الأقباط متحدون - الوصفة العجيبة
أخر تحديث ٠٤:١٦ | الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠١٣ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٠ | العدد ٣٠٥٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الوصفة العجيبة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

   بقلم : زهير دعيم
جاءني عابسًا مغمومًا، وكأنّه يحمل على كتفيه جبالا من الهموم ، وتلالا من المصاعب ، وارتمى على الكنبة متأفّفًا يلعن الدّنيا والتاريخ والحياة.
 - ما بك يا صاحبي، ما بك يا انسان ؟ بالامس القريب فقط ، كانت ضحكاتك ترنّ وتملأ الفضاء ، وكانت مشاريعك مُلوّنة ، مزدهرة ، تمشي على قدمين وتركض من نجاح الى آخَر...ماذا جرى ، أفدني.
 - وعينكَ ما زالت مشاريعي تضجّ وتزدهر ، وما زال الدولار يهرول بمتعة نحو خزائني ، لكن القضية لا تكمن هنا ، انها تتعلّق بالنكهة والفحوى ، بل قل كما تقول انت دومًا : " الشَّبَع الداخليّ ".
فإنّني يا صاحبي أشعر بالفراغ ، الفراغ الرّهيب ، والذي حاولت جاهدًا أن أسكته وأملأه بمباهج الدُّنيا والحفلات الصّاخبة وأطايب الطّعام فازداد فراغًا واتساعًا!!!
إنّني أشعر في نفسي هوّة عظيمة ، لا تشبع ولا تريد أن تشبع.
  دُلّني على وصفة تُريحني ، تسدُّ رمقي وجوعي وترفعني الى فوق ....فوق  المادّة وفوق المباهج الآنيّة وفوق الربيع المنحدر نحو الخريف.
  دُلّني وقدني الى الفرح الذي يملأ حياتك ، وأنت لا تعرف البحبوحة كما أعرف ، ولا تُكدّس الاموال كما أفعل!!!....
  فابتسمت ابتسامة خفيّة وقلت في نفسي : لقد أزفت السّاعة..فلطالما تحدثت معه وكان يقول : بعدين ...مش وقتو..
وتنهدت وقلت :
 " اغسل عينيْك يا صاحبي كلّ يوم بالكلمة .
   وطهّر شفتيك بالجمرة ، وتنزّه يا انسان كلّ يوم في ربوع الموعظة على الجبل ، ورافق معلّم الاجيال في جولانه وجولاته ومحطات آلامه ، وتنفّس بعمق من نُسيمات الايمان وطلّ المحبّة ، واشرب ماءً سلسبيلا من ماء الحياة وكُل من على مائدة الربّ خبزَ الحياة ، فتنام هادئًا ، مطمئنًا يداعب الرّجاء أجفانك ويدغدغ الايمان أحلامك...
انها وصفة طبيّة من فوق يا صاحبي ، من العلاء ، من لدُن مَن أحبنا حتى المُنتهى.
  وصفة طبيّة تجعل الذئب حمَلا ، والعوسج وردًا ، والعويل ضحكًا ، والنعيب زقزقةً.
....ارتسمت الحيْرة على وجه صاحبي وقال : اين أجد مثل هذا الدواء ؟
  فقمت الى كتاب الحياة ، وأمسكته برفق بعد أن طبعت على جبينه قبلة الشّكر والعرفان ، ثمّ فتحت أوراقه وقرأت له الموعظة على الجبل ؛ أروع ما خطّ قلم وأبدع أدب ، وأجمل وأقدس ما احتواه كتاب .
 انبهر صديقي واستكان ثم ما لبث ان قال :
- اذن الزّاد هنا والماء الحيّ هنا والأهم الحياة هنا .....وأشار الى كتاب الحياة ؛ الكتاب المُقدّس.
 فابتسمت ابتسامة الرّضا وهززت رأسي موافقًأ، وازدادت نفسي شبَعًا.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter