الأقباط متحدون - شاهت وجوههم لماذا يشوهون فرحة مصر؟
أخر تحديث ١٦:٤٧ | الاثنين ٢٠ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ١٢ | العدد ٣٠٧٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

شاهت وجوههم لماذا يشوهون فرحة مصر؟

أمير الشعراء أحمد شوقى
أمير الشعراء أحمد شوقى

بقلم   د. يحيى الجمل  

 لست أدرى لماذا استعدت فى ذهنى الآن بيتاً من أبيات أمير الشعراء أحمد شوقى يقول فيه:

عادت أغانى العرس رجع نواح ونُعيت بين معالم الأفراح
ما حدث فى كلية الحقوق فى جامعة القاهرة وما حدث فى حجرة العميد ومصر كلها فى حالة فرح بما تم فى الاستفتاء ذكرنى بهذا البيت الحزين.
 
لماذا يحرص هؤلاء الناس كل هذا الحرص على تشويه فرحة مصر وحرمانها من بهجتها.
الألم الذى أحسه باعتبارى أحد أساتذة هذه الكلية منذ أكثر من نصف قرن لا يدانيه، ألم كنت أنا وغيرى من الطلبة المتفوقين البارزين فى الكلية والقريبين من كثير من أعضاء هيئة التدريس وكبار الأساتذة أمثال الشيخ عبدالوهاب خلاف والدكتور السنهورى والدكتور وديع فرج كنا نمر أمام باب حجرة العميد ونشعر بنوع من الرهبة والتوقير بل إنه حتى السعاة الذين كانوا يقفون على باب العميد كانوا يلقون منا غير قليل من الاحترام أيضاً. إلى هذا المدى كان شعورنا ونحن طلبة فى ذلك المعهد العريق – أقدم معهد لدراسة الحقوق فى الوطن العربى والذى مر على نشأته قرابة قرن وعشرين عاماً منذ تأسست مدرسة الحقوق التى خلفتها الكلية التى أحببناها وعشنا بين جدرانها سنى العمر كله. لا أذكر أنى دخلت حجرة العميد طوال الأربع سنوات التى قضيتها فى الكلية رغم أنى وأنا فى السنة الثالثة كنت عضواً فى اتحاد الطلبة وكنت من المتفوقين القريبين من كبار الأساتذة الذين ذكرت بعض أسمائهم. وبعد أن مرت الأيام وتخرجت وعينت فى النيابة العامة ثم حصلت على الدكتوراه وعينت فى الكلية مدرسا دخلت حجرة العميد لأول مرة.
 
ومازلت أذكر الروعة التى أحسستها عندما دخلت حجرة العميد لأول مرة. وأظنه كان المرحوم الأستاذ الدكتور جابر جاد عبدالرحمن – الذى صار بعد ذلك رئيساً لجامعة القاهرة – والذى كان قريباً من جمال عبد الناصر. وعلى جدران حجرة العميد كانت صور العمداء السابقين التى حطمها ومزقها هؤلاء الأوغاد الجهلة الذين لا ينتمون إلى هذا البلد ولا إلى هذا المعهد العريق.
 
كانت هناك صور هؤلاء العمداء الذين تولوا المنصب منذ أكثر من مائة سنة. كان منهم عدد من كبار الأساتذة الفرنسيين– لامبير وديجى بل وكان منهم أستاذ بريطانيا كبير يبدو أنه كان عميداً أثناء الاحتلال الانجليزى لمصر. وكان أول عميد مصرى للكلية هو «على ماهر باشا» الذى أصبح بعد ذلك أول رئيس للوزراء فى عهد ثورة يوليه ١٩٥٢. كل هذا التراث وكل هذا المجد وكل هذه الروعة يتلفها هؤلاء الحمقى الجهلة الذين أقطع بأنهم عملاء لأعداء هذا الوطن والذين كانت ضعتهم ونذالتهم تتجلى فى يوم كان فيه الفرح يعم مصر كلها بما تحقق فى ذلك الاستفتاء غير المسبوق على الدستور والذى شارك فى التصويت عليه نسبة من أعلى نسب الاستفتاءات فى العالم – أكثر من ٤٠ فى المائة ممن لهم حق التصويت – وقال أكثر من خمسة وتسعين فى المائة منهم نعم لمشروع الدستور وبذلك وضعوا نهاية لفترة من حياة مصر السياسية وبدأوا فترة أخرى شديدة الأهمية بالغة الخطورة بعيدة التأثير على مستقبل هذا البلد.
 
أنا ألتمس للمواطن العادى العذر إذا لم ينتبه لهذا الحادث المؤلم وألتمس للصحافة العذر أيضاً لأنها لم تعط الموضوع ما يستحقه من الألم الذى أحسسنا به نحن الذين عشنا فى رحاب هذا المعهد العريق عمرنا كله.
 
قد أكون واحدا من القليلين الذين لم يفضلوا على مكانهم فى هيئة التدريس فى هذا المعهد مكاناً آخر. فى شبابى اعتذرت عن عدم الاستمرار فى المنصب الوزارى وقلت للمرحوم ممدوح سالم – والأخ الكبير أستاذنا الدكتور عبد العزيز حجازى يشهد على ذلك – عندما طلب منى الاستمرار معه فى الوزارة قلت له إننى أوثر أن أعود إلى عملى فى الجامعة وكنت أيامها على ما أظن مازلت أستاذاً مساعداً فى الكلية، ولم يجد ممدوح سالم – رحمه الله– بدا من قبول رغبتى عندما أدرك صدق إصرارى عليها. ومازلت حتى اليوم لا أحب أن أقدم نفسى أو يقدمنى غيرى بغير صفة الأستاذ فى كلية الحقوق.
 
إن علاقتى بهذا المعهد أشبه بعلاقة غرامية. من الذى يتصور أننى عندما اخترت شقة أسكن فيها كنت سعيداً عندما كنت أنظر من نوافذها لأرى كلية الحقوق أمامى غير بعيد. نعم هو نوع من الغرام النفسى والعلمى وهذا كله يعد ويعكس مدى الحزن والألم الذى أحسسته عندما علمت بما حدث للكلية وما حدث لحجرة العميد بالذات من إهانة وتخريب وما حدث من قتل لأحد طلاب الكلية ممن لا ذنب لهم ولا جريرة.
 
لماذا يأبى هؤلاء الخونة والعملاء أن يتركوا الشعب المصرى يعيش فرحته بدستوره الجديد ولم لا يتركونه يستعد للمرحلة القادمة بالغة الأهمية والخطورة التى تحتاج منا جميعاً أن نضع أيدينا فى أيدى بعضنا البعض من أجل أن نبنى هذا البلد البناء العظيم الذى يستحقه.
 
وعندما يحين يوم ٢٥ يناير بعد قرابة أسبوع من الآن سأتحدث عن ذكرى هذا اليوم عندما كنا طلاباً فى السنة النهائية فى كلية الحقوق.
 
ولن أريد أن أختم هذا المقال قبل أن أوجه التهنئة إلى هذا الشعب العظيم على ما حققه فى الاستفتاء وأنا أناشد كل المواطنين بغير استثناء لأن نشمر عن ساعد العمل جميعاً من أجل بناء مصر المستقبل.
 
مصر تستحق منا الكثير والكثير فهيا بنا نتكاتف ولا نتردد جميعاً لكى ندحر قوى الشر والظلام.
نقلأ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter