الأقباط متحدون - حتى لا يقع السيسى فى خطأ أورفيوس
أخر تحديث ١٨:١٥ | الخميس ١٦ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٨ | العدد ٣٠٧١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حتى لا يقع السيسى فى خطأ أورفيوس

السيسي
السيسي

مي عزام

 بعد معركة الدستور ستبدأ معركة الانتخابات الرئاسية، ويذكرنى ذلك بمشهد الانتخابات فى فيلم «إمبراطورية ميم»، حين قرر أولاد فاتن حمامة ممارسة حقهم فى الاختيار وإجراء انتخابات من يفوز بها يدير البيت، وكانت النتيجة إجماعا على الأم، فلم تكن هناك رغبة حقيقية فى التغيير، ولكن فقط فى الممارسة الديمقراطية.

 
الأحداث بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أظهرت أن الشعب المصرى ليست لديه رغبة حقيقية فى التغيير، ولكن فقط إثبات حقه فى الاعتراض لا أكثر ولا أقل، وأنا أتراجع عما جاء فى مقالى «موت الرئيس»، الذى كتبته قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية فى 13 يونيو 2012. وجاء فيه «المتغير الأساسى فى ثورة يناير أنها أعلنت (موت الرئيس الأب)، وكان هتاف (ارحل) الغاضب والعنيد أشبه بصيحة نيتشه عن (موت الإله) فى كتابه (هكذا تحدث زرادشت)، التى اعتبرت حينذاك بداية عهد جديد يؤصل لوجودية الفرد ويسعى لرفع قيمة البطل الإنسان».
 
فالشعوب الاتكالية مثل شعبنا لم تفطم بعد، ومازالت تريد رئيسا أبا، يحمى ويعتنى وليس مجرد موظف رفيع المستوى فى خدمة الشعب، وفرق كبير بين الرئيس الأب والرئيس المدير، ناصر مازال حاضرا فى الأذهان لأنه كان رئيسا أبا، تفانى فى خدمة الشعب، ولكن تسلط عليه أيضا بصفته الأبوية، فلقد حمل على عاتقه أن يحضر لأبناء الشعب سمكا ولم يفكر أن يعلمهم الصيد، فأنشأ المساكن الشعبية، وقنن نظام إيجار أبديا حتى يعيش أبناؤه مرتاحى البال، ولذلك خص الفقراء والضعفاء برعايته، بعض هذه القرارات كان بعيدا عن الحكمة وبعد النظر، فكان من الطبيعى أن يشعر الفقراء والضعفاء باليتم من بعده، لم يأت بعد ناصر رئيس أب، رغم أن كلا من السادات ومبارك وحتى مرسى كانوا يخاطبوننا دائما بصفتنا أبناءهم.
 
وها نحن من جديد نبحث عن رئيس أب، ومن هنا كان الالتفاف الشعبى حول السيسى، فهو منقذ مصر من نظام لا يصلح لعصرنا يفتقد الوعى بمكانة مصر وقيمتها، وفى الشدائد والمحن تتجه دائما الأنظار إلى المنقذ، وهو الآن الفريق السيسى، بصفته القادر على التغلب على كل تلك الصعاب وإيجاد حل لكل المشاكل.
 
تعلق الشعب بحب السيسى هو تعلق الابن بأبيه القوى القادر الحازم والعطوف، وهذا مفهوم ومقدر، ولكننى أخشى أن يقع السيسى فى فخ الأبوة، فحياة الأب الرئيس قصيرة ومرهقة، وهى مرحلة مؤقتة لابد لأى شعب أن يتجاوزها لو أراد التقدم والنهوض والتنمية.
 
الإعلام والجماهير يضغطان على السيسى، محاولين إلباسه قميص عبدالناصر، وهو ما لا يمكن أن يكون، فالزمن لا يعود أبدا للوراء، كل الحكايات والأساطير تدعوك ألا تنظر للخلف وإلا خسرت ما بين يديك ومستقبلك أيضا، كما حدث مع أورفيوس، صاحب القيثارة السحرية التى كان يخلب بموسيقاها الألباب ويطوع بها الشجر والحجر وتتبعه الحيوانات أينما سار، حينما فقد حبيبته وزوجته يوريدس، واستطاع بموهبته الوصول لعالم الموتى وموافقة حراس هذا العالم على أن يرحل بحبيبته بشرط ألا ينظر إلى الخلف، وكاد يخرج بحبيبته من العالم السفلى إلى الحياة الدنيا ولكن.. ولكنه نسى، ونظر للخلف ليتأكد أن حبيبته تتبعه ففقدها للأبد. أؤيد السيسى رئيسا لمصر، ولكن بشرط ألا يقع فى خطأ أورفيوس حتى لا يفقد مصر إلى الأبد.
نقلأ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع