محمود خليل | الاثنين ١٣ يناير ٢٠١٤ -
٢٩:
١١ ص +02:00 EET
محمود خليل
بقلم محمود خليل
«من فضلكم متحرجوناش قدّام الدنيا».. كلمة حكمة شخّص بها الفريق «السيسى» التحدى الذى يواجهه شخصياً وتواجهه السلطة المؤقتة بكل عناصرها يومى 14 و15 يناير، ثلاثاء وأربعاء الاستفتاء على الدستور. لذلك فقد جاءت خطبة «الفريق» أمام ضيوف الندوة التثقيفية التى نظمتها القوات المسلحة بمناسبة المولد النبوى «دعوية تحريضية» تستحث الشعب على النزول للتصويت فى الاستفتاء. وقد كان «السيسى» واعياً للغاية ومستوعباً لطبيعة الأسرة المصرية وهو يدعو الأم المصرية على وجه الخصوص إلى النزول، على أن تصطحب معها «الأفندى» والأولاد!
النزول مطلوب حتى لا تتعرض «أم الدنيا» لأى إحراج قدّام الدنيا، خصوصاً أن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى أن مستوى المشاركة فى تصويت المصريين بالخارج على الدستور الجديد كان متدنياً، ولو تكرر هذا المشهد داخلياً فسيبدو الأمر وكأنه «جُرسة» أمام العالم. وقد كان من اللافت جداً أن يقول بعض الحضور لـ«السيسى»: «لو عاوز الشعب يقول نعم للدستور لازم تقول نعم للشعب وتترشح للرئاسة».. وهى كلمة حكمة أيضاً فهناك «شىء لزوم الشىء»، لكن المشكلة أن الفريق ترك أمر ترشحه عائماً، وكل ما ذكره خلال الندوة يؤكد على أنه بين نارين: «نار الترشح للرئاسة» و«نار الاكتفاء بوزارة الدفاع». وكل ما أخشاه أن يقابل الشعب هذا التميع فى الموقف بنوع من التميع فى حسم أمره من قضية النزول والمشاركة فى الاستفتاء!
أحد الحاضرين بالندوة قال أيضاً: «عندما يقول الشعب نعم للدستور فمعنى ذلك أنه يقول نعم للسيسى».. كلمة حكمة أيضاً تدلل على أن إله الحكمة «تحوت» تجلى على الندوة «التثقيفية»، وللإنصاف فكل أنصار الفريق «السيسى» لا يفوتون محفلاً إلا ويذكرون فيه هذه العبارة «نعم للدستور تعنى نعم للسيسى».. فالأمر ليس نعماً واحدة.. بل «نعمين».. ما أخشاه حقيقة أن يكون هؤلاء الفضلاء قد وضعوا «السيسى» فى مأزق بكثرة ترديدهم لهذه العبارة، لأن التصويت بـ«نعمين» تفرض أن ينزل 30 مليون مواطن للمشاركة فى التصويت على الدستور، وهو العدد الذى نزل يوم التفويض (26/7/2013). قد يكون هذا الأمر صعباً بعض الشىء، وقد يكون من الموضوعى أن نتحدث عن الأرقام التى يمكنها النزول والمشاركة فى ضوء الأرقام التى شاركت فى الاستفتاءات السابقة. ولو أننا راجعناها فسوف نجد أن عدد من نزلوا فى استفتاء 19 مارس 2011 (التعديلات الدستورية) تجاوز 18 مليون مواطن، وعدد من شاركوا فى التصويت على استفتاء دستور 2012 حوالى 17 مليون مواطن.
مطلوب فى أقل تقدير أن يزيد عدد المشاركين فى التصويت على (دستور 2013) عن هذه الأرقام ولو بخمسة أو ستة ملايين. وذلك أضعف الإيمان فى ظل مطلب «نعمين»، وإلا سيكون الأمر محرجاً للغاية أمام «الأجانب». ومشكلة الأجانب أن من الصعوبة بمكان أن يتقبلوا ما سوف يقال لهم عن الأعداد المشاركة فى التصويت على الدستور. الشعب فى الداخل قد يصدق ما تقوله السلطة -بغض النظر عن دقته- عن الأعداد المشاركة، لكن المسألة بالنسبة لـ«الدنيا» الأخرى تختلف، لأن الخداع لا ينطلى عليها.. فأهلها لا يفهمون معنى لكلمة «نعمين»!
نقلأ عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع