتها.. فالجماعات الإسلامية المتطرفة التي تخطط لهكذا عمليات إجرامية تعمد إلى تعذيب واحتقار واغتصاب الفتيات لأنهن مسيحيات، وبالطبع بمشاركة وتعاون من أمن الدولة الذي يتحمل مسؤولية تقاعسه عن حماية المواطنين.. كل المواطنين.
كل هذه الأحداث تجعل مصر تتصدر أضخم لائحة مرتفعة لأشد اضطهاد ديني في الدول العربية على مختلف المستويات من قتل وخطف وتهديد وإكراه بالدين وهدم كنائس وأديرة وغيرها من الويلات التي يتعرض لها الأقباط على مر السنين. فلو وضعنا بيانًا أوليًا حول ما جرى بين عهد عبد الناصر والسادات وحسني مبارك لوجدنا مدى تواطؤ واستفحال هذه الجريمة فهناك قائمة للأحداث ضد الأقباط في مصر خلال 40 سنة الماضية هي كالتالي:
ففي عهد عبد الناصر اعتدائان كبيران خلال العام 1968 و1970
وفي عهد محمد أنور السادات سبعة أحداث طائفية خلال الأعوام 1972-1975-1978- 1980- 1981
وفي عهد الرئيس حسني مبارك حدِّث ولا حرج، فقد بلغت الأحداث قمتها والحبل على الجرار. الأزهر هو المرجعية الأولى والأخيرة عند المسلمين، وأيضًا نحمله مسؤولية ما يجري.. إضافة إلى انتشار نشاط الإخوان المسلمين في هذا العهد الذين شرعوا ينشرون سمومهم عن طريق نشر بعض الكتب المشبوهة والدعوة إلى الجهاد ضد المشركين الذين يعدون النصارى منهم. فالأحداث الطائفية خلال أعوامه امتدت من 1990 حتى اللحظة فهناك المئات وأكثر من حالات العنف والاضطهاد ضد الأقباط.
فهنا نطالب الرأي العام العالمي وبالأخص العربي والإسلامي بوقف هذه الجرائم وعدم الرجوع إلى الجاهلية الأولى على حد قول القرآن: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُون" فهم والحالة هذه ضد القرآن مباشرة الذي يوصي بالأخوة على حد قوله: "وكونوا عباد الله إخوانا".
وختامًا نخاطب الجماعات الإسلامية الأصولية بكلام أخوي في استعمالهم الدين للقتل، بهذا الأسلوب، لا يستطيعون القضاء على المسيحية في مواطنها "الوطن العربي" خصوصًا لأن المسيحيين فيه متجذرون في مسيحيتهم مؤمنون إيمانًا كاملاً بما قاله يسوع لهم: "في العالم سيكون لكم صيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم".
مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية