بعد تأهليهن وتدريبهن بصورة احترافية في مجال صناعة السجاد
حقائب السدو، اللوحات التراثية، قطع الكروشيه.. أعمال حرفية ذات عراقة تاريخية، تنسجها مجموعة من السيدات كبيرات السن في السعودية، لتأتي بصورة هدايا تذكارية يقدمها كبار المسؤولين في الدولة إلى نظرائهم في الدول الأخرى أثناء زيارتهم للسعودية، أو تقدم من الجهات الحكومية للوفود الأجنبية والشخصيات المهمة التي تزور البلاد أو أثناء مقابلتهم خارجها، إلى جانب تقديمها إلى الشخصيات التي يتم تكريمها لتحقيقها إنجازات مختلفة في كل الجهات الحكومية أو الأهلية.
ويأتي هذا المشروع الحرفي لدعم كبيرات السن في الأسر المحتاجة، بعد تأهليهن وتدريبهن بصورة احترافية على إعداد المنتجات بجودة عالية، كما توضح بدرية العثمان، وهي مديرة مركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير الذي يتبنى هذا المشروع، بمدينة الدمام، مفيدة بأن الهدف من ذلك هو العمل على جانبين: «دعم السيدات والحفاظ على التراث»، وأكدت على أن هذه المنتجات تلقى رواجا وطلبا كبيرا في إطار تقديمها كهدايا تذكارية محلية الصنع.
وتتحدث العثمان بإسهاب عن هذه المنتجات الحرفية، وتصف السدو بالقول «هو منتج نسيجي يصنع من جلد الأغنام ووبر الإبل بأشكال ومقاسات متنوعة وبتصاميم زخرفية وألوان جذابة تتجلى بها الخطوط الأفقية المتوازية والنقوش المميزة، وتعد المملكة من الدول التي تشتهر بإنتاج أنواع وأشكال من السدو في صور مختلفة، منها المفروشات الأرضية والوسائد ومستلزمات الأوعية وأدوات الزينة للجمال وبعض الملبوسات».
أما الصناعات الخشبية المزخرفة، فتصفها العثمان قائلة: «هي منتجات حرفية وظيفية، تتم صناعتها يدويا من الخشب بعد تصميمها وتنفيذها بتكوينات متنوعة ثلاثية الأبعاد وزخرفتها بطرق فنيه متعددة، ومنها الصناديق والصحاف والأبواب والنوافذ والإطارات وغيرها، ويعبر الكثير منها على التراث والثقافة الوطنية في تصنيع الأدوات ومواد البناء والألوان والزخارف التي تنفرد بها المملكة».
ولا يغيب عن ذلك الخوص، الذي يعد من أحد منتجات النخيل، ومنه تصنع الصواني والأوعية الشعبية، إذ تقول العثمان: «تتعدد منتجات النخيل فتشمل المنتجات الغذائية كالتمور بكل أشكالها والمأكولات الشعبية التي يدخل التمر عنصر أساسي بمكوناتها والمنتجات غير الغذائية المستخرجة من النخيل مثل الخوص والليف والأخشاب التي يصنع منها منتجات حرفية لا حصر لها متعددة الأحجام والأشكال والمواصفات».
يضاف لهذه الأعمال الحرفية إنتاج القطع المطرزة، مثل البراويز الملونة والوسائد الصغيرة، وهنا توضح العثمان أن القطعة المطرزة عبارة عن «منتج نسيجي وظيفي وجمالي، تتم صناعته يدويا بطريقة التطريز على القماش بخيوط حريرية أو قطنية أو ذهبية»، إلى جانب منسوجات الكروشيه الملونة، والتي تصنع منها قطع الإكسسوار والأوشحة، وتقدم كذلك كمنتجات حرفية فاخرة. ووفقا لإحصائية أصدرها مركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير أمس، فلقد بلغ عدد المستفيدات من برنامج دبلوم التدريب المصنعي الذي يقدمه المركز 151 متدربة تحولت 65 منهن إلى عاملات في المصانع، في حين بلغ عدد الحاصلات على دبلوم التفصيل والخياطة 271 متدربة ومعظمهن يعملن في مشاريع صغيرة، وبلغ عدد المستفيدات من دورة الحرف اليدوية (السدو) 37 متدربة يعمل 19 منهن في محلات تجارية، وبلغ عدد المستفيدات من دورة الأعمال الفنية تسع متدربات يعملن جميعهن في محلات تجارية.
وينبثق من مركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير مشروع آخر، هو مركز الأمير نايف للتدريب والتأهيل النسائي، حيث تعود العثمان للقول «بدأنا بـ25 منتجا كمصنع مصغر لتعليم صناعة الغزل والنسيج، ووصل العدد إلى 100، ثم 173 منتجة حتى الآن، وهو مشروع قائم على أعلى تكنولوجيا مستخدمة في هذا المجال»، وأفادت بأن المركز استطاع تأهيل أكثر من 900 سيدة في مجالات تدريبية متعددة، إلى جانب توظيف 470 سيدة وفتاة في الشركات الكبيرة والمصانع والمدارس.
وتتابع العثمان موضحة أن مركز الأمير نايف أشرف على تنفيذ 6579 طلبية من المنتجات المختلفة لجهات متعددة، وإنشاء أول مصنع متكامل للإنتاج الصناعي من الزي الموحد، مشيرة كذلك إلى استبدال بعض البضائع المستوردة بأخرى محلية بصناعة أيد سعودية، مثل الزي الموحد والأعمال الفنية وإكسسوار المنازل، وهو ما تؤكد أنه يأتي في إطار نشر ثقافة العمل التجاري لدى المستفيدات.
وأفادت العثمان أن البرامج التدريبية التي يقدمها المركز تتضمن: دورات التفصيل والخياطة والأعمال الفنية وأشغال السدو، دبلوم ودورات الحاسب الآلي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (تصميم صفحات الإنترنت - الإدارة الإلكترونية)، دبلوم الطهي والتغذية، دورات التصوير الضوئي وتقنياتها، دبلوم التجميل واستخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال، دورات الفن التشكيلي، دورات في نظم المعلومات الجغرافية، دبلوم في التواصل الإداري باللغة الإنجليزية.
وبسؤالها عن مساهمة المركز في تمكين المرأة السعودية، توضح العثمان أنه عمل على توطين الوظائف النسائية وإحلال السعوديات مكان العمالة الوافدة خاصة المهنية منها، وتضيف «ساهم المركز كذلك في تقليص أعداد المستفيدين من معونات الجمعيات الخيرية وتحويلهم إلى منتجين فاعلين بهدف القضاء على الفقر ورفع شعار كلنا (تمكين) نحو مجتمع منتج». وأكدت العثمان على أهمية «كسب ثقة القطاع الخاص بالكفاءات السعودية الماهرة»، مشيرة إلى أن هذا المركز عمل على إتاحة الفرص التدريبية لكل أفراد الأسرة، قائلة «في سنة من السنوات عملت لدينا الجدة في المصنع ثم التحقت كل من ابنتها بدبلوم الحاسب الآلي وزوجة ابنها في دورة تصفيف الشعر والحفيدة بروضة المشاعل التابعة للمركز»، وهو ما تشير إلى أنه يمثل قفزة كبيرة في العمل الاجتماعي التنموي.