الأقباط متحدون - الوَعْيُ الانتِخَابِيُّ
أخر تحديث ١٩:٠٢ | الاثنين ١٣ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٠٦٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الوَعْيُ الانتِخَابِيُّ

القمص أثناسيوس جورج

إذا شئتَ أن تقول أنك مواطن أصيل، لا يكفي أن تدَّعي ذلك!! لكن يجب أن تثبته بحضورك. التواجد ليس تسلية ولا ثرثرة ولا أمنيات لكنه عمل شاق، به نكون وبه نعيش أحياء في بلادنا. فلنعمل إذن ولنَعِ ما يحيط بنا من مخاطر على رجاء غد أفضل. ليس هناك من ضامن إلا حفظ الله وستر العلي، كما في السماء كذلك على الأرض... انتماؤنا يعني حضورنا أمام مسئولياتنا جميعًا، لأن الذي يتهرب من المشاركة إنما يُعرِّض الوطن كله للخطر، يعرضه للتخلف وللرِدة الحضارية، يعرضه للانكفاء والرجعية والظلامية.
 
لنتعامل مع واقعنا بصحوة وإيجابية، ونذهب إلى واجباتنا لأنها مسئولية نعبِّر بها عن وجودنا مهما كلفنا، ونؤدي بها الأمانة تجاه الوطن وتجاه حاضرنا ومستقبلنا. مسئولياتنا أن نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. فلماذا نغيِّب حقيقة ما لقيصر في شأن الانتخاب؟! لا نستطيع أن نصيغ تطلعاتنا ولا أن نرفع معاناتنا، ما دمنا لا نشارك بما نقدر على فعله، من أجل صنع وطن لا تمييز فيه ولا تكفير ولا تخلف فيه.
 
المسيحي الحقيقي لا يتهرب من مسئولياته ولا من استحقاقاته الوطنية، ولكل واحد ضميره ووعيه وفهمه وتحليله الذي يتشارك فيه مع آخرين فيما ينبغي أن يختار. قد لا يعجبنا هذا أو ذاك، لكننا نتعامل مع الموجود ونتخير أفضل ما يحقق الخير للوطن وللكنيسة... متكلين على الله الذي يُخرج من الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة. فالله في نهاية المطاف في عنايته يُجري كل الأشياء للخير.
 
لا بد أن نعترف أن الوعي الانتخابي عندنا لم يصل بعد إلى المستوى الذي يؤثر في تغيير أوضاعنا القبطية، والذي يُجبر الظالمين والمتواطئين والمتفرجين على إنصافنا للحصول على حقوقنا المشروعة. مشاركتنا توصلنا إلى حقوقنا، لأنها حقوق وليست مطالب، وهي ليست مِنّة ولا منحة من أحد، لكنها حقوق غائبة لعقود غابرة. الأمانة تقتضي أن نرفع صوتنا من أجل الحقيقة ومن أجل الحق الساكن فينا، فمسيحنا هو الحق وجاء ليشهد للحق، وليُخرج الحق إلى النصرة، وعلى اسمه الذي هو الحق متجسدًا يكون رجاء الأمم.
 
وَعينا الانتخابي من أهم أولوياتنا القبطية والوطنية لتعزيز حقوقنا في المواطنة، ولمقاومة ما نتعرض له من عقاب جماعي وتمييز وتعصب وهدم وحرق وقتل، فننتقل إلى الدفاع والتحرك الإيجابي عبر المشاركة في التغيير... من وضع المدافع إلى وضع الشريك المشارك. والحقيقة التي لا مناص منها أن صوتنا مساهمة أمينة في وجود الكيان التشريعي والدستوري للدولة الحديثة، وفي تشكيل مصر المستقبل التي لن تتحقق بالتراخي والسلبية والفُرجة.
 
واباء الكنيسة الحكماء لم يتعاطوا قط بالسياسة ،لكنهم يشجعون علي الايجابية المخلصة للاوطان ،لتحقيق العدالة وقيم المواطنة علي ارضية وطنية ،من دون،الخوض في معتركات دهاليز السياسة والدخول في مستنقعات الضدية ،فالشان السياسي متروك لخيارات الجميع وفق حرية الاختيار والدراسة والتشاور، دون جبر أو إملاء أو وصاية، كي نختار المناسب. وعلى أية حال، في انتشارنا ومشاركتنا وقناعاتنا المتنوعة سيكون خيرنا. ووجودنا هو ملح يذوب، وخميرة تخمِّر، ونور يُشع، وسفارة، كأن الله يعظ بنا... لسنا ورقة انتخابية في يد حزب، ولسنا رهينة لفئة، لكننا مع الوطن كل الوطن، بتنوعاته وأطيافه التي تناسبنا على نحو إيجابي.
 
فليبارك الله في كل يد تعمل وتُخلص وتبني من أجل البشر والحجر، البلاد والعباد.
 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter