الأقباط متحدون - يا فرحتك يا «بهانة»!!
أخر تحديث ١٩:٠١ | الاربعاء ٨ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣٠٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يا فرحتك يا «بهانة»!!

مصطفى بكرى
مصطفى بكرى

بقلم مصطفى بكرى

 فى الحلقة الثالثة من الكتاب الذى سيصدر قريباً عن الدار المصرية اللبنانية ويحمل عنوان «مرسى فى القصر»، يتناول الكاتب الصحفى مصطفى بكرى بعض الحكايات والوقائع التى كانت تجرى خلف أسوار القصر الرئاسى من محاصرة لموظفى القصر والتجسس عليهم وإحلال عناصر غير متخصصة من جماعة الإخوان محلهم.

 
وتتناول هذه الحلقة بعض وقائع السفه وإهدار المال العام التى كلفت الدولة مبالغ مالية طائلة، وكان كل ذلك يتعارض مع ادعاءات «مرسى» عن الالتزام بالنزاهة والشفافية التى أطلقها فى بداية عهده.
 
وترصد الحلقة تجاوزات حرم الرئيس وأبنائه والعبث الذى كان يجرى داخل القصور الرئاسية، وهى أمور لم تشهدها هذه القصور قبل ذلك وفى كل العهود.
 
لم ينتظر «مرسى» طويلاً، قرر أن يقوم بعملية إحلال وتجديد داخل القصر الرئاسى، لقد نسى وعده الذى تعهد به أمام كبار الموظفين بمؤسسة الرئاسة، لقد قال لهم فى بداية عهده: «لن أستغنى عن أحد منكم، بشرط الالتزام بالعمل والتوقيتات الجديدة».
 
بعد أيام قليلة من تربعه على عرش الرئاسة، جاءت التعليمات من مكتب الإرشاد: يجب إجراء تغييرات سريعة داخل قصر الاتحادية والقصور الرئاسية الأخرى، كانت التحذيرات تقول: «إن من حولك هم أتباع الرئيس السابق حسنى مبارك، وإن عليك أن تتخلص منهم تدريجياً، ولتبدأ أولاً خطة العزل، ثم الإحلال والتجديد».
 
كان هناك 2860 موظفاً بمؤسسة الرئاسة، لديهم الخبرات التى اكتسبوها على مر السنين، لكن هؤلاء جميعاً كانوا فى نظر «مرسى» موظفين «تابعين لأنظمة سابقة ولا يؤمن جانبهم»!!
 
لقد بدأ «مرسى» على الفور خطة «الإحلال»، وفى أسابيع قليلة استطاع تعيين نحو 250 موظفاً جديداً، أغلبهم لم تكن لديهم الخبرة أو المعرفة أو التخصص، كثيرون منهم لم يحصلوا سوى على دبلوم الصنايع، لكنهم فجأة وجدوا أنفسهم فى مواقع حساسة ويتقاضون رواتب تصل إلى نحو 20 ألف جنيه شهرياً.
 
كانت الطلبات تصل إلى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بشكل مستمر منذ اليوم الأول لتولى «مرسى» رئاسة البلاد، كانوا يقدمون أسماء لموظفين جدد وطلبات بتعديل الاختصاصات والرواتب. وضمن الطلبات التى تم تقديمها فى هذا الوقت تعيين عدد كبير من مستشارى رئيس الجمهورية براتب شهرى يصل إلى نحو 20 ألف جنيه، أما نائب الرئيس المستشار محمود مكى فقد ارتفع راتبه من 1400 جنيه إلى 30 ألف جنيه شهرياً، ناهيك عن البدلات الأخرى.
 
لقد جرى تعيين «مصلح ساعات» ينتمى إلى جماعة الإخوان براتب شهرى 4 آلاف جنيه ومكافأة تصل إلى 20 ألف جنيه؛ حيث تم تعيينه ضمن طاقم الحراسة الخاص بالرئيس، وعندما كانت الشئون الإدارية بمؤسسة الرئاسة تبدى اعتراضها على ذلك كان «مرسى» يصمم على رأيه ويلزم المسئولين داخل القصر بتعيين الوافدين الجدد، الذين تم تسكينهم فى وظائف لا علاقة لهم بها.
 
لقد جىء بمحمد رفاعة الطهطاوى الذى انتقل من العمل الدبلوماسى إلى منصب مستشار شيخ الأزهر ليتولى رئاسة ديوان رئيس الجمهورية، وكانت كل مؤهلاته أنه من الخلايا الإخوانية النائمة وابن خالة الإرهابى أيمن الظواهرى.
 
كان محمد رفاعة الطهطاوى مجرد واجهة وليس أكثر، كانوا يسمونه دوماً حامل الحقيبة، أما الرجل القوى فى الديوان الرئاسى فقد كان هو أسعد الشيخة، ابن شقيقة الرئيس مرسى العضو القيادى بجماعة الإخوان.
 
لقد تولى أسعد الشيخة منصب نائب رئيس الديوان، وتولى الإشراف على الشئون الإدارية والمالية، وأصبح الآمر الناهى داخل ديوان رئيس الجمهورية، بل امتد نفوذه إلى ما هو أكبر من ذلك بكثير.
 
وكان أسعد الشيخة هو صاحب نظرية «عزل الفلول» بزعم أنهم يتجسسون على الرئيس ويعرقلون مهمته؛ فالقصر الرئاسى مكون من أربعة أدوار، وكل دور فيه جناحان، أى ثمانية أجنحة، سبعة أجنحة لـ«مرسى» ورجاله، وجناح تم عزله أطلقوا عليه «جناح الفلول»؛ حيث كان يجرى دوماً إغلاق جناح محمد مرسى فى وجوههم!! اكتشف موظفو القصر أن عناصر الإخوان كانوا يتجسسون عليهم، وأن أجهزة تنصت جديدة كان يشرف عليها شخص يدعى «أ. ر» تولى عملية التنصت على الجميع من خلال أجهزة هاتف تنقل كل ما يجرى فى القصر الرئاسى بالصوت والصورة. كان الجو كئيباً داخل القصر، وكانت المؤامرات لا تتوقف، إلا أن ذلك لم ينَل من عزيمة المخلصين الذين كانوا يحرصون على استمرار العمل بمؤسسة الرئاسة بنفس الكفاءة بغض النظر عن هوية الرئيس.
 
كانت اختيارات مكتب الإرشاد لكبار المسئولين داخل القصر صادمة للكثيرين، لقد كان دولاب العمل الرئيسى داخل الاتحادية يتلقى تعليماته من مكتب الإرشاد مباشرة، ولم تكن هناك مؤسسة حقيقية تدير الأمور بما يتوافق مع المصلحة الوطنية.
 
لقد اختار مكتب الإرشاد أحمد عبدالعاطى مديراً لمكتب الرئيس مرسى، وأحمد عبدالعاطى كان مسئولاً عن التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا، وكان حلقة الوصل بين المخابرات الأمريكية ومحمد مرسى الذى كان مفوضاً من جماعة الإخوان فى مصر للاتفاق على خطة إسقاط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل وأثناء ثورة 25 يناير.
 
وكان أحمد عبدالعاطى يعطى التعليمات لمحمد مرسى فى هذا الوقت بأن يفعل كذا ولا يفعل كذا، ولم يكن أمام محمد مرسى سوى الاستجابة للتعليمات التى كان يصدرها له أحمد عبدالعاطى، والذى فوّضه التنظيم الدولى للقيام بتلك المهمة.
 
أما خالد القزاز، سكرتير رئيس الجمهورية، فقد ظل محتفظاً بجنسيته الكندية ولم يعترض محمد مرسى على ذلك، وكل مؤهلاته أنه عُين فى هذا المنصب الحساس لأنه أعفى نجل خيرت الشاطر (حسن) من مصاريف الدراسة بمدارس المقطم التى يمتلكها والده عدلى القزاز الذى عُين هو الآخر مستشاراً لوزير التعليم بتعليمات من خيرت الشاطر.
 
وقد توطدت العلاقة بين خالد القزاز وخيرت الشاطر خلال زياراته له فى فترة السجن التى كان يقضيها على ذمة قضية ميليشيات الإخوان بجامعة الأزهر. أما د. محيى حامد، الذى تم اختياره مستشاراً للرئيس لشئون التخطيط والمتابعة، فقد كان عضواً بمكتب الإرشاد والتحق بالجماعة فى السبعينات وكان طبيباً وسبق اعتقاله فى قضية سلسبيل عام 1992.
 
وتم اختيار د. عصام الحداد، عضو مكتب الإرشاد، مساعداً للرئيس للشئون الخارجية، وهو طبيب تحاليل، سبق أن حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وكان مسئولاً عن ملف العلاقات الخارجية داخل الجماعة، وقد عهدت إليه الجماعة بالتفاوض مع العديد من الحكومات الغربية والإدارة الأمريكية حول أسس الاتفاق مع جماعة الإخوان، وقد كان «الحداد» واحداً من أبرز المحرضين على التدخل الأجنبى واحتلال مصر فى أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسى.
 
وكانت هناك باكينام الشرقاوى، الأستاذة الجامعية ابنة أحد كبار ضباط أمن الدولة السابقين، وكانت من الخلايا النائمة للإخوان، وقد استخدمتها الجماعة فى تنفيذ العديد من المهام القذرة، مثل عملية خداع بعض الرموز المعارضة والمقربة من الإخوان فى الاجتماع الذى عُقد فى شهر مايو 2013 بخصوص سد النهضة؛ حيث تمت إذاعة الحوار على الهواء مباشرة دون علم المشاركين فى هذه الجلسة. وكان هناك أيمن على، الذى عُين مساعداً للرئيس لشئون المصريين بالخارج وكل مؤهلاته أنه طبيب وقد اتُهم بسرقة مليونى دولار من إحدى الجمعيات الخيرية أثناء وجوده فى ألبانيا وهرب إلى النمسا، وكان واحداً من قادة الجماعة خارج البلاد. ورشح مكتب الإرشاد د. ياسر على، القيادى بجماعة الإخوان، وهو طبيب أمراض جلدية ليكون متحدثاً باسم رئاسة الجمهورية وقد أثير حوله لغط كبير بعد كشف زواجه العرفى من إحدى الصحفيات، إلا أنه ظل فى موقعه وتم نقله ليتولى رئاسة مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء إلا بعد فترة طويلة من هذا اللغط الذى أثير حوله، وكان ذلك تمهيداً لتعيينه وزيراً لشئون مجلس الوزراء، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب سقوط النظام.
 
كان أسعد الشيخة، نائب رئيس الديوان وابن أخت الرئيس المعزول، هو الأقرب إلى أذنه، بل كان يصدر إليه التوجيهات فى كثير من الأحيان، وقد سبق أن حُكم عليه بالسجن 5 سنوات فى قضية الميليشيات العسكرية بالأزهر.
 
ويذكر المقربون أن الرئيس المعزول كان قد أعد نفسه للمشاركة فى جنازة شهداء رفح الذين استشهدوا جراء مؤامرة إخوانية تكشفت ملامحها فيما بعد. وقد قام «مرسى» صباح نفس اليوم، 7 أغسطس 2012، بزيارة عدد من الجرحى الذين أصيبوا فى الحادث، بمستشفى كوبرى قصر القبة العسكرى، وعندما استعد للذهاب للمشاركة فى تشييع الجثامين فى شارع النصر بجوار المنصة، نهره أسعد الشيخة أمام الحاضرين وقال له: لن تذهب إلى الجنازة. وعندما حاول «مرسى» الاعتراض كان صوت أسعد الشيخة عالياً وهو يأمره بالتوجه إلى القصر وعدم المشاركة فى تشييع جثامين الشهداء خوفاً على حياته، ولم يكن أمام «مرسى» سوى الاستجابة لمطلبه.
 
لقد كانت هذه المجموعة هى صانعة القرار الحقيقى داخل القصر الرئاسى، ولم يكن محمد مرسى سوى منفذ للتعليمات، حتى إن موظفى القصر كانوا يقولون إن «مرسى» لا يمتلك سوى سلطة أن يؤم المصلين فى مسجد الرئاسة، غير ذلك فهو لا يستطيع سوى أن ينفذ التعليمات كما هى.
 
وعندما قبل «مرسى» بالتراجع عن قراره بإبعاد النائب العام الذى كان قد عينه سفيراً لمصر فى الفاتيكان فى 11 أكتوبر 2012 وقف أسعد الشيخة بين موظفى القصر وقال بلهجة حادة: «هو افتكر إنه لوى دراعنا.. لا.. بعد شهر واحد لازم عبدالمجيد محمود يمشى»!!
 
يومها أبدى الموظفون فى القصر الرئاسى دهشتهم، ولكن بالفعل لم يمض سوى أربعين يوماً حتى أصدرت الجماعة تعليماتها لمحمد مرسى بأن يتلو المظروف الذى وصل إليه على الإعلام والذى يتضمن إصدار إعلان دستورى انقلابى عزل بمقتضاه النائب العام وهيمن فيه على سلطات القضاء المصرى.
 
وفى 27 يونيو 2013، عندما ذهب المستشار أحمد سليمان، وزير العدل، وبرفقته المستشار حاتم بجاتو، وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية، ليطلبا من الرئيس تقديم توضيح إلى القضاة يعبر فيه عن احترامه لهم بعد اتهامه لأحدهم بالتزوير فى خطاب 26 يونيو، وبعد أن وافق الرئيس على الصيغة المطروحة، رفض أحمد عبدالعاطى، مدير مكتبه، الصيغة وقال لـ«مرسى»: «إن ما قيل بالأمس لا يجب الاعتذار عنه اليوم، وأنا أرفض إذاعة أو نشر هذه الصيغة».
 
لم يستطع «مرسى» ساعتها أن يرفض أو يعترض، واستجاب على الفور لطلب مدير مكتبه ليثبت بذلك حتى آخر يوم فى حكمه أنه لم يكن سوى مندوب لمكتب الإرشاد بمؤسسة الرئاسة.
 
وكانت التعيينات داخل القصور الرئاسية تجرى حسب الأقدمية فى مدة السجن التى قضاها الشخص الذى يجرى تعيينه؛ فمن قضى فترة أطول، كان يحتل الوظائف الأهم فى مؤسسة الرئاسة، ويحصل على مكافآت مجزية أفضل من الآخرين. لم تكن هناك قواعد تحكم العمل فى مؤسسة الرئاسة فى ظل حكم جماعة الإخوان، وكانت هناك خلية إخوانية مكونة من ثلاثة أفراد فى كل إدارة من إدارات مؤسسة الرئاسة تكون مهمتها كتابة التقارير وإصدار التعليمات لهذه الإدارة.
 
وعندما زار محمد مرسى قصر عابدين وجد هناك صوراً للرؤساء السابقين محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات وصوفى أبوطالب وحسنى مبارك، فطلب من رئيس الديوان أن يزيل جميع هذه الصور وأن يضع فقط صورته بديلا عنها، ما أثار استياء الجميع، باعتبار أن ذلك يمثل خروجاً على القواعد اللائحية للمؤسسة.
 
كان لدى «مرسى» اعتقاد راسخ بأن الجميع يتآمرون عليه، ويكيدون له وينتظرون اللحظة المناسبة لإحراجه وإهانة منصبه؛ لأنهم فى نظره ليسوا على قناعة بشخصه وقدرته على تولى منصب الرئيس! لقد بذل المسئولون عن التشريفات والبروتوكول جهوداً كبيرة من أجل تعليمه كيفية استعراض حرس الشرف والقيام بالمهام البروتوكولية للرئيس، وعندما فشل أكثر من مرة، قال إن رجال «مبارك» لا يريدوننى أن أتعلم؛ لذلك طلب منهم أن يرفعوا جميع المشايات منعاً للإحراج.
 
وعندما أبلغه رفاعة الطهطاوى بأن أنصار النظام السابق داخل القصر لا يكفون عن التآمر ضده وأن رئيس الإدارة المركزية للاتصالات الهاتفية داخل الرئاسة يتستر على هؤلاء ويرفض التجسس عليهم، قام «مرسى» على الفور بإبعاده والإتيان بآخرين للقيام بتلك المهمة.
 
وكانت استراحات وقصور الرئاسة مقسمة بين «مرسى» والزوجة والأبناء؛ فقد استولى ابنه «أسامة» على استراحة الرئاسة بالقناطر، فراح يعبث فيها هو وأصدقاؤه.
 
واستولى نجله «عمر» على قصر الطاهرة؛ حيث كان يستقبل فيه أصدقاءه وشلته وينامون داخل القصر ويتناولون أشهى الأطعمة على حساب الدولة.
 
أما «أم أحمد»، زوجة «مرسى»، فقد كانت تتنقل هى وصديقاتها ما بين قصر المنتزه والحرملك وقصر القبة، وكان يرافقها فى ذلك أحفادها وأمهاتهم والأصهار.
 
كان معروفا أن القصور الرئاسية لا يبيت فيها أحد من الرؤساء أو أبنائهم، ولم يحدث أن بات فيها أحد ولو مرة واحدة، إلا أن «مرسى» تجاوز هو وأسرته كافة القواعد واعتبر أن هذه القصور ملك له ولمن حوله يعبثون فيها كيفما يشاءون.
 
وتم صرف مبالغ مالية كبيرة على المكافآت التى كانت تقدَّم لموظفى الرئاسة، خاصة الموالين والعناصر الجديدة التى تم تعيينها بناء على طلب من مكتب الإرشاد.
 
وعندما حاول أسعد الشيخة تقديم مكافأة لقائد الحرس الجمهورى، اللواء محمد زكى، وقيمتها 30 ألف جنيه شهريا، رفض اللواء «زكى» وقال له: «أنا أحصل على مكافآتى من القوات المسلحة»، ساعتها عاتبه أسعد الشيخة بالقول: «كيف ترفض منحة الرئيس وقد منح الكثيرين مكافآت كبيرة تقديرا لجهدهم؟»، فرد عليه محمد زكى: «أنا أحصل على مرتبى وأؤدى واجبى ولا أحتاج لشىء آخر»!! كانت المبالغ تُهدَر بهدف شراء النفوس وضمان الولاء وكانت أغلب هذه المكافآت تذهب إلى عناصر الإخوان الذين استعمروا القصور الرئاسية، ما تسبب فى أزمة فى البند المخصص للرواتب والحوافز الرئاسية، بعد أن استهلك «مرسى» الموازنة مبكراً!! لم يستطع أحد أن يعترض «مرسى» وجماعته داخل القصر؛ فالتهديد بالإبعاد والإقالة كان سيفا مشهرا فى مواجهة كل من يقول «لا» لإجراءات «مرسى» غير القانونية داخل القصر أو خارجه.
 
وكانت الرئاسة تتدخل فى اختيارات ممثلى الجهاز المركزى للمحاسبات، المسئولين عن متابعة أعمال الصرف والإجراءات المالية داخل المؤسسة، فبعد إحالة هانى البنا، وكيل الوزارة المنتدب من الجهاز للرئاسة، إلى المعاش، تم انتداب شخص آخر بديلاً عنه، مهمته مراقبة المستندات المالية قبل أن يوقع عليها نائب رئيس ديوان الرئاسة للشئون المالية، وفوجئت السيدة منيرة عبدالهادى، رئيسة الجهاز المركزى فى هذا الوقت، بالسيد محمد رفاعة الطهطاوى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، يتصل بها ويطلب انتداب محمد مصطفى الغنيمى بدلاً من الشخص الذى جرى ترشيحه. كان محمد مصطفى الغنيمى قد جرت إعارته لمدة 15 سنة فى إحدى الدول الخليجية، وكان مراقبا لحسابات وزارة البترول قبل إعارته، وهو أمر مخالف لنظام الجهاز الإدارى للدولة الذى لم يعمل فيه من الأساس، وعندما تم الاعتراض على ذلك صمم رئيس ديوان الرئاسة على انتدابه رغم أنف الجهاز، وتم تعيينه بالفعل مستشارا ماليا لرئيس الديوان مباشرة.
 
كانت كل مؤهلات محمد مصطفى الغنيمى أنه صديق للدكتور سعد الكتاتنى ومرتبط بعناصر داخل جماعة الإخوان، إلا أن «الطهطاوى» قال للسيدة منيرة عبدالهادى: سوف يتم انتداب «الغنيمى»، شاء الجهاز أم أبى، ولم يكن هناك من خيار آخر.
 
لقد جرى العبث بميزانية الرئاسة، وتم التصرف فيها بسفه شديد، وهو ما يناقض الأقوال التى رددها محمد مرسى فى بداية عهده عن النزاهة وأنه لن يتقاضى راتبه عندما قال فى أول خطاب له إنه ليس له حقوق وإنه يعمل بلا مقابل، والغريب فى الأمر أن جماعة الإخوان أصدرت بيانا فى أعقاب عزل محمد مرسى من منصبه شددت فيه على نزاهته وقالت: «إنه تعامل مع المنصب الرئاسى على أنه تكليف وليس تشريفا ولا مغنما، وإن مرسى ظل يعيش فى شقة يدفع إيجارها ولم يتقاض راتبه طيلة العام الذى قضاه فى الرئاسة»!!
 
كان ذلك هو الكذب بعينه، فيكفى القول دليلاً على ذلك: إن رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية بمؤسسة الرئاسة، محمد رأفت عبدالكريم، قال أمام مجلس الشورى: «إن راتب الرئيس يصل إلى 29 ألف جنيه»، فى حين أن مصدرا قضائيا بجهاز الكسب قد أكد فى تصريحات صحفية أن «مرسى» كان يتقاضى 43 ألف جنيه راتباً أساسياً بخلاف البدلات والحوافز التى تبلغ نحو 257 ألف جنيه، أى 300 ألف جنيه شهريا، فى حين أن راتب الرئيس الذى سبقه لم يكن يتجاوز 10 آلاف جنيه بالبدلات والحوافز. وعندما تم عزل «مرسى» رفض التوقيع على معاش رئيس الجمهورية وأصر على شرط تسلم كامل راتب الرئيس بزعم أنه لا يزال الرئيس الشرعى للبلاد، متجاهلاً أن هناك ثورة شعبية عزلته من منصبه بسبب الجرائم التى ارتكبها فى حق البلاد. لم يكن «مرسى» يفرق بين المال العام والمال الخاص؛ فعندما يستخدم الطائرة الرئاسية لزيارة أهله فى الشرقية كما حدث يعتبر أن ذلك أمر طبيعى، مع أن ذلك لو حدث فى أحد البلدان الغربية لاعتبر إهداراً للمال العام يوجب محاسبة الرئيس. وعندما سافر إلى ألمانيا فى زيارة شهيرة، تم حجز جناح له فى فندق «أدلون» فى العاصمة الألمانية برلين، وعندما ذهب «مرسى» إلى هناك وسمع أن «مبارك» كان ينزل فى هذا الجناح، قال لرئيس الديوان: «أريد جناحاً أغلى؛ فهذا الجناح لا يليق برئيس مصر المنتخب»، وعندما قيل له إن الجناح الأوسع أغلى سعراً إلى درجة الضعف وإنه يطل على مقابر اليهود، قال لهم: «وإيه يعنى؟ جناح مبارك كان يطل على البوابة.. المهم أن يكون الجناح واسعاً»، وهكذا أجبر «مرسى» الجميع على أن يحجزوا له هذا الجناح الأوسع بضعف قيمة الجناح الآخر الذى كان ينزل فيه «مبارك».
 
وعندما زار الولايات المتحدة للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أقام «مرسى» الدنيا ولم يقعدها عندما فشلت الرئاسة فى حجز الجناح الكبير داخل الفندق الذى نزل فيه، بسبب أن «أوباما» كان ينزل فى هذا الجناح، الذى بلغت قيمة الليلة الواحدة فيه 60 ألف دولار، وساعتها وجه «مرسى» اللوم إلى معاونيه لأنهم لا يعرفون قيمة الرئيس الوحيد «المنتخب» فى الشرق الأوسط كما كان يقول دوماً، ولم يكن أمام معاونيه سوى الصمت فى مواجهة غضبته وثورته العارمة.
 
لقد قررت أولا استبدال أثاث القصر التاريخى بأثاث من دمياط تختاره هى بنفسها، ثم إنها طلبت من المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية تحطيم حمامات القصر الرئاسى؛ لأن البلاط لونه أخضر غامق، وهى لا تحب هذا اللون. وعندما قيل لها إن الحمامات مستوردة بالكامل من الخارج قالت: «وإيه يعنى»؟! وعندما قيل لها إن الحمامات مكسوة بقطع مرقمة، كل قطعة وُضعت فى مكانها ردت عليهم بالقول: «انتم ما بتفهموش فى الحمامات». وعندما طلبوا منها قرارا من ديوان الرئاسة يقضى بإجراء هذه التعديلات قالت: «وهو انتم كنتم بتعملوا كده مع اللى قبلنا»؟! لم يكن هناك من خيار آخر أمام المسئولين عن صيانة القصور الرئاسية، لقد كانت صدمتهم كبيرة، ولكن ماذا يفعلون؟ لا بد من الاستجابة لتعليمات «أم أحمد». كان مقدراً للرئيس وعائلته أن يقيموا فى هذا القصر القريب من الاتحادية فى 15 يونيو 2013، كل شىء كان قد اكتمل، الأثاث والديكورات وحمام السباحة الذى كلف الدولة 14 مليون جنيه، إلا أن «أم أحمد» أقنعت «مرسى» بالاستمرار فى قصر القبة لحين الانتهاء من «دوشة 30 يونيو»!! مضت الأيام سريعاً، حدثت الثورة التى أطاحت بالنظام، جاء رئيس جديد، هو الرئيس عدلى منصور، انتقل على الفور للإقامة بقصر السلام، بينما انتقل محمد مرسى إلى السجن، أما «أم أحمد» وأولادها فقد انتقلوا للإقامة فى كمبوند الشيخ زايد بمدينة 6 أكتوبر!!
نقلأ عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع