بقلم : مجدي جورج
نجح الشعب المصزي الجبار خلال اقل من ثلاث سنوات وبعد ثورتين عظيمتين علي الظلم والفساد وعلي الفاشية الدينية في ادخال رئيسيين سابقين الي قفص الاتهام لمواجهة مجموعة من التهم المنسوبة لكل منهما ، ولكن مسلك كل منهما في القفص يبين لنا الفرق بين الاثنين ، بين الرقي والتحضر وبين الجاهليه والتصحر ، الفرق مابين رجل الدولة حين يتعرض لمحنه وبين رجل الغاب حين يحدث له ذلك .
فمبارك رغم كل انتقادنا له ورغم اننا نعتبره سبب البلاء والبليه التي تتعرض لها بلادنا لانه لم يستغل ٣٠ عاما حكم فيها مصر لينظفها من الآخوان ليس التنظيف الأمني فقط بل تنظيف العقول من أفكارهم .
مبارك رغم كل مآسيه وفساده الا انه عندما زج به في قفص الاتهام تصرف كرجل دولة حتي وان كان البعض قال انه ادعي المرض في بدايه محاكمته وجاء الي مقر المحاكمة علي سرير مرضي وبعدها علي كرسي طبي الا اننا يجب الا ننسي انه فعلا رجل عجوز تجاوز الثمانين بعدة سنوات ومن الطبيعي ان تكون المت به أمراض كثيرة خصوصا بعد فقدان السلطة وبريقها في ظل ظروف مأساوية بالنسبة له ، بينما محمد مرسي رفض المحاكمات وازدري ولا يزال يزدري هئية المحكمة وقاطعها وصرخ في القاضي كأن به مسا من الجنون قائلا له : انت مين ياعم وانا فين .
مبارك عندما نادي عليه القاضي رد عليه كرجل يعرف قواعد اللياقة والتصرف وكأي متهم يرد علي قاضيه قائلا ؛ أفندم .لم يكبر او يتكبر . بينما محمد مرسي هذا الرجل الشبيه برجل الغاب رفض الرد علي القاصي وقال له ؛ انت مين ياعم . هذا كله برغم ان مبارك قضي جل عمره في مناصب عليا منها خمسة وثلاثين عاما في قصور الرئاسة ،ثلاثين عام كرئيس وقبلها حوالي خمسة أعوام كنائب للرئيس إلا انه أجاب علي القاضي بما تقتضيه اللياقة وكأي متهم في اي قضيه بينما مرسي الذي قضي جل عمره مطارد ولم يقضي الا عام واحد في قصر الرئاسة كان من الواضح ان الكرسي عزيز جداً عليه ولذا رأيناه يهذي في القفص بانه الرئيس الشرعي .
مبارك رغم انه قيل انه كان فظا مع من عمل معه سابقا الا انه مع سجانيه لم يعاملهم الا بالحسني ولم يتطاول علي من قاموا بالثورة ضده ومن تولوا الحكم بعده وكل ما قاله ان التاريخ سينصفه يوما ما بينما مرسي هاجم حرسه من الجنود والضباط وتوعدهم وتوعد كل من ثاروا ضده بالمحاكمة وبالقتل والثبور وعظائم الأمور .
مبارك كرجل دولة وحاكم لمصر كل السنوات السابقة ورغم انه يملك كل الأسرار الا انه لم يهدد ابدا بإفشاء هذه الأسرار نكاية فيمن ثاروا ضده وحكموا بعده إلا ان محمد مرسي هدد بكشف كل اسرار الدولة ولذا صنعوا له قفص زجاجي حتي يتم التحكم فيما يصل من أقواله للعامه ولغيرهم .
مبارك رغم كل الأمات الاعتقال وهو في هذه السن الا انه استطاع ان يواجه المحنه رغم قسوتها عليه حتي انه في أواخر مرات ظهوره ظهر مبتسم راضي الحال ( ربما لاحتمالات براءاته التي ظهرت بوادرها) وهذه الابتسامة التي لم ترضي خصومه اثارت كثير من الجدل في حينها ، بينما ظهر محمد مرسي زائغ النظرات يتلفظ بألفاظ غير مفهومة ويأتي بحركات غير عادية وكأن تجربة السجن قد ذهبت بعقله
رغم كل هذا فإنني اعتبر ان مرسي بخياناته وبجهله وتطاوله ماهو الا نتاج طبيعي لعصر مبارك الذي استمر لثلاثين عاما وان مبارك هو المسئول الأكبر عن تمدد الاخوان وسيطرتهم علي الشارع وعلي عقول الناس حتي نجحوا في لحظة ضعف مبارك من الانقضاض عليه والوصول للحكم .
فمبارك هو المسئول عن استمرار الارهاب الإخواني حتي الان لانه الوحيد الذي جاءته فرصتين ذهبيتين للقضاء علي الارهاب المتاسلم ولكنه اضاعهما : الاولي بعد اغتيال سابقه الرئيس السادات برصاص هذا الارهاب فكل الظروف الداخليه كانت في صفه لمواجهة هذا الارهاب من تأييد للقوات المسلحة رأت قائدها يغتال في يوم عيدها ونصرها ، الي التأييد والتعاطف الشعبي الذي حازه مبارك في تلك السنوات المبكرة من الثمانينات ، ألي التأييد الدولي من معظم الدول الكبري .
الفرصة الثانيه التي أصاعها مبارك للقضاء علي الارهاب واجتثاثه من القلوب والعقول جاءت بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا في منتصف التسعينات . ولكن مبارك كعادته وكما اطلق عليه د. مصطفي الفقي كانت سنواته ( سنوات الفرص الضائعه ) لذلك أضاع الفرصتين كما أضاع عشرات الفرص الاخري للنهوض بمصر .