الأقباط متحدون - مشاهد من الاستفتاء
أخر تحديث ٠٣:٠٥ | الاربعاء ١٥ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣٠٧٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مشاهد من الاستفتاء


بقلم مينا ملاك عازر

 السيدة العجوزة التي يتراوح عمرها ما بين الخمسة وثمانين والخمسة وتسعين، والتي تتكئ على عكاز ثلاثي الأرجل، لا يهمها سنها، ولا عجزها، ولا آلامها، لكن يهمها بلدها، فتنزل لتستفتي وتقول نعم للدستور، ولا للإخوان، رجل الجيش المسئول عن التنظيم يفسح لها الطريق ويقول لمن حولها هاتوها لا تتركوها تنتظر.

سيدة أخرى عجوز تجلس جواري تنتظر دورها لتستفتي على الدستور، تقول إحنا استوعبنا الدرس مش حانسمح للإخوان تاني يمشونا إحنا إللي حانمشيهم من البلد، فأقول لها دي بلدهم برضه، فتقول بحدة وكأنها تظن في أني طابور خامس، وهي إللي بلدهم يخونوها ويبيعوها ويقسموها!؟ فأنفي هذا، وأقول لك حق لكن لو عقلوا ما يجراش حاجة نستوعبهم، فتحتد أكثر وتقول لا دول كذابين إوعى تصدقهم.
سيدة محجبة، تتخذ من علم مصر حجاباً لها، تنزل لتستفتي وكأنها اختارات حجابها لترض ربها بحسب مفهومها لدينها، وعلم بلادها لترض وطنها، إذن هي جمعت بين رضا الرب ورضا الوطن.
 
عندما ذهبت للاستفتاء، وصلت أمي للجنة التي ستدلي بصوتها فيها، وجدت طابور من السيدات طويل خارج المدرسة التي بها اللجنة، وأطول منه داخل المدرسة في فناء المدرسة، وقالت لي أمي حينما نزلت أن فوق الزحمة أضعاف ما هو تحت، ووجدت رجال الجيش والشرطة يتعاملون بمنتهى الآدمية والاحترام والزوق مع المستفتين، والناس يدعون لهم أن يحفظهم الله، ويحميهم من كارهي الوطن والخونة والسفاحين والإرهابيين.
 
وفي لجنتي حيث يدلي الرجال باصواتهم كنت أظن أثناء ذهابي أن الزحام سيكون أقل لأن الوقت صباح، وعدد الرجال اللذين يعملون أكثر من السيدات، فكنت أعشم نفسي بلجنة قليلة عدد المشاركين بها، فاندهشت وذُهِلت لما وجدت أن الأعداد هي أضعاف خارج المدرسة وداخلها.
 
غياب الإخوان عن الاستفتاء لم يجعلني أرى أولائك اللذين كانوا يجلسون بحاسب آلي لإرشاد الناس للجانهم وحثهم على التصويت بما هو في مصحلة الجماعة وليس في مصلحة مصر، رغم أن ذلك أثلج صدري إلا أنه أحزنني لغباء وبطء وترهل الأحزاب السياسية المدنية التي لا تتبع الحد الأدنى مما عليها من واجب لإرشاد الناس، وتكتفي بإعلانات تليفزيونية، وتعيش بعيدة عن الشعب في أبراج عاجية.
رؤية السلاح جاهز مشهر في وجه أياً من تسول له نفسه أن يمس بأمن وبأمان الوطن، يعطي الجميع شعور بالراحة والطمأنينة فيزيد من راحة البال، ويزيل أي توتر أوقلق.
 
لم يبق لمصر إلا القليل لتتخطى مرحلة الإخوان،، وتتجه نحو التقدم ونسيان ما هو ماضي مؤلم، وتذكر حلم النهوض، نهوض حقيقي وليس كنهضة الإخوان التي كانوا يقصدون بها نهضة الجماعة على حساب الوطن.
وأخيراً المختصر المفيد ده لكل واحد قلق خايف، مرتعش بيحسبها مئة مرة قبل النزول أقدمه على لسان العظيم صلاح جاهين.
 
ولدي نصحت فيك لما صوتي إتنبح....
 
ما تخافشي من جني ولا من شبح....
 
وإن هب فيك عفريت أتيل اسأله....
 
ما دافعشي ليه عن نفسه لما اندبح....
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter