خاص متحدون
بعث قداسة البابا تواضروس برسالة تهنئة بعيد الميلاد المجيد لأقباط المهجر قال فيها:
أبنائي الأحباء في المهجر
الأباء الأساقفة والأباء الكهنة والشمامسة وكل الشعب
أهئنكم بعيد الميلاد المجيد في بداية عام جديد 2014 واتمني للجميع بركات وليد المزود من الخير والفرح والسلام والمحبة لكل أحد في كل مكان في بلادنا مصر وفي كل كنائسنا في كل العالم والتي تحتفل باول اعياد السنة الميلادية في تذكار ميلاد السيد المسيح .
ان التجسد الألهي عمل وحدث أرضي سماوي أشتركت السماء مع الأرض في هذا الحدث . والله من محبته للبشر اعطانا ان يتجسد وان يأتي ألينا . كما في الأية التي نسميها الأنجيل الصغير في يوحنا اصحاح 3 عدد16 : هكذا احب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بل تكون له الحياة الأبدية .
وهذا التلاقي بين السماء والأرض كان تلاقي من ناحية الله الذي قدم في محبة نازلة نحو البشر وايضا من ناحية الانسان الذي قدم اشتياقات صاعدة نحو الله . فكان هذا التلاقي في ملء الزمان مثل ما يحدثنا الكتاب المقدس ، وفي بطن امنا العذراء حيث تجسد ربنا يسوع المسيح في حبه .
في خلقة الانسان الله اظهر حبه لكل احد ولكن في تجسده أكد علي هذا الحب أما في صلبه وقيامته فتتم هذا الحب الحب الجارف نحو الانسان .
في الحقيقة اننا في ذكريات الميلاد ـ وهي متعددة وكثيرة ـ نقرأ عن النجم السماوي ونقرأ عن المزود الارضي ونقرأ عن الذين جاءوا من بلاد بعيدة ونقرأ عن الذين كانوا بقرب الحدث ونقرأ عن صغار في السن مثل الرعاة ومثل امنا العذراء ونقرأ عن شيوخ في السن مثل القديس يوسف النجار والقديس سمعان الشيخ والقديسة حنة النبية ، فنقرأ عن كل النوعيات من البشر .
ولكن العالم في زمن السيد المسيح كان ينقسم الي قسمين اساسيان يهود وأمم . وكان في نفس الوقت انقسام او انفصال بين السماء والأرض ، السماء يسكنها الملائكة والسمائيين والأرض يسكنها الأرضيين المنقسمين أصلاً الي يهود وأمم .
وفي ميلاد السيد المسيح أجتمعت هذه الجماعات الثلاثة :
أولاً : جاء الرعاة الساهرين وهؤلاء الرعاة كانوا من ابسط فئات المجتمع اليهودي وكانت رعايتهم وسهرهم في البادية وفي البرية من اجل كل القطعان التي يرعونها ومن هذه القطعان تؤخذ الذبائح التي تقدم ، فكان الرعاة قوما رحل ليس لهم مكان ثابت للأقامة وليس لهم مسكن ولا تؤخذ بشادتهم امام المحاكم ولكن في نفس الوقت اختارهم الله كنوع من الامانة ولانهم بسطاء واراد الله ان يكرمهم لأمانتهم فاعلن لهم هذا الميلاد من خلال الملاك الذي ظهر لهم : ها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب .
الرعاة الساهرين كانوا يهود فكأن الله اختار من العالم اليهودي الرعاة ليمثلوا قطاع اليهود .
اما بقية العالم ويمثلها الامم الوثنية ، فاختار الله المجوس الساجدين الذين اتوا من بلاد بعيدة من المشرق وتحملوا سفر اوقات طويلة ـ طبعا الطرق القديمة لم تكن مثل الطرق الحالية ـ ولكنهم كانوا علماء في الفلك وفي دراسة النجوم وفي رسم الأحداث التي ممكن أن تحدث ، فأتوا من هذه الأماكن البعيدة لكيما يبحثوا ويسجدوا امام المولود ملك اليهود .
كلنا نعرف قصة المجوس ولكنهم المهم انهم وصلوا وانهم كانوا علي درجة عالية في السلم الاجتماعي ووصلوا الي بلاد اورشليم واستطاعوا ان يصلوا الي المكان او المزود حيث مكان الطفل يسوع المسيح ويقدموا هداياهم ويعبروا بهذه الهدايا بأشتياقهم الي المولود ملك اليهود .
بهذا يكون العالم الأرضي قد اجتمع حول السيد المسيح في المزود .
اما العالم السمائي فقد جاء من خلال الملائكة ، الملائكة المسبحين ، جاءوا هؤلاء وظهروا والانجيل يقول : ظهر جمهور ـ اي اعداد كبيرة ـ من الملائكة يسبحون التسبحة الشهيرة : المجد لله في الاعالي وعلي الارض السلام بالناس المسرة .
وبهذا نري ان حول المولود في المزود شخص ربنا يسوع المسيح اجتمع الكل : كل العالم الارضي ممثلا في هذين المجموعتين مجموعة الرعاة ومجموعة المجوس والعالم السماوي ممثلا في ظهور الملائكة .
ولكن الحقيقة وما يهمنا في هذا الامر واحب انه يكون امام اعيننا ان المجوس الذين جاءوا من هذه البلاد البعيدة قدموا هذه الهدايا الذهب واللبان والمر ، ومعظمنا يعرف ان الذهب رمز بان هذا المولود هو ملك واللبان ان هذا المولود كاهن والمر بان هذا المولود متألم ومصلوب . فكانت هذه الهدايا تعني هذه الصفات لشخص السيد المسيح ، ولكن يبقي سؤال لماذا اختاروا هذه الهدايا بالذات ..؟؟ وكلنا يعرف ان اي هدية بحسب ذوق الذي اختارها وبحسب نفع المهدي اليه .. او ترمز اليه فلماذا اختاروا هذه الهدايا .؟؟
احب ان اقول لكم ان هذه الهدايا من هؤلاء المجوس الفلاسفة كانت تعني رمزياً تعبيراً عن حياة الانسان ، حياة الانسان الذي يعيش حياة عمره كلها متمثلة في الذهب واللبان والمر .
يعني اي شخص منا حياته عبارة عن أيام فيها أيام ذهب وفيها أيام لبان وفيها أيام مر .
أيام الذهب هي : أيام النجاح وأيام الصحة وأيام الأنتصار وايام الغني وايام الوفرة وايام الحياة المستريحة وايام المتعة التي يتمتع بها الأنسان سواء في عمل او في مشروع او نجاح او في دراسة كل هذا تعبر عنها هدية الذهب .
اما هدية اللبان فتعبر عن ايام العمل والدراسة والتعب والاجتهاد والخدمة وغيرها من الايام التي تاخذ مساحة زمنية كبيرة وطويلة من حياة الانسان .
اما ايام المر : وحياة الانسان يجب ان يكون فيها حياة المر بحسب فلسفة هذه الهدايا ، فايام المر هي ايام الحزن وايام الضيق وايام العوز والاحتياج وايام المرض والايام التي يعاني منها الانسان بالمشاعر السلبية وايام القلق كل هذه يمثلها هدية المر .
ولكن كل هذه الهدايا تمثل خليط ايام حياة الانسان ، فكل واحد منا حياته تدور بين الذهب واللبان والمر ، ولذلك ان وجدت ايام مر فسوف تأتي أيام اللبان وايام الذهب ، وحياة الانسان كلها هي التي قال عنها الكتاب :
كل الاشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله ، كل الايام وكل نوعيات الايام تعمل للخير للذين يحبون الله .
ان ميلاد السيد المسيح يعطينا رجاء وامل وحياة جديدة في رؤية جديدة للحياة اليومية .
انني اهنئ جميعكم :
الاباء الكهنة واهنئ كل الشعب وكل اسرة واهنئ تهنئة خاصة لشبابنا وشاباتنا واطفالنا واهنئ كل كنيسة بلجانها وخدامها وشماستها واطلب من الله ان يعطي نعمة وان يملأ حياتكم دائما بفرح الميلاد كل يوم وتكون حياتنا دائما هي لتمجيد اسمه القدوس .
للألهنا كل مجد وكرامة من الآن والي الأبد أمين .