الأقباط متحدون - لماذا فشلت تجربة الإخوان المسلمين في الحكم ..؟!
أخر تحديث ٠٧:٣٨ | الاربعاء ٢٩ يناير ٢٠١٤ | طوبة١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣٠٨٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا فشلت تجربة الإخوان المسلمين في الحكم ..؟!

بقلم :  شاكر فريد حسن 

لا جدال أن حركات وجماعات الإسلام السياسي فرضت نفسها على المشهد السياسي العربي ، لا سيما  بعد الحراك الشعبي وثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" ، التي  دفعت بها  للظهور على الساحة وتسلم مقاليد الحكم في تونس ومصر ، لكن سرعان ما انهارت هذه الحركات وسقط مشروعها ، الذي لا يتناسب ويتواءم مع معطيات ووقائع الحياة المعاصرة .
 
لقد تسنى للإخوان المسلمون الوصول إلى السلطة في مصر ليحكموا أكبر دولة عربية في عمقها الاستراتيجي والثقافي والحضاري ، لكنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة ، وهي أخطاء ناجمة عن قلة التجربة وعقلية التعصب والانغلاق التي يتميزون فيها ، عدا عن استئثارهم  بالسلطة وعجزهم عن إدارة دفة الحكم بصورة ناجعة وناجحة  ، وإخفاقهم في أدارة شؤون البلاد ، وكان نهجهم سبباً رئيسياً في سقوطهم الذريع والسريع . فقد كرسوا ممارسة الديكتاتورية والاستبداد وانقلبوا على القضاء والإعلام ومؤسسات الدولة وعملوا على إقصاء وتهميش الآخرين ، ولم يلتزموا بوعودهم ، فتنكروا لكل الثوابت التي أوهموا الناس فيها كالعدالة والحرية والكرامة والعدالة ، وهي الشعارات نفسها التي رفعتها وحملتها الجماهير في حراكها الثوري والانتفاضي . إضافة إلى أن الإخوان فرطوا بجوانب أساسية  من ثوابت المجتمع المصري بثقافته وتاريخه وطبيعة الحياة فيه ، وحاولوا فرض سلوك وفكر مختلفين ، فتداخلت السياسة مع الدين في المساجد ودور العبادة ، وتحولت المنابر إلى منصات سياسية أبعد ما تكون عن سماحة الدين الإسلامي وعدالته .
 
لقد ثبت أن الإخوان كانوا يسعون فقط للسلطة ، وأرادوا بأن تتحول مصر إلى أكثر تشدداً وتطرفاً وتزمتاً واستبداداً وتخلفاً ورجعية وسلفية ، وقد اغرقوا المجتمع المصري في صراعات سياسية وانقسامات حادة في النسيج الاجتماعي أبعد ما يكون عن مبادئ وقيم الإسلام السمح العادل . فكانت الهبة والمواجهة ، وكان السقوط المدوي ، وسحب رصيدهم التاريخي في الشارع المصري .
 
إن خروج الشعب المصري بتلك المشاهد المذهلة في ميدان التحرير وغيرها من ميادين القاهرة والمحافظات المصرية  ، عكس إرادة شعب مقهور في مواجهة التطرف والإرهاب التكفيري . وكان تفويضاً شعبياً غير مسبوق للجيش المصري بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي بأن يقف مع الإرادة الجماهيرية ضد حكم الإخوان ، الذين دفعوا بالصراع السياسي ليتحول إلى صراع ديني . وطالما أن الشعب يمثل الشرعية فأن تفويضه الصريح للجيش بمواجهة الإرهاب والإطاحة بالإخوان وعزل مرسي هو مسوغ قانوني وأمر شرعي وليس انقلاباً عسكرياً ، كما يحلو للعديد من المحللين والناس وصفه . ومن المعلوم أن من حق الشعوب أن تخرج للشوارع في مظاهرات سلمية واعتصامات مدنية تطالب بخلع الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة ، أذا كانت تعتقد بأن الرئيس لم يلتزم بعهوده وخيانة دستور البلاد ، وهذا سلوك ديمقراطي صميمي تكرر في أكثر من تجربة ديمقراطية . وما من شك أنه توفرت للإخوان المسلمين فرصة تاريخية لن تتكرر ابداً ، لكنهم أضاعوها بلمحة بصر ، وذلك نتيجة تغليب مصلحتهم الفئوية الضيقة على مصلحة الوطن وشعبه .
 
وفي الإجمال يمكن القول أن الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي تقف أمام مأزق تاريخي بعد أن اختارت العنف والإرهاب والتطرف الديني طريقاً لها ، وهذا الموقف يمثل أكبر قطيعة بينها وبين شعوبنا العربية الإسلامية . وعلى جميع القوى الفاعلة في المجتمعات العربية أتن تعي وتستوعب الدرس جيداً بأن الشعب هو الذي جاء بالإخوان وأوصلهم لسدة الحكم ، وهو الذي أطاح بهم وعزل رئيسهم ، وأن إرادة الشعب هي الأقوى دائماً .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter