كان كمال حمادة يصنع أفضل كعكة شوكولاتة في كابول، ويعد مطعمه اللبناني الأفضل في العاصمة الأفغانية، وكان يظن أن لديه أفضل خطة إخلاء.
لكن خطته لم تكن فعالة بحيث تنقذه والآخرين ممن ماتوا في هجوم طالبان على مطعمه "تافيرنا دي ليبون"، الواقع في شارع هادئ بأقدم ضواحى العاصمة الأفغانية، ولم تنقذ إجراءات السلامة لديه الكثير من الأرواح.
ويتردد أن كمال خرج من مكتبه ببندقية لقنص من اغتالوه، إلا أنه قُتل بالرصاص أثناء دفاعه عن مطعمه.
لم يكن من المتوقع أن يتصرف كمال بشكل مختلف، فقد تعرض مطعمه للهجوم من قبل، ودائمًا ما كان يقول إن بندقيته جاهزة للدفاع عن المطعم ورواده ممن أضفوا عليه طابعا خاصا.
وعندما حُبس بعض من يعملون لديه في شجار محلي منذ بضعة سنوات، أصر كمال على الدخول إلى السجن معهم، ظنًا منه أن وجوده سيسرع من عملية الإفراج عنهم. وقد كان.
في كل مرة زرت بها كابول، كان يقدم بكل فخر آخر الوصفات التي يقدمها طهاته الأفغان واللبنانيون الذين أقنعهم بالقدوم معه للعاصمة الأفغانية.
ودائمًا ما أطلعني على الاحتياطات، كالمزيد من الأبواب والأسلحة والقواعد، التي كان يتخذها لتواكب متطلبات الأمن وفقًا لمعايير المنظمات الأجنبية والأفغانية.
نذير شؤم
وفي تطور مأساوي، مات صديقه اللبناني وابل عبد الله، ممثل صندوق النقد الدولي في كابول، أيضًا تلك الليلة، عن عمر 60 عامًا.
لقد رأيتهم كثيرًا في المطعم، يسترجعون ذكريات الأرض التي تركوها خلفهم، ويتحدثون عن المكان الذي قد صاروا يدعونه بيتهم.
وبعد ساعات من وقوع الانفجار لا تزال التفاصيل تظهر حول هوية من ماتوا أثناء ما بدت أنها ليلة هادئة في أفضل مطعم لبناني في كابول.
وقد فعل كمال كل ما بوسعه ليجعل من مطعم تافيرنا بيتًا للكثير من سكان كابول، وإن كان يبعد عن الوطن.
فكان دائمًا ما يجلب ضعف الكمية المطلوبة بغض النظر عن نوع الطعام الذي اشتهيته، وعندما كان يشاركك طاولتك كان يضيف المزيد من الطاولات لتكبر الصحبة.
ذات ليلة دعوته لينضم إلينا بينما كنا نناقش فيلمًا ننوي تنفيذه عن ميدان شهير في كابول ظل لمدة قرون مركزًا للملوك ورجال الحاشية، وكان يدعى بلغة أفغانستان الدرية "أخبار الميدان".
واقترح كمال علينا حينها، بضحكته المميزة، أن يشمل الفيلم أكثر طرق التتبع حداثة –منطاد المراقبة الأبيض، العين التي تتمايل فوق القصر الرئاسي.
وقال زميلي في بي بي سي، بلال سرواري، إن مهاجمي طالبان يقومون بعمليات البحث الخاصة بهم قبل تنفيذ عملياتهم، فقد أخبرته الشرطة أنهم يحضرون بـ"الخرائط، والبلح، ومشروبات الطاقة" من أجل القيام بعملية "منظمة للغاية ومخطط لها بعناية".
وعندما اقتحموا الأبواب لم يفجروا المكان فقط لكنهم أيضًا دمروا الأمل الضئيل في أن كابول من الممكن أن تكون دائمًا المكان الآمن الذي كان يريده كمال حماد لتافيرنا.
فقد كتب بلال في تغريدة على تويتر "إن كابول تنزف، وكذلك قلبي معها."
وفي عام هام كان من المفترض أن يقيس مدى قوة الأمن والاستقرار الأفغاني، كانت هذه الحادثة نذير شؤم لأن الضوء الغالي في المدينة قد انطفأ.