الأقباط متحدون - الفيدرالية هي الحل
أخر تحديث ٠٠:٠٣ | الاربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٦ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٥١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الفيدرالية هي الحل

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه

 فاروق عاطيه 

 
تعرفت على صديق جديد، رجل مثقف، قارئ، جريء، قوي الحجة وهو عراقي كوردي مهاجر مثلنا.  التقينا على مائدة غذاء بأحد دور المسنين التابعة لمنظمة فيكتوريا للممرضات (ف و ن).قال لي: قرأت مقالاتك العديدة عن مؤامرات التقسيم، خاصة المقال بعنوان: يا صديقي كلنا مغفلون، التي قلت في مقاطع منها(نحن نسير إلى الهاوية مقفلي العيون سكرى بنشوة انتصار زائف ونخُبّ خبا نحو تقسيم دولنا إلى دويلات وربما إلى كانتونات) وأيضا (واليوم يسعى الاستعمار الغربي لإرث جديد يتيح له لتحكم والسيطرة على ثروات هذه البلاد الكامنة وخاصة البترول، ومهندس هذه الخطة هو بيرنارد لويس
 
الصهيوني الذى كان مستشارا للرئيسين بوش "الأب الابن" الذى دَعي إلى تفكيك الدول العربية إلى كانتونات طائفية وعشائرية ورسم لها الخرائط، ووافق الكونجرس على خطته عام 1983.وما جري في 25 يناير هو تنفيذ حرفي لخطة بيرنارد لويس التي تتيح للغرب التحكم والسيطرة على مواردنا وتقسيمها بينهم بل وتجزئة دولنا إلى دويلات، يسهل التحكم فيها حتى لا تفلت مرة أخرى من السيطرة، وتتيح لربيبتهم إسرائيل التمدد والتوسع. وتتبلور الفكرة في إغراق البلدان الناطقة بالعربية في صراعات دينية وعرقية تشغلهم وتفتت دولهم من الداخل دون عناء يذكر والغرب ينتظر الحصاد دون أن يبذل جهدا في الزراعة). قلت له: ألا تري معي أن الخطة قد نجحت بامتياز في السودان فانفصل الجنوب وفى الطريق انفصال دار فور في الغرب وكردفان في الشرق. كما نجحت الخطة فييلدكم العراق الذي كان يتميز بفسيفساء القوميات المختلفة المتآلفة المتحابة وتحولت بعد الغزو الأمريكي إلى قوميات ومذاهب متناحرة متحاربة أدت لانفصال الكورد بدولة في الشمال وقريبا دولة للشيعة في الجنوب وأخرى للسنة في الوسط، وضاعت باقي الأقليات (ازيديين وصابئة وكلدان وآشوريين) وتكاد أن تتلاشى أعدادهم بالقتل والتهجير؟
 
   قال لي وابتسامته العريضة تملآ وجهه: أذكّرك أن المد السياسي الإسلامي من أخوان وسلفيين وجهاديين موجود ومتحفز سواء بتحريض من الغرب أو بدونه فهم طُلّاب خلافة ولن يتنازلوا عنها، وأذكرك بما قلته أنت في أحد مقالاتك عن مشكلات السودان بأن الخلاف في دارفور هو خلاف عرقي بين السودانيين العرب والذين يسمون أنفسهم بالجنجويد (الأجاويد) وبين سكان دارفور من أصل زنجي ويطلقون عليهم العبيد، وأن الخلاف بين الشمال والجنوب هو مزيج من خلافات عرقية وخلافات دينية. بمعني أن الخلافات الدينية والمذهبية والخلافات العرقية والقومية في البلدان الناطقة بالعربية موجودة ومتحفزة حتى بدون تدخل الاستعمار أو خرائط برنارد لويس. قات له: وماذا ترى حلا لتلك المعضلات القائمة وما يستجد؟
 
   قال بثقة: الحل هو الفيدرالية، وأعجب منكم ككتاب ومثقفون تتحدثون وتكتبون ولكنكم لا تجرؤون على الاعتراف بأن الحل الفعلي والعملي هو التقسيم علي أساس القوميات أو الديانات والمذاهب مع الربط بين الأقسام بالفيدرالية. أنت ككاتب هل لديك الجرأة بالكتابة عن الفيدرالية؟ وإذا جرؤت على ذلك هل تري الصحف التي تكتب لها أو قرّاؤك يوافقونك الرأي؟
 
قلت له: يا صديقي أنا كاتب حُر أعيش في بلد حُر يتيح لي أن أقول رأيي بحرية وحتى لو تعارض رأيي مع توجهات الصحف التي أكتب بها فلن يُكسر قلمي إطلاقا ومن حق رئيس التحرير أن يُعلق على مقالي بما يؤمن به بدون التعدي على رأيي.والفيدرالية (حتي يعي القارئ) هي شكل من أشكال الحُكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر (أقاليم أو ولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعيةوالتنفيذيةوالقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية. والحكم الفدرالي واسع الانتشار عالميا، وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي. وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفيدرالي على المستوى العربي هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية ودولة كندا.
 
   أتفق معك يا صديقي أن الحكم الفيدرالي قد يكون صالحا في معظم الدول الناطقة بالعربية لاحتوائها على العديد من القوميات والديانات والمذاهب التي كثيرا ما ينشب التطاحن بل والقتال بينها، خاصة الدول الشقيقةكالعراق والسودان وسوريا وغيرها، والحل الأمثل لتلافي تلك النزاعات في هذه الدول هو الفيدرالية بحيث يستقل كل إقليم به أغلبية عرقية أو دينية مكونا حكما مستقلا وترتبط تلك الحكومات تحت لواء الحكومة المركزية، يذلك نحقق الحكم الذاتي لكل عرق أو أغلبية دينية بدون المساس بسيادة الدولة ووحدة أراضيها. أما الوضع في مصر فهو مختلف تماما ولا يمكن تقسيمها لأسباب عديدة، منها أن مصر طول عمرها المديد الممتد في عمق التاريخ لأكثر من سبعة آلاف من السنين وهي تُحكم مركزيا (منذ وحّد الملك مينا بين أقاليمها)، كما أن مصر والحمد لله عرق واحد ممتد منذ الحكم الفرعوني حتى الأن أي لا يوجد بها تعدد عرقي، كما أن الدين في مصر ذو أغلبية اسلامية (70%) وأقلية مسيحية (30%) وما يحدث بينهما من مشكلات هي خلافات طارئة ومفتعلة ويمكن القضاء عليها إذا خلصت النيات. ودستوريا لا يمكن تطبيق الفيدرالية بها حيث تنص المادة الأولي من الدستور على أنجمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها، نظامها
 
جمهوريديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون. الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمي إلى القارة الإفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية.
 
ولكن لمعالجة البيروقراطية المزمنة في مصر أري أن يكون لكل محافظة بها مجلس محلي لحل مشكلاتها ويكون المحافظ من نفس سكان المحافظة عاش بها وخبر مشكلاتها وأن بكون ذو كفاءة عالية ووصل لمركز قيادي مرموق يؤهله لحمل عبء القيام بحل قضايا ومشكلات محافظته وأن يكون اختياره بالانتخاب الشعبي من أهل المحافظة وليس بالتعيين كما هو حادث اليوم، بذلك نكون قد قللنا من الروتين وبيروقراطية الحكم المركزي وفي نفس الوقت حافظنا على كيان الدولة المصرية القوية المتماسكة.
 
أما إذا رغبت الدول الناطقة بالعربية كلها أو بعضها أن تتكامل أو تتحد فطريقها هو الكونفدرالية التي تحقق الغرض وتلغي فكرة الخلافة المعشش في فكر الجماعات الضالة.والاتحاد الكونفدرالي هو رابطة بين دول مستقلة ذات سيادة، وتفوّض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيان. والكونفدرالية تحترم مبدأ السيادة الدولية لأعضائها وفي نظر القانون الدولي تتشكل عبر اتفاقية لا تعّدل إلا بإجماع أعضائها. ومن أبرز الكونفدراليات الحديثة الاتحاد الأوروبي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter