بقلم: شريف إسماعيل
لقد شهد عام 2013 العديد من الاحداث السياسية و التى قد تساهم بشكل كبير فى أعادة رسم سياسات الشرق الاوسط و خريطة التحالفات خلال عام 2014 ، لاسيما و أنة من المنتظر أن يشهد العام الجديد تغيرات جوهرية على صعيد سياسات واشنطن تجاة المنطقة ، فضلا عن بروز أدوار جديدة لقوى أقليمية فى مقابل أنحسار أدوار كانت فاعلة لقوى أخرى ، مع أستمرار الصراع فى منطقة الشرق الاوسط .
وقد كان أبرز معالم سياسة أمريكا الشرق أوسطيه هو تخبط موقف واشنطن بقوة تجاة سياسات الشرق الاوسط, ، صحبة توتر فى علاقاتها مع حلفائها التقليديين ، والتى من المنتظر أن تستمر هذة الحالة خلال عام 2014 ، فى ظل محاولات واشنطن العودة وبقوة الى منطقة الشرق الاوسط بسياسات جديدة تضمن لها الدور القيادي في الملفات الشرق اوسطية المحورية وعلى رأسها الملف المصرى ، فضلا عن صياغة علاقة جديدة مع ايران وسوريا و كذلك ملف السلام الفلسطيني الاسرائيلي و ضمان دور مهيمن لها بالخليج ، وسط ادراك امريكي بضرورة لعب موسكو وطهران دورأ محوريأ في الصفقات الاقليمية المتبلورة.
فقد أحاطت بسياسة واشنطن الخارجية خلال 2013 العديد من الاسستفسارات وعلامات الاستفهام الكبيرة والكثيرة ، بل و سببت عن عمد قلقأ شديدأ لدى حلفاؤها التقليديين وعلى راسهم اسرائيل (بسبب الملف الايراني) و السعودية (بسبب الملفين الايراني والسوري) ومصر ( بسبب السياسة العدائية بعد الاخوان وقرار التعليق الجزئي للمساعدات العسكرية) و تركيا ( بسبب التقارب مع طهران ) .
فقد شهد عام 2013 ، حالة من التوتر نشبت بين أمريكا و حلفائها التقليديدن و ايضا شهدت بروز أدوار لقوى كانت قد تراجعت و استعادة جزء من دورها بسبب مواقف الادارة و بالتنسيق معها ، ففى التقدير أن هذة الادوار قد جاءت بتخطيط و رضاء من واشنطن لاستمرار نجاح مخططها واهدافها فى المنطقة ، على عكس ما يتصورة بعض المحللين أن الادارة تتبع أسلوب فرض الامر الواقع و سياسة رعاة البقر لتحقيق أهدافها بشئ من الجهل و عدم الدراية ، فالمشكلة أن الحلفاء يتعاملون مع الادارة بمفهوم مصالحهم و ليس من مفهوم مصالح أمريكا ، و قد وضح ذلك من المساحة التى أعطتها واشنطن سواء لروسيا أو الاتحاد الاروبى أو لفرنسا على وجه الخصوص ، و بما يضمن نجاح سياستها سواء من خلال احتواء سوريا ونزع سلاحها الكيماوى أو فتح قنوات مع أيران أو التقارب معها ، بل حتى بالنسبة للموقف من مصر و تركيا .
فالموقف بالنسبه لمصر كان صدمه كبيرة للادارة والتى استثمرت مع الاخوان جهد كبير بدأ فعليا عام 2005 وأستمر بالتنسيق مع التننظيم الدولى و حتى ثورة 25 يناير ، حيث لعبت الادارة الدور الاساسى و الفاعل فى أسقاط نظام مبارك ، بل و فى وصول الاخوان للحكم من خلال الدفع بالبرادعى كزعيم ليبرالى أستقطب القوى الثورية و الليبرالية حولة ثم بحركة دراميتكية سلم السلطه للاخوان ، الا ان ثورة 30 يونيو قلبت كافة الموازين و أربكت حسابات الادارة فبعد أن كانت قد نجحت فى الوصول الى حكم مصر من خلال الاخوان و بدأت تجنى ثمار أستثماراتها سواء على صعيد الملف الفلسطينى أو على صعيد توظيف الاسلاميين لصالح سياستها فى أففانستان أو حتى من خلال توظيف الاخوان لضرب ألاستقرار وأسقاط الانظمة العربية لصاح حكومات أسلامية تضمن أستمرار الصراع الطائفى و أعادة تقسيم خريطة الشرق الاوسط .
فقد كانت ثورة 30 يونيو هى القشة التى قسمت ظهر البعير ، فبعد أن تهيأت الاجواء للادارة فوجئت بسقوط نظام هى راهنت علية و أستثمرت فية ، بل و قد كان الاكثر إيلاما وصدمة لها هو ظهور شخصية عسكرية توحد خلفها الشعب ولها بعد وطنى و قومى و عربى ، فبعد أن تصورت الادارة انها تخلصت من حكم العسكر فوجئت بشخصية زعيم ألتف حولة الشعب و شبهوه بالزعيم جمال عبد الناصر ، تحرك بذكاء شديد و تخارج عن الحكم بعد التوافق مع القوى السياسيةعلى وضع خارطة طريق ، بل وتم تعيين رئيس مؤقت للمرحلة الانتقالية ، مما اصاب الادارة بغشم سياسى و تخبط وظفة الجمهوريين للضغط على الحزب الحاكم و كاد يسقطة ، بل وأستمرارا لهذا المسلسل قامت الحكومة المصرية بأنهاء دور الجماعة بحكم قضائى و أدراج جماعة الاخوان على قوائم الجماعات الأراهابية ، مما اضعف موقف الادارة على صعيد المنطقة العربية و الخليج علي وجه الخصوص ، هذا فضلا عن التداعيات المباشره التى أصابت ملفات واشنطن سواء فى تونس أو ليبيا أو بغزة بل و الاردن كنتيجه مباشرة لسقوط حكم الجماعة فى مصر .
أما الضربة الثاية و التى كانت أكثر ايلامنا هى تخارج البرادعى وبعض الرموز و التى كانت قريبة من الحكم ، و ذلك بعد فشل محاولتهم الابقاء على دور للاخوان أو الترويج لمشروع المصالحة ، بل الادهى أنكشاف الدور التأمرى لعنصر ليبرالية و حركات سياسية كانت تراهن عليها واشنطن لزغزعة النظام و ضرب الاستقرار .
أما بالنسبة للموقف السورى فلم يقل دراميتيكية عن الموقف المصرى ، فقد حاولت أسرائيل و واشنطن أنهاء الدور العلوى بدمشق و أحلال حكم الاخوان بدلا منه و تنفيذ مخطط هرتسليا و الذى كان من اهم توصياتة توجه عملية عسكرية تحت غطاء دولى ضد النظام السورى ، و دعم عمليات المعارضة ضد النظام ، إلا ان تل ابيب فوجئت بعناصر جيش النصرة و المولية للقاعدة على حدود الجولان ، مما أربك حسابات أمريكان و دفعها لاعادة حسابتها مع نظام بشار عدو أسرائيل و هو فى الحقيقه الامرالصديق اللدود لتل أبيب و الذى لم تشهد الحدود السورية الاسرائيلية أية أنواع من التوتر طوال فترة حكمة ، مما دفع الادارة الى التنسيق مع روسيا فى سيناريو متفق علية لنزع السلاح الكيماوى من سوريا و الابقاء علي الصراع الداخلى ، سواء من خلال مفاوضات جنيف 2 أو استمرار العمليات العسكرية لانهاك النظام و ابتزاز الخليج و تحيقيق أمن أسرائيل ، هذا بجانب تورط حزب اللة الحليف الشيعى للعلويين فى المواجهه على الاراضى السوريه فى تحد لانقرة و دول الخليج ، نتج عنة أنتقال الصراع الى العاصمة بيروت و وتفجير الموقف بين حزب اللة و الاحزاب اللبنانية المعارضة للسياسة السورية ولموقف الحزب ، و أيضا أحتدام الصراع الشيعى الشيعيى بين حركة أمل و حزب اللة ، فضلا عن الدور الاستخباراتى الذى قامت به أسرائيل من خلال أغتيالها رموز عسكرية محسوبة على الحزب أو الحرس الثورى .
ومن جانب أخر ظهر على الساحة الدولية مشكلة اللاجئين السوريين و الذين يقدر أعدادهم بحوالى ثلاثة مليون لاجئ موزيعين بين بعض العواصم الاروبية و الاردن ومصر و تركيا و لبنان ، و التى بدأت ترصد لهم الامم المتحدة أعانات عاجلة ، حيث بدأت بعض الدول كالاردن و تركيا و لبنان توظيف هذا الملف لصالح لعب دور أقليمى أو للحصول على معونات أقتصادية .
أما بالنسبة للموقف مع أيران فقد كان تحول الادارة لفتح علاقات مع أيران الاكثر نجاحا فقد تمكنت الادارة من خلال هذا التقارب التكتيكى مع طهران الى ضرب أكثر من عصفور بحجر و احد ، وقد كان من الملفت للنظر أن منظمة الايباك الصهيونية دعمت ذلك بل و باركت تحرك الادارة تجاة التقارب مع طهران ، فبهذا التقارب تمكن واشنطن على الصعيد الاقتصادى من عقد صفقات جانبية مع أيران للخروج من أزمة أستحقاق المرتبات الحكومية لموظفى الحكومة الامريكية و التى كادت تعصف بأدارة أوباما ، بل ونجحت فى توظيف أكبر ستة شركات تعمل فى مجال النفط لتوقيع عقود أحتكار مع طهران ، هذا بجانب وضع وطأة قدم فى منطقة غرب أسيا لمنافسة الدور الصينى و الروسى بل وعلى حساب الاقتصاد التركى و الذى انتعش على حساب الحصار الاقتصادى المفروض على أيران ، أما على الصعيد السياسى فقد كان التقارب الامربكى الايرانى هو بمثابة ضربة قاسمة لنفوذ انقرة و تهذيب لسياسة أوردغان ، بل وتمهيد لمسرح العمليات السياسى للاعلان عن صراع جديد بالمنطقة بين أيران و تركيا ، هذا بجانب ضمان واشنطن أستمرار الصراع المذهبى الشيعى السنى من خلال حفاظ أمريكا على دور ايرانى قوى ، بل فى حقيقة الامر فأن بقاء هذا الدور سوف ينسحب بشكل مباشر على أمن و أستقرار السعودية و دول الخليج ، مما يزيد من فرص زيادة الاستثمارات الامريكية على الصعيد الامنى و العسكرى فى تلك الدول .
ومن جانب أخر فقد حقق التقارب الامريكى الايرانى نتائج غير ملموسة سواء على صعيد الملف السورى أو ملف حزب اللة اللبنانى أو حتى بالنسبة للقضية الفلسطينية و الدور الذى تلعبة حماس ، لاسيما بعد سقوط الاخوان فى مصر و خسارة حكومة حماس السند السياسى و الشريك الداعم .
أما بالنسبة لتركيا فقد شهد عام 2013 حالة من التباين بين بزوغ نجم تركيا و أنكسارة ، فمع بداية ثورة 25 يناير لعبت تركيا دور لصالح أدارة أوباما لدعم الاخوان بل و نجحت بمساعدة الاخوان على غزو مصر ثقافيا و أقتصاديا و التنسيق مع التنظيم الدولى للعب دور بشأن مشروع الامارة و الخلافة الاسلامية ، وفى أطار سياسة أزدواجية قامت أمريكا و أسرائيل بدعم الدور التركى على حساب مصر فى مختلف القضايا الاقليمية ، بما فى ذلك المشكلة السورية و المصالحة الفلسطينية ، الا أنة بعد سقوط الاخوان أصيب أوردغان بلوثة سياسية أفقدتة أتزانة و أخرجتة عن شعورة وعن كافة الاعراف و القواعد الدبلوماسية ، اتدت الى قيام القاهرة بطرد السفير التركى فى سابقة لم تحدث بين البلدين ، و قد ترتب على هذا الموقف العديد من التداعيات على أنقرة أهمها تأثر علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج و خروج تركيا من حسابات واشنطن فى الملف السورى أو حتى من الملف الفلسطينى ، وقد تواكب ذلك مع زيادة النقمة الشعبية ضد أوردغان و حزب التنمية و العدالة بعد الاعلان عن قضايا الفساد و استقالة أكثر من وزير , واتهام أفراد عائلة رئيس الحكومة فى تلك القضايا ، و هو ما ينبئ بأن عام 2014 سيشهد بداية صراعات داخلية تركية و فترة عدم أستقرار ، قد تلعب فيها واشنطن دور خفى لتهيئة بداية الصراع التركى الايرانى وفق سياسة الاحتواء المذدوج التى تغذيها الادارة الامريكية من أجل ضمان استمرار الصراع فى المنطقة و هو مؤشر الى أقتراب نهاية حكم الاحزاب الاسلامية فى تركيا و أقتراب عودة حكم المؤسسة العسكرية الاقرب لواشنطن و تل أبيب .
أما بالنسبة لملف المصالحة الفلسطينية ففى خلال عام 2013 و بوصول الاخوان للحكم فى مصر احرز هذا الملف تقدما تكتيكيا غير مسبوق ، بدء بأعتراف أمريكى أسرائيلى بحكومة حماس ، ثم اشراف مصر على الهدنة بين حماس و أسرائيل ، اعقبة محاولات حكومة مرسى تطبيع العلاقات التجارية و الصناعية مع غزة فى خطوة أستباقية لمشروع الswap ، فى الوقت الذى تقدمت فية أسرائيل بعدة حلول سياسية للتفاوض من أجل الحل النهائئ بشكل يرفع عنها الحرج دوليا ، كانت جميها فضفاضة بدون مضمون أومحتوى حقيقى ، و فى الوقت الذى أتخذت فية أجراءات فعلية لتهويد القدس ، الى أن بدأت تحركات كيرى الماكوكية بهدف تحسين صورة الادارة الامريكية بعد أن أستشعرت واشنطن بحجم الكراهية التى يكنها رجل الشارع العربى للادارة بعد أن أنكشف لة أبعاد سياسات و اشنطن لنشر الفوضى الخلاقة و ثورات الربيع العربى و التى كان لها أثار سلبيية على أستقرار المنطقة ، ومن جانب أخر بدأت حماس التحرك فى محاولة منها للحفاظ على دورها ، بعد سقوط حكم الاخوان فى مصر ، و قيام السلطات المصرية بأتخاذ مواقف متشددة ضد الحركة ، بسبب تصرفاتها العلنية و المعادية لثورة 30 يونيو ، حيث بدأت التحرك على مسارين بهدف تثبيت أقدامها داخل غزة ، الاول من خلال قيامها بتصعيد الموقف الامنى على الحدود مع أسرائيل بغرض جر أسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية ضد القطاع و فرض حصار محكم على غزة ، و بما يضمن لحكومة حماس أحراج مصر ، وتدخل الجامعة العربية و المجتمع الدولى لوضع ضوابط تحافظ على الامور الحياتية داخل القطاع ، و تمكن حكومة حماس من الاستمرار فى حكم القطاع ، ومن جانب أخر هدفت الحركة و بالتزامن مع الجهود الامريكية لدفع عملية لسلام الى تفجير الموقف الامنى ، بهدف أعطاء زريعة لليمين الاسرائيلى المتطرف لرفض أية قيود أمنية يطرحها كيرى على تل أبيب ‘ بهدف أفشال المفاوضات المزمع أجرائها ،و للتأكيدلاسرائيل أنهم طرف مفيد يجب الحفاظ علية لضمان عدم أستمرار المفاوضات ، فضلا عن تحويل الجهد العربى تجاة المصالحة الفلسطينية بدلا من الضغط على أسرائيل للدخول فى مفاوضات الحل النهائى ، وهو ما يؤكد أن تحركات كيرى لن تحقق أى تقدم ملموس فى المفاوضات خلال عام 2014 .
كل هذه الشواهد و المعطيات شكلت أبعاد الصورة الحقيقية للحركة الدبلوماسية للادارة الامريكية خلال عام 2014 ، و التى جاءت لتعبر عن النوايا الخبثة لواشنطن وحقيقة مصالحها فى المنطقة ولتحقيق هدف واحد هو السيطرة على المنطقة و أضعافها وجرها تجاة الصراعات العرقية و المذهبيه و ضمان أمن أسرائيل