الاثنين ٢٠ يناير ٢٠١٤ -
٥٧:
٠٦ م +03:00 EEST
بقلم منير بشاى
فى 14 و 15 يناير 2014 خرج الشعب المصرى ليدلى برأيه فى دستور مصر الجديد الذى هو اول خطوات خارطة الطريق. قال نعم 19.9 مليون من مجموع المشتركين وعددهم 20.6 مليون اى بنسبة 98.1%. وهى نسبة غير مسبوقة فى تاريخ الديمقراطيات الحديثة. هذا بالاضافة الى انها اكثر الانتخابات شفافية ونزاهة. لا شراء للاصوات ولا رشاوى ولا تزوير ولا سكر ولا زيت. وربما يعود هذا التأييد غير العادى الى مشاعر الشعب غير العادية ورغبتهم فى ازاحة ذلك الكابوس الذى كان يجثم على صدورهم. هذه المشاعر لا تخطىء العين ملاحظتها فى من اشتركوا فى الاستفتاء من امثال تلك السيدة التى تبلغ من العمر 124 عاما، وذلك الرجل الذى جاء وهو يحمل معه اسطوانة الاوكسيجين، والسيدة المسنة التى اخذت ترقص، وذو الاحتياجات الخاصة الذى جاء زاحفا على يديه ورجليه، والنساء الاتى كن يزغردن فرحا وكأنهن فى عرس.
كان هذا الاستفتاء حسب الظاهر هو على الدستور ولكنه فى حقيقة الامر كان أيضا استفتاء على اشياء كثيرةهامة قال لها المصريون نعم.
نعم للدستور
لم يكن الدستور خاليا من العيوب ولكنه كان افضل كثيرا من سابقه. كان واضحا ان الدستور قد صيغ بطريقة توافقية لارضاء اكبر عدد من المواطنين.وكان الكل يعرف انه ليس فى الامكان ارضاء جميع الاطراف وبالذات فى بعض المسائل الحساسة. وقد قبل الناس ان يمرر الدستور حتى يمكن عبور هذه المرحلة والوصولالى المراحل التالية. ولذلك قال الجميع نعم للدستور مع التحفظ على نقاط الخلاف وتأجيلها الى وقتيكون اكثر ملائمة لاعادة نقاشها ومحاولة تعديلها.
نعم للثورة
منذ ان قامت ثورة 30 يونيو التى اطاحت بالاخوان والاصوات المعارضة لا تتوقف. كان من الطبيعى ان يرفض الاخوان الثورة على اساس انها قضت على ما اسموهبالشرعيةالتىأتت بهاالصندوق. وهم طبعاتغافلوا عن عمد ان ثورة 30 يونيو كانت تحظى بشرعية اكبر حيث انها تمثل نحو ثلاثة اضعاف عدد من صوتوا على انتخاب مرسى. وفى نفس الوقت كانت بعض دول الغرب تصر على تسمية ما حدث على انه انقلاب عسكري. وجاءالتصويت ب نعم فى الاستفتاء بنسبة 98.1% لينفى مزاعم الانقلاب هذهوليكون تأييدا جديدا على انها كانت ارادة الشعب.
نعم للسيسى
منذ ان قام الفريق أول عبد الفتاح السيسى بتلبية مطالب الشعب فى اسقاط حكومة الاخوان حدث إلتفافاشعبياحول هذا الرجل واقتناعا انه القادر ان يقود دفة الوطن الى بر الأمان. ولذلك حدثت مطالبات عديدةله ان يرشح نفسه لمنصب الرئاسة. ولكنه كان مترددا فى قبول المنصب خشية ان يصبح وجوده فى الحكم سببا فى خلق المشاكل لمصر ممن قد يتخذون هذا دليلا على تأكييد ان السيسى قام بانقلاب عسكرى لأطماعه الشخصية فى الحكم. وجاء هذا الاستفتاء ليؤكد ان الأمر كله كان ارادة الشعب وازال اى حرج عن السيسى يمنعه من قبول الترشح للرئاسة.
نعم لمصر
كان خروج هذه الملايين وتصويتهم بنعم للدستور هو تصويت بنعم لمصر بلا اخوان. وكان هذا تأكيدا على ان مصر دولة لها شخصيتها وتفردها التى ظهرت فى كل تاريخها العريق.مصر لن تقبل ان فصيلا ضالا يسرقها ويغير مسارها ويخطط لبقائه جاثما على انفاسها على مدى 500 سنة. ولكن ما حدث هو العكس فمصر لم تمكنهمن البقاء فى الحكم سوى عاما واحدا. كانت مصر قادرة ان تنفضه عنها كما فعلت مع الهكسوس ومع كل الغزاة والمحتلين.
نعم للاقباط
كان التصويت بنعم للدستور هو تصويت للتعددية التى أصبح الاقباط جزءا فاعلا فيها. سقطت نظرية سلبية الاقباط، واعترفت بذلك جماعة الاخوانذاتها التى قدرتمشاركة الاقباط بنسبة تفوق اضعاف ما كانوا يزعمونه انه عددهم. وظهر صمود الاقباط وذكاؤهم ووطنيتهم عندمافوتوا على هذه الجماعةجرهم الى فتنة طائفية ضد شركاء الوطن. وكان ال نعم فى هذا الاستفتاء هو نعم لاعتراف الدولة بالاقباط كشركاء اصلاء فى المواطنة وحب مصروتأكد هذا فى زيارة رئيس الجمهورية لتهنئة قداسة البابا بعيد الميلاد لأول مرة فى تاريخ مصر.
بعد فترة من الألم والكدر والتراجع للوراء،صوّت المصريون بنعم على الدستور وعلى قضايا أخرى. الأمور عادت لتسير فى الاتجاه الصحيح، والأمل فى غد افضل يلوح على الافق.