بقلم:حمدي رزق
محمد بديع هو الجانى حقا على إخوانه، ولو كانت هناك محاكمات داخلية فى الجماعة يؤمها عقلاء، أوفياء لتراث «دعاة لا قضاة»، لعزلته من سدة الإرشاد، ولاختارت للإخوان مرشدا شابا لم يلوثه حكم ولا مال، واعيا بعصره، ليس عصر الجماعات الدينية، عصر الشعوب المدنية، مدركا (ليس مغيبا) تحديات جيله من شباب الجماعة الذى صار العقلاء منهم يتوارون خجلا من نظرات الازدراء، والأغبياء منهم خرجوا عن طورهم، على أقرانهم يروعونهم، شاب فتى حكيم معنى بإنقاذ ما تبقى من شباب الجماعة، يقودهم فى التيه إلى جبل يعصمهم من فيضان الغضب الشعبى، الجماعة صارت مكروهة، واسم الإخوان من المحرمات، وشارة رابعة يعاقب حاملها بالحرمان بين أهله وناسه.
أرثى لحاله، وأدعوه أن يرثى هو لحاله، لا يخاتل ولا يخادع، لا تكذب ولا تتجمل، كفى، لقد جنيت على الدعوة يا هذا، ذبحت الدعوة ونحرت الداعية، لو كنت مكانك لأكلنى الندم من الحشا، ولانتحرت حزنا على مآل الجماعة التى أضعتها بضعفك وهوانك، عندما سلمتها بضاعة إلى تاجر جاء من آخر الجماعة يسعى لمال وحكم وملك عضوض، متخطيا أقرانه، راشيًا بالمال عجائز رغبن طيب العيش، قصورا منيفة وسيارات فارهة، وحرسا غشما لا يوفر منعة ومقاما.
لو كنت مكانك لتوجعت ألما على هوانى وأنا المرشد على الإخوان الذين لا يملأ أعينهم سوى تراب حذاء خيرت الشاطر، فتبعوه، فضلّوا عن سبيله، سبيل حسن البنا، وتنكبوا الطريق الذى رسمه، صار يتاجر فى الجماعة وفى المرشد شخصيا، ولكن بديع تنكر وسط القطيع وقال وأنا أيضا مجنى على.
الحقيقة المرة أن الإخوان جناة ليسوا مجنيا عليهم، ليسوا دعاة هذه المرة وليسوا قضاة، أكاد أجزم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والأخ هو من يعذر، فليعذر بعضنا بعضا لا يقتل بعضنا بعضا.
هل أضاف محمد بديع للإخوان، هل بث فيهم مفاهيم جديدة، هل جدد لهم فكرهم، هل زرع فيهم روح الثورة؟.. لا هذا ولا ذلك ولا ذاك، الشباب هو من أمد الإخوان بالحركة، شمس الثورة هى التى أمدت عظامهم بالدفء، ومحمد بديع هو هو، لا جديد تحت الشمس، وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبا.
فى جماعة الإخوان يقول العارفون ببواطن أسرارها إن هناك من يحمل الجماعة إلى أعلى، وهناك من تحمله الجماعة إلى أعلى، فهل حَمَل بديع الجماعة، لا والله أسقطها من عليائها، حملته وهناً على وهن، فكان ابنا عاقا، عقَّ جماعته، وأهانها وأذلها، من تصاريف القدر أن يأتى بديع مرشدا للجماعة وهى تنتحر حزنا على مآلها.
نقلا عن : المصري اليوم