الأقباط متحدون - التعاليم الفكرية والانسانية في كتابات اوريجانوس
أخر تحديث ١٣:١٣ | الخميس ١٩ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٠ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

التعاليم الفكرية والانسانية في كتابات اوريجانوس

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه
بقلم /ماجد كامل 
 
يمثل العلامة اوريجانوس( 185- 254 م ) قمة الفكر الإنساني في تعاليم مدرسة الاسكندرية اللاهوتية ؛تلك المدرسة التي أنارت العالم المسيحي كله حتي لقبت في التاريخ ب"عقل العالم المسيحي " .
 
ويمثل العلامة أوريجينوس قمة النضج لهذه المدرسة ؛فهو عالم وفيلسوف ومتخصص في فقه اللغات ؛حتي قال عنه البابا لاون الثالث عشر ( 1878- 1903) بابا روما رقم 255 "من بين الشرقيين ؛يحتل أوريجانوس المحل الأول ؛وهو عجيب في سرعة خاطره وجلده علي العمل .ومن مؤلفاته العديدة أقتبس معظم الذين أتوا بعده " والعلامة أوريجانوس فيلسوف مصري أصيل ؛ويظهر هذا واضحا من أسمه فكلمة أوريجانوس معناها "ابن حورس " ولد بمدينة الاسكندرية عام 185م ؛ أهتم به والده ليونيدس فرباه تربية مسيحية حقيقية ؛ غير أن والده استشهد في عصر الامبراطور سبتميوس ساويرس حوالي عام 202 م ؛وكان اوريجانوس مازال صبيا صغيرا لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ؛وتروي كتب التاريخ أن أوريجانوس أشتهي أن يسشتشهد مع والده ؛حتي اضطرت أمه أن تخفي كل ملابسه حتي يلتزم البقاء في المنزل ؛ فأرسل إلي أبيه رسالة قال له فيها "إحذر أن تغير قلبنا بسببنا " ثم التحق بعدها بمدرسة الاسكندرية اللاهوتية ؛وبعد هروب مديرها السابق "القديس كليمندس " من الاضطهاد ؛ عينه البابا ديمتريوس الكرام البابا ال 12 من بطاركة كنيسة الاسكندرية ؛ مديرا للمدرسة ؛ فقام بجهد كبير في تطوير مناهج التعليم .
 
ولقد حدثت بعد ذلك أحداث كثيرة نتج عنها مشادات بين البابا ديمتريوس والعلامة أوريجينوس ؛نتج عنها لجؤ أوريجانوس إلي بلاد قيصرية فلسطين ؛ وهناك حثه أسقف قيصرية علي إنشاء مدرسة لاهوتية هناك ؛وأنشأ معها مكتبة كبري ؛ ولقدد تتلمذ في هذه المدرسة العديد من علماء وآباء الكنيسة في العالم كله حتي عرفت قيصرية ب"إسكندرية الجديدة " وفي الاضطهاد الذي شنه الامبراطور دقيوس ( 249- 251 ) علي الكنيسة ؛ ألقي القبض علي أوريجانوس ؛وعذبه عذابا شديدا جدا ؛ولكنه أحتمل كل هذه العذابات بشجاعة نادرة ؛ ثم أفرج عنه بعد ذلك ؛لكنه ما لبث أن توفي بعدها بقليل ربما من تأثير العذابات التي عاني منها ؛وكان ذلك عام 254م ؛وكان له من العمر حوالي 69 عاما تقريبا .ونحن في هذا المقال نريد أن نعطي تركيزا أكبر علي كتاباته وأفكاره الانسانية ؛فعن أهمية ودور العقل في حياة الإنسان المؤمن كتب يقول "كما أن العين
 
بطبيعتها تطلب النور والبصر ؛ والجسد برغباته الطبيعية يطلب الطعام والشراب ؛هكذا العقل له رغبته الطبيعية أن يعرف حق الله ؛ويبحث في علل الأشياء ؛هذه الرغبة التي هي من عند الله "وكتب في أهمية الثقافة فقال عنها "الثقافة ليست شرا ؛بل بالحقيقة هي طريق الفضيلة ....
 
إنها لا تعوق معرفة الله .لذا يلزم توبيخ أولئك المسيحين الذين يجدون راحتهم في جهلهم " وعلي خطي معلمه القديس كليمندس السكندري ؛آمن أوريجانوس بأهمية المعرفة الإنسانية خصوصا الفلسفة ؛ففي رسالة بعث بها إلي أحد تلاميذه ينصحه فيها بالتعمق في دراسة الفلسفة اليونانية فقال له فيها " أطلب إليك أن تنهل من الفلسفة اليونانية لأن مثل هذه الأمور بمقدورها أن تكون درسات تمهيدية للمسيحية ؛ ومن الهندسة والفلك بعض المعلومات يمكن أن تكون نافعة لشرح الكتب المقدسة .حتي أن ما يقوله أبناء الفلاسفة عن الهندسة والموسيقي وقواعد اللغة والبلاغة والفلك بأنها من أدوات الفلسفة وفي خدمتها ؛يمكننا نحن أن نقول نفس الشيء عن الفلسفة أنها في خدمة المسيحية " ولقد آمن أوريجانوس بأهمية الإرادة الحرة فقال عنها "كل نفس عاقلة تمنح أرادة حرة وقوة للاختيار " .
 
وهو في ذلك يطالب بالحرية الملتزمة المسئولة وليست المتسيبة فيقول عنها "توجد حرية معيبة ؛وعبودية تستحق المديح ؛فأنه يمكننا أن نتحرر من أو نستعبد للعدالة والحكمة والرحمة ..... الخ " كما حارب الكبرياء والغرور ؛فكتب محذرا منه "لماذا يتكبر التراب والدمار ؟ ولماذا يرتفع الإنسان بالكبرياء ناسيا من هو ؟؟؟ وناسيا أن الوعاء الذي يحتويه والطين الذي غرق فيه سريع الفناء وأن الأقذار لا تنقطع عن جسده ؟ فالغطرسة هي أعظم جميع الخطايا ؛أنها خطيئة إبليس العظمي ؛وعندما يصف الكتاب المقدس خطايا إبليس ؛يتبين لنا أنها تصدر جميعا من أصل الكبرياء ...... ومادة الكبرياء هي الثروة والمناصب ؛ومجد الزمان الحاضر " .
 
كما حارب الغضب في كتاباته فقال عنه " لا تندهش إذا أشتعل الغضب في الأحمق والشرير والخائن .
 
من حيث أنه كثيرا ما يهيج حتي الأخيار والحكماء ؛فلنكف إذن عن الغضب ؛ولنترك السخط ؛ لا ترض هواك إذا أثارك الغضب ؛بل أوقفه وأحتقره ؛فلنشرع من الآن علي الأقل في إصلاح أنفسنا وفي أن نطفيء الغضب تدريجيا ؛وذلك بالصلاة ؛والعفة ؛والمثابرة علي التأمل ..... حتي نصل إلي أن نبتعد عن الغضب نهائيا " .
 
ولقد تعرض أوريجانوس في كتاباته لقضية استخدام المسيحي للسيف ؛ فقال عنها " إننا لا نعود نحمل السيف ضد أية دولة ؛ولا نتعلم الحرب بعد ... يجب أن نكون حذرين من أن نسحب السيف لأجل الانتقام عن أضرار خاصة ؛أو تحت أي دعوي باطلة ؛لأن تعليم المسيح في الاناجيل يعتبر كل هذه الاستخدامات دنسا وخطيئة ؛ إن كان يجب علينا أن نكون أناس سلام تجاه أعداء السلام ؛فلا يليق بنا أبدا أن نستخدم السيف ضد أحد " . 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter