الأقباط متحدون - لُغةُ الحياة ، لا لغة التكلّف
أخر تحديث ٠٠:٠٠ | الجمعة ٣ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٠٦٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لُغةُ الحياة ، لا لغة التكلّف

كتب : زهير دعيم
 
من اللّغات الحيّة وأثراها على الإطلاق ، هي لُغتنا العربية ، لغة الضاد،تلك التي في أعماقها الد رّ على حدّ قول شاعر النيل حافظ ابراهيم 
  إنها لغة تطفح بالمُفردات وتعِجّ بالجماليات، وتتبرّج بالمعاني والحُسن ، واللفظة البريئة الهامسة أبداً .
   فكلما تبحّرَ المرء في أعماقها ، خرج منها بالدّرر والجواهر والعقيق ...لغة جمّلت القمر ولوّنت النجوم وزركشت الظلال ، لغة يعتزّ بها الأدب والشِّعر ، ويجُرّ العلم ذيلَهُ تيهًا إن هو كُتِبَ ببعض مِدادها.
   أنعِم النظرَ يا رعاكَ الله في الفعليْنِ يشمئز ويمتعِض على سبيل المثال  تجد حروفهما وجرسهما يدلّان على معناهما، ويتبادر الى ذهنك سريعًا عنصرا الملالة والنفور.
    وكذا الامر في " نظر اليْه شزرًا "ألا ترى معي في حروف هذا الشزر التحدّي والغضب ؟!
ثمّ متّعْ حواسك بكلمات الفرح والمرح ،السرور ،الأغاني ، الأماني ...ألا تفوح من ثناياها عطور وأشذاء ؟. 
   ورغم عُمق هذه اللّغة الخالدة، ورغم تقديري الكبير لمجمعيْ اللغة  العربية في القاهرة ودمشق ، فاني لا ولم  استسغ تعريب معظم المُصطلحات الاجنبية في مجالات الاختراعات والطبّ والعلوم ، فما أفطرتُ يومًا "شاطر ومشطور وكامخ بينهما ", الّا وبقيتُ جائعًا، بل غصّت اللقمة في حلقي وأبت الانبلاع، فانها جافّة، يابسة، مُصطنعة  وبعيدة عن العفوية والانسيابية، وكأنها قد قُدّت من حجر !!
  لا تظنّنَ يا صاحِ أنّ كلمة ساندويش هامة ، تفيض شاعرية ، ولكنها تفي بالمطلوب ، شائعة وقريبة من العقل والقلب احيانًا ن وكذا الامر مع كلمة "الترمس" أي الوعاء الذي يحفظ السوائل في داخله ساخنة او باردة ، فانها اكثر ليونة وشيوعًا من كلمة الكظيمة .. من كظمَ فلان غيْظهُ ، فتخيّل –يا مكحول العينين- - رحم الله مارون عبّود-تخيّل انك تطلب من امّكَ ان تشتري لك كظيمة ، وتخيّلها تسأل البائع  عن ذلك.
  انك يا صاحبي لن تجد في المنطقة خمسة أشخاصٍ يعرفون معناها ، وقِس ذلك على عشرات المصطلحات والاختراعات التي تحاول مجامع اللغة ايجاد اللفظة العربية لها ، فتغوص في متاهات الأوابد فتأتي معظم الاجتهادات جافّة مُنفّرة .
  لغة الأجداد ، لُغةٌ راقصة ، شاعرية ، حالمة وروحانية ، انها باختصار جميلة . فدعنا نحافظ عليها ونُقدّسها ، ولا بأس ان دخلَ قاموسها الاعجميات والغربيات ، مع ما فيها أصلاً من دخيل الكلام فللتركية بصمات وكذا الفارسية والقبطية ولا ضير من الانجليزية وأخواتها احيانًا في حدود المقبول  .
  دعونا نُسمّي الأشياء بأسمائها فلا نلفّ ولا ندور !!
  ودعونا نعشقُ لغة الأجداد بعيدًا عن التكلُّف  والاشتقاقات المُصطنعة.
  دعونا نرنّم لله بهذه اللغة كما في كل اللغات ...فالسماء تُحدّث بمجد الله ، والفلك يُخبر بعمل يديه.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter