الأقباط متحدون - الأهرام والخيال الشرير
أخر تحديث ١٠:٢٥ | الأحد ٢٦ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش١٨ | العدد ٣٠٨١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"الأهرام" والخيال الشرير

كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
 
قد يقول قائل .. ما مناسبة طرح موضوع مثل هذا ، ولكن قد ينبغي أن تكون مشاهدتنا للمطر لا تنسينا أنه من ذاك السحاب ، وتعالى معي عزيزي نقرأ رسالة د. سعد واصف لبريد الأهرام بعنوان " الخاطر الشرير " ..  
 
يقول " أن قصيدة ( أراك عصي الدمع) للشاعر الفارسي عمر الخيام‏ قصيدة ترجمها أحمد رامي‏..‏وغنت أم كلثوم بعض أبياتها.   يقول عمر الخيام في شطر من أبياتها: إذا مت ظمآنا.. فلا نزل القطر.. أي أنه إذا مات عطشانا.. فإنه يتمني أن يموت البشر مثله عطاشي.. ليس فحسب.. بل الزرع والضرع وكل الكائنات الحية التي لا تحيا إلا بالماء ينزل به المطر.. قمة القبح في الأنانية.. وقمة البشاعة في الدعاء علي الغير وتمني الخراب والموت لكل حي!
 
صوت بعيد من الماضي.. عبر به الشاعر عن خاطر شرير عصف بوجدانه.. وقفت عنده طويلا أتأمل.. وكأني به يتكلم بلسان حال الاخوان.. في وقتنا الحاضر.. ويصف ويعبر عن تصرفاتهم طبق الأصل.. فهم يقولون مثله.. إذا أفلت كرسي الحكم من بين أيدينا.. فلا يجلس عليه أحد سوانا.. ليس فحسب بل في سبيل الوصول إليه.. نفعل ما نتمني وهو تخريب بلدنا وتدمير وطننا.. نحرق ونقتل.. ونهدم المعبد المقدس علي رءوسنا.. وعلي رءوس الجميع.
 
قمة الأنانية والبشاعة في الدعاء علي مصر وأهلها.. ولكن ـ وبعيدا عن السياق العام للقصيدة أو الرباعيات ـ ثاب الشاعر القديم إلي رشده.. وفي خاطر سريع استرد فيه عقله.. أعلن الندم علي الخاطر الشرير الذي أصاب عاطفته.. فإذا به يعلن وقلت معاذ الله.. قالها ثانيا ومكفرا عما تمناه لغيره.. وما لا يتمناه لنفسه.
وأقول لهذه الشرائح الضالة من الاخوان.. كفاكم تدميرا وتخريبا وحرقا ونهبا.. وهدما لمصر علي رءوسنا ورءوسكم.. فإن الكرسي لا يساوي نقطة دم واحدة تنزف من مواطن بريء.. والفرصة أمامكم سانحة.. في أن تقولوا لا وانتخابات الرئاسة آتية.. والكرسي شاغر.. فرشحوا من تريدون وتوبوا وقولوا.. معاذ الله."
بداية ، القصيدة هي إبداع شهير للشاعرأبو فِراس الحَمَداني الحارث بن سعيد بن حمدان وليست التغلبي الربعي، أبو فراس. ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة، قاتل بها بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام.جرح في معركة مع الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة.
قال الذهبي: كانت له منبج، وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر، وقال ابن خلّكان: مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص)، قتله رجال خاله سعد الدولة.
 
وهـذه القـصيدة وآحدة مـن مـجموعة قـصائد عـرفت بالـروميات قـآلها أبـو فـراس وهـو أسـير فـي بـلاد الـروم لا يـرتبط النـص بـمناسبة خـآصة بـقدر مـآهـو تـعبير وجـدآني عـن آلام الشـآعر وتـفريج لـكربته وانـتقام لـكبريائه الجـريح ..و في هذا البيت ( وفق رؤى كل النقاد ) شكوى صريحة يفصح عنها "الحمداني" ضد محبوبته... وهذه الشكوى كانت في قالب مناجاة يستغيث فيها بقلب حبيبته التي كانت قد وعدته بالوصل واللقاء... ومع هذا فلم يكن ذلك سوى كلام بدون أفعال... معللتي بالوصل والموت دونه) معللتي=ملهيتي (وفي معنى خادعتي أيضا ، دونه=قبله/أقرب منه... (إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر( ظمآنا.. لغويا=عطشانا) وفي قالب القصيدة=تواقا للحب غير ذائق له... القطر=المطر... الجزء الثاني من البيت قد أبرز أنانية الشاعر الذي حُرم من الوصال، فيرجو حرمان العشاق الآخرين منه... يريد للجميع تذوق العذاب الذي عاشه هو...
 
وعليه فالخيال الشرير للقارئ العزيز الذي حول قضية رومانسية لشاعر صاحب تاريخ عظيم ولقصيدة أبدعت في شدوها كوكب الشرق أم كلثوم إلى حكاية يتم لوي معاني الكلام وتحميلها أمر سياسي دون وجود أي مناسبة لتلك المقاربة ، ويصعب تناول الحديث عنها إلا بعد التأكد من المعلومات ، والأغرب أن تمر الحكاية على الديسك المركزي لأم الجرائد المصرية وأعرقها " الأهرام " لتعميم معلومات خاطئة عبر جريدة لها مصداقيتها.. وعلى فكرة إنها ظاهرة إعلامية باتت تنتشر عبر اتساع السوق الإعلامي ومنافذ طرح الكلمة وأي وسيط إعلامي وهي المتمثلة في التسرع وعدم التزام الإجادة .. حتى لو وصل الأمر إلى حد نشر معلومات خاطئة على هذا النحو!!  
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter