الأقباط متحدون - برلمان بدون نساء وأقباط ونوبيين وفقراء
أخر تحديث ٠٥:٣٢ | الاربعاء ٨ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣٠٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

برلمان بدون نساء وأقباط ونوبيين وفقراء

 بقلم : رفعت السعيد

ويمضى قطار الدستور، يلهث مسرعاً، دون أن يتحسب من أثار خطيرة قد تترتب على تناسى قضايا شديدة الخطورة، والحقيقة أننى مندهش من انبهار أعضاء اللجنة أو غالبيتهم بعديد من «الفتافيت» التى تشبه الخرز الملون الذى يزين ملابس أنيقة، ولا بأس بنصوص أنهكت اللجنة نفسها فى صياغتها رغم أنها محصنة أصلاً فى قانون العقوبات، لكن البعض أراد للدستور أن يتزين ليتألق ليبرالياً، ومؤكداً لحريات عدة، وهذا رائع ونشكركم عليه. لكن اللجنة فى غمار انهماكها مع «الفتافيت» نسيت ما لو نسيناه لجاء الدستور مفجراً لكوارث إن لم تأت اليوم فغداً. فهل هو نسيان؟ أم استسهال؟ أم....؟

والأمثلة عديدة.. تتكرر كلمة الديمقراطية وحرية الانتخابات وشفافيتها بكثرة يزهون بها ولكن هل ثمة ديمقراطية بلا تكافؤ؟ ألم يكن أولى النص الواضح على سقف للإنفاق الانتخابى؟ فهل من الديمقراطية أن ينفق مرشح عشرين أو ثلاثين مليوناً ليسرق بها مقعداً يستحقه من لا يستطيع الدفع؟ ويمكن النص على ألا يجاوز الإنفاق مائتى ضعف الحد الأدنى للأجر الذى سيتغير حتماً مع تصاعد الأسعار. ويمكن لهذا أن يسرع بالبعض من الراغبين فى السيطرة على التشريع لصالح طبقتهم أن يشجعوا زيادة الأجور. وهذه ليست نكته لكنها مجرد إيضاح لحقيقة ما نحن فيه. والذين تركوا الإنفاق بلا حد لينظمه قانون الانتخاب الذى لا ينفذ، وتركوه بلا عقوبة يرفضون نسبة الخمسين بالمائة للعمال والفلاحين مع وضع تعريف دقيق. فكيف لعامل حقيقى أو فلاح أصلى أن ينافس السيد الملياردير؟ ويضحكون على العمال بمادة انتقالية لدورتين «ثم يعاد النظر». وهو نص مخادع فمن؟ وكيف يعاد النظر؟. وبإعمال مصر وفلاحيها لا تسمحوا لقطار الدستور أن يدهس حقوقكم.

ونأتى إلى مسألة أكثر خطورة وهى كيفية تمثيل المرأة والأقباط ولعل البعض يتخيل أنها مسألة يمكن تناسيها فتغضب المرأة و«يتفلق» المسيحيون وتسير الحياة. صدقونى ما هكذا تسير الحياة. فكيف وبأى عقل وبأى إحساس وطنى نصطنع دستوراً يحرم المرأة [51% من المجتمع] والمسيحيين [20%] من حقهم فى إدارة شؤون البلاد، ثم يزيدون الظلم ظلاماً بإلغاء مجلس الشيوخ الذى يمكن أن يكون متنفساً لشكل ما من التمثيل. ولعل الأستاذ عمرو موسى لا يغضب إذ أفشى ما ليس سراً وهو أننى وجهت له رسالة من المجلس الاستشارى لحزب التجمع يقترح فيها حلولاً.. فبالنسبة لتمثيل النوبيين اقترحنا أن تستعاد الفكرة القديمة التى منحت النوبيين دائرة خاصة بهم كانت دائرة «عنيبة»، لكن تعديلاً كئيباً على توزيع الدوائر جعلهم أقلية ضئيلة فى دائرة كوم أمبو، واقترحنا أن ينص فى الدستور على أن يعين الرئيس أربعين عضواً يتعين أن يكون نصفهم من النساء والنصف الآخر من المسيحيين وبهذا المنطق يأتى المجلس ممثلاً حقاً لمصر بما فيها عمال وفلاحين ومرأة ومسيحيين ونوبيين.

أليس هذا أفضل من دستور يتزين ببعض من الخرز الملون الذى أتمنى أن يبقى وإنما يضاف إليه من أن تجاهلناه لقصمنا ظهر مصر ووضعناها على حافة ما هو خطير من أمور؟ ولعل السيد عمرو موسى قد تاهت منه رسالتى فى غمرة انشغاله فها أنا أعيدها مع تحذير مهذب لكنه خطير.. فبرلمان بلا نساء ولا أقباط ولا نوبيين سيكون سبة فى جبيننا جميعاً، ولن يكون أبداً لا ديمقراطياً ولا ليبرالياً ولا مدنياً ولا أى شىء بل سيكون قنبلة موقوتة. والكوته أمر بغيض جداً ولكن ما حيلتنا ونحن نعيش زمن فيه أمثال برهامى ومخيون اللذين يعتبرون أن حقوق المرأة من فعل الشيطان، وزمن يقتل فيه الأقباط لأنهم أقباط وتحرق كنائسهم لأنهم أقباط فكيف فى مناخ كهذا يأتون إلى البرلمان بلا كوته؟

ويا لجنة الخمسين برلمان بلا نساء ولا أقباط ولا نوبيين ولا فقراء سيكون عورة فى جبين مصر كلها. ولا يصمد طويلاً دستور يؤدى إلى ذلك.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter