حقا لأمر مرعب أن يظل الإنسان سائرا فى طريق ظانا أنه الطريق الصحيح حتى يصل الى نهايته ليفاجأ ، كما العذارى الجاهلات ، بالحقيقة المرة وهى أنه سلك طريقا خاطئا وهو إذ يراجع نفسه يتعجب إذ يجد أن العلامات التى استرشد بها على الطريق ظانا أنها علامات لا تخيب هى ذاتها العلامات التى تسببت فى ضلاله! فيا للعجب أن يصير التنبؤ وإخراج الشياطين وصنع القوات الكثيرة علامات كاذبة خادعة! فأية علامة يا ترى هى الأقوى والأصدق والجديرة بالاتباع؟.                                                 

يحدثنا نيافة الأنبا يوسف أسقف تكساس عن علامات ثلاث تضمن للإنسان طريق الخلاص ، الملاك الذى بشر الرعاة بميلاد السيد المسيح وضع لهم علامة تضمن سلامة وصولهم الى المذود قائلا لهم : "ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص العالم هو المسيح الرب وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا فى مذود" ، أى أن العلامة الصحيحة الدالة على تحقق الخلاص هى طفل ، مقمط ، مضجع فى مذود ، طفل تعنى أن السيد المسيح اختار أن يتجسد كطفل وليس كإنسان بالغ ، فيبدو أن مجرد التجسد  لم يكن علامة كافية على إخلاء الابن لذاته ، لكنه اختار إخلاء فوق إخلاء بأن يتجسد كطفل يحتاج للرعاية مع أنه راعى الرعاة ، طفل لا يعرف الكلام مع أنه كلمة الله ، طفل تحتويه الأحضان بينما هو الذى يتكىء فى حضنه الآتون من المشارق ومن المغارب. أما كلمة مقمط ، القماط هو قطعة من القماش يلف بها الطفل حديث الولادة حول وسطه كدعامه لعموده الفقرى الضعيف ولعل قماط السيد المسيح يذكرنا بالمنشفة التى ائتزر بها عندما انحنى ليغسل أرجل تلاميذه وهو يذكرنا ايضا بالأكفان التى لف بها جسده عند موته ودفنه، القماط والمنشفة والأكفان تشترك جميعها فى كونها رمزا للتواضع النابع عن إخلاء الذات.                                                     

 مضجع فى مذود ، كلمة مضجع تدل على استسلامه لآخرين يضجعونه وهو يذكرنا بقول السيد المسيح لبطرس "الحق الحق أقول لك: لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء، ولكن متى شخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء" ، هذا يدل على حياة التسليم الكامل التى تتأتى من التواضع النابع من إخلاء الذات، هذه هى العلامات الثلاث الدالة على طريق الخلاص، إخلاء الذات، التواضع، حياة التسليم الكامل ، إن وجدت فى أنسان ضمن طريق النجاة وسلامة الوصول.