الأقباط متحدون - المصاصون
أخر تحديث ١٣:١٠ | السبت ٤ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٦ | العدد ٣٠٦١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

المصاصون

علي سالم
علي سالم

فى ليلة انتابنى فيها الأرق ككل الليالى، شاهدت فيلماً سخيفاً عن مصاصى الدماء. الواقع أنها كلها سخيفة وكأنها فيلم واحد يفتقر للصنعة وبقية عناصر الإبداع، تكرار ممل لكل ما حفظه المتفرج عن هذا الفصيل من البشر، ضوء الشمس يشعرهم بالفزع، ينشطون للمص ليلاً فقط، يعيشون إلى الأبد بفضل ما يمتصونه من دماء البشر الفانين، لذلك ستجد البطلة تقول للبطل: أنا زعلانة منك.. بقى لك مائتين سنة ما اتصلتش بىّ.. كنت فين يا راجل؟

 
أخذت أسلى نفسى بالتفكير فى عناصر سيناريو جديد يتناول نفس الموضوع ويحمل فى الوقت نفسه إبداعاً مختلفاً.. مجموعة من مصاصى الدماء نزلت إلى بلادنا وأخذت تمارس نشاطها اللعين، وبعد عدة أيام شعروا جميعاً بالتعب، وأن صحتهم ليست على ما يرام، فأرسلوا عينات من دمائهم إلى عدد من المعامل تابعة لهم فى أمريكا وأوروبا وتأتى النتيجة صادمة، لقد أصيب بعضهم بفيروس س وب وج، والأنيميا وفقر الدم، بالإضافة لعدة أمراض أخرى. صحيح هم سيعيشون إلى الأبد، لكنها معيشة الموت أفضل منها بكثير. وتتفجر الخلافات بينهم، نقاش حاد بين البطل والبطلة.
 
هى: قلت لك بلاش تمص دم الولية الغلبانة اللى مش لاقية تاكل.. بس حضرتك رمرام.. وزوقك وحش.. وآدى النتيجة.. حضرتك بقيت خارج الخدمة.
 
هو: انت بتهاجمينى لأنى حظى وحش.. المرض مكتوب علينا جميعاً.
 
هى: أيوه.. بس الوقاية خير من العلاج.
 
لا بأس بمصاص رومانسى هو البطل طبعاً يبدأ فى الإحساس بأن البشر الفانين يستمتعون أكثر منه بالحياة، نراه فى لقطة متوسطة وهو ينظر بحسد لواحد منهم وهو يأكل طبقاً من الفول وعدة أقراص من الطعمية وفحل بصل، يفعل ذلك كله بحماسة وفرحة واستمتاع، وهنا يبدأ فى اكتشاف أن البشر الفانين أكثر منهم استمتاعاً بالحياة، وأن حكاية أنهم مخلدون ليست أكثر من عقوبة مشددة. عندما يصارح زملاءه بذلك يتهمونه بأنه طابور خامس ويقاطعونه بل يوجهون له أخطر تهمة فى عالم مصاصى الدماء وهى أنه أصبح إنساناً من البشر الفانين.
 
ولكن لابد من شخصية خيّرة تواجه كل هذا الشر لكى تتعادل عناصر السيناريو، هو شخص حكيم لم يعد يمص دماء البشر لأنه لم يعد فى حاجة لذلك، لقد اكتشف أنه عندما يمص عود قصب أو ليمونة، يشعر براحة نفسية كبيرة، ثم أجرى أبحاثاً أعاد فيها تقييم موقفهم ليكتشف أنها ليست الدماء الممتصة من ضحاياهم هى التى تشعرهم بالحياة بل هى عملية الامتصاص فى حد ذاتها. ولذلك من الممكن الاكتفاء بمصاصة من تلك التى يحبها الأطفال. على الأقل لن يصابوا بتلك الأمراض التى يصاب بها البشر الفانون.
 
أعلن هذه الأفكار فى برنامج تليفزيونى فثاروا عليه جميعاً واعتبروه أيضا من الطابور الخامس وصرخ فيه بقية ضيوف البرنامج: أنت تقضى بضربة واحدة على حضارتنا وتراثنا وأسلوب حياتنا، والأسوأ من ذلك كله أنك تريد تحويلنا إلى بشر.
 
وقفز عليه أحد الضيوف ليشرب من دمه ولكن عمال الاستديو أنقذوه. إيه رأيك.. مش يبقى فيلم ظريف بعد إضافة البوس والأحضان والمعارك.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع