mobtada.com | الخميس ١٩ ديسمبر ٢٠١٣ -
٥٢:
٠٨ ص +02:00 EET
مصر وأمريكا
في خطوة بدت متأخرة نوعاً ما، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ"مبتدا"، أن الإدارة الأمريكية تجري حالياً اتصالات رسمية على أعلى مستوى، بعدد من الأنظمة العربية الصديقة لمصر بمنطقة الخليج، لترميم العلاقات بين القاهرة وواشنطن، والتي شهدت تصدعات عدة إثر الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"، من سدة الحكم، بعد فيضان 30 يونيو، وما تلى ذلك من تعليق بعض المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر.
بحسب المصادر ذاتها، فإن جهود واشنطن لإعادة العلاقات السياسية مع مصر إلى سابق عهدها، وبصورة تتخطى محطة التصريحات الإيجابية من جانب إدارة أوباما، بدأت بشكل جدي، مع الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى الإمارات العربية المتحدة، قبل شهر، حيث طالب المسؤولين الإماراتيين صراحة بـ تعريفهم على القيادات السياسية الجديدة في مصر .
المصادر بررت طلب كيري، الذي لم يكن مستغرباً بالنسبة للإماراتيين لإدراكهم ضرورة تغير الموقف الأمريكي من 30 يونيو بمرور الوقت، بأن العلاقة بين الجيشين المصري والأمريكي، ورغم تعليق المساعدات العسكرية، لا تزال مستمرة، ناهيك عن أن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل، دائم الاتصال بنظيره المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بينما يبدي الطرفان تفاهماً كبيراً، وعليه تريد واشنطن ترميم العلاقات على الأصعدة الأخرى غير العسكرية كافة، وخاصة مع دخول الدب الروسي على خط اللعبة في مصر والمنطقة بأثرها.
المفاجأة التي فجرتها المصادر الغربية، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، تمثلت في الكشف عن سر التحول الأمريكي تجاه المصالحة الجادة مع القاهرة، إذ أن واشنطن وعدداً من الأطراف الإقليمية، مثل قطر وتركيا، كانت تعول على عدم صمود سلطة ما بعد 30 يونيو و3 يوليو لأكثر من 10 أسابيع على أقصى تقدير، بل كان الرهان على أن مظاهرات الإخوان واعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، وحتى بعد فضهما بالقوة من قبل الأمن وفرض الطوارئ وحظر التجوال، كانت ستدفع الناس والقوى الثورية والسياسية المستقلة مجدداً إلى الشارع، ليلتحم الجميع بالإخوان، وتعود عقارب الساعة إلى ما قبل عزل مرسي وإخوانه، بل وإعادتهم مجدداً إلى قصر الاتحادية سواء كانوا منفردين، كما كان الحال طيلة عام كامل، أو بمشاركة واسعة نوعاً ما، من جانب بعض الأطراف المرضي عنها من الجماعة والغرب.
غير أن صمود السلطة والجيش، وعدم خضوعهما لابتزاز الخارج، ناهيك عن عنف الإخوان في الشارع، والحظر الشعبي والقضائي الذي لاحقهم، وغياب أي تعاطف مجتمعي حقيقي معهم، غير المعادلة، ودعا واشنطن للحاق بأوروبا في التعامل ببرجماتية مع الوضع في مصر، فخسارة حليف كتنظيم الإخوان، أهون من خسارة دولة ذات ثقل كمصر ، وفق ما نقلته المصادر لـ مبتدا .
وإذا كان ذلك هو الموقف الأمريكي ومن ثم الدولي حالياً من مصر، فهل يدرك الغرب رغبة التنظيم الإخواني المستمرة في استخدامه في معاركه الداخلية؟، أم أن المصالح البراجماتية الأوروبية والأمريكية في المنطقة، وخاصة ضرورة وجود نظام إسلامي في دولة كبيرة كمصر، لاحتضان الجماعات والتيارات التكفيرية والمسلحة، وضمان أمن إسرائيل بتحييد فصائل المقاومة الإسلامية في فلسطين، وفي مقدمتها حماس، كفيلة بتقديم كل الدعم، أو على الأقل التعاطف، من جانب العواصم الأجنبية الفاعلة، مع جماعة تمارس قواعدها العنف والفوضى والإرهاب علناً في الشارع، وضد مؤسسات الدولة وفي الجامعات؟
إجابة قاطعة على ذلك التساؤل الصعب، جاءت على لسان سفير دولة مهمة بالاتحاد الأوروبي لدى القاهرة، قال لـ مبتدا بوضوح وبلا مواربة: نحن في شمال المتوسط لا ندعم الإخوان، ولا نقف بجانبهم، ولا نشعر بتعاطف تجاههم .
وتابع: لا ندعم أي فريق ضد آخر في بلادكم ، بل وزاد تأكيداً لكلامه بشأن محاكمة مرسي وعدد من قيادات الإخوان نكتفي بالمتابعة فقط، ولا نأخذ أي موقف بعينه بصددها .
الرجل برّأ بلاده وقارته العجوز من سياسات واشنطن لا علاقة لنا بالولايات المتحدة الأمريكية، لكننا ننتظر ما ستؤول له الأحداث في الشارع لديكم، والأهم بالنسبة لنا أننا في انتظار إتمام تحول ديمقراطي حقيقي للمصريين، وتنفيذ بنود خارطة الطريق المعلنة من جانب السلطة بعد 30 يونيو، ومنح دفة الحكم لمؤسسات منتخبة .
السفير وهو يمثل بعثة دبلوماسية أوروبية كبيرة، وتعد بلاده من الدول الصناعية الكبرى، وفضل أيضاً عدم الإفصاح عن اسمه، نفى قطعياً وجود أي موقف معاد لإرادة الشعب المصري في 30 يونيو، قال فقط لدينا تراث لا نحيد عنه بالنسبة للعمليات التغيير الديمقراطي، لا نتعامل إلا من خلال صناديق الاقتراع .
وبينما يراهن السفير الأوروبي، على أن عمليات التحول الديمقراطي في مصر، لن تتم في القريب العاجل، وأن الأمر قد يستغرق سنوات، خاصة أن خروج الجيش من المعادلة لن يكون سهلاً في رأيه، نظراً لتعقيدات المشهد على الأرض في بلاد النيل، إلا أنه لفت إلى أن المصريين إذا ما انحازوا للديمقراطية الحديثة، سوف يؤسسون نموذجهم الخاص، والذي لن يشابه بأي حال من الأحوال نظيره الغربي المستقر عليه منذ عقود طويلة في دول الشمال، قبل أن يؤكد أنه لا تحول سياسياً إيجابياً في مصر في ظل ضعف التيارات والأحزاب المدنية، وعجزها عن احتلال المساحات التي خلفها الإخوان في الشارع، وفي ذهنية الناس.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.