الكاتب : مايكل ماهر عزيز
** سعد الدين إبراهيم والاخـــوان المسلمين
يكشف لنا الاستاذ ثروت الخرباوي في كتابه - سر المعبد - عن بداية تحاور قيادات الاخوان المسلمين مع الادارة الامريكية وما الذي قدموه من تنازلات والضمانات لنيل الرضا الامريكي عنهم وما هي قنوات الاتصال التي دارت بينهم وبين الادارة الامريكية ؟
يكتب الاستاذ الخرباوي قائلاً :
قضي نوح وأصحابه في السجن سنين عديدة ، وكان قد تعرف وهو في محبسه علي الدكتور سعد الدين إبراهيم ودار بينهما حوار طويل ، كان بعضه يتم من خلف نافذه الزنزانة ، سأل نوح : لماذا أهتم العالم بقضيتك يا دكتور سعد وانت الذي صدر الحكم ضدك من محكمة مدنية ! ولا يهتم بقضايا الاخوان الذين يحاكمون أمام المحاكم العسكرية !! .
رد عليه الدكتور سعد الدين إبراهيم : هذا شئ طبيعي ، ضع في الاعتبار الاحداث الساخنة التي حدثت في العالم وأمريكا في الفترة الاخيرة وأهمها الهجوم الانتحاري علي مركز التجارة العالمي في نيويورك من إسلاميين متطرفين .
قال له نوح : ولكن الاخوان ليست جماعة متطرفة ! .
سعد الدين إبراهيم : العالم لا يعرف ذلك لانه لا يراكم .
نوح : كيف لا يرانا ؟! .
سعد الدين إبراهيم : لا يراكم لانكم تعملون في الخفاء ، الجزء الاكبر من فكركم وثقافتكم مختزن في باطنكم ، ثم إن العالم يدافع عني لانه يعتبرني صاحب رؤية ومشارك معه في قيم إنسانية عالمية ، بالاضافة إلي أنني أحترم الاخر .
نوح : ولكن الاخوان مثلك يشاركون في تلك القيم الانسانية ، فكيف نوصل وجهة نظرنا للغرب ؟؟
سعد الدين إبراهيم : أضعف الايمان هو الكلمة وأقواه هو الفعل .
نوح :أما الكلمة فنمتلكها الان ، ولكن الفعل لن يكون الا بعد أن نخرج من السجن .
يعتبر هذا الحوار هو بداية مشوار الاخوان السياسي المتصل مع العالم الخارجي ، والذين سعوا من خلاله الاتصال والتقارب مع الادارات الامريكية المتعاقبة إلي أن وصلت تلك الجماعة الي السلطة في يونيو 2012 ، لقد دار هذا الحوار في السجن بين أحد قيادات جماعة الاخوان المحبوس علي ذمة قضية أمنية - وبين الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز بن خلدون للدراسات الانمائية والمحبوس بسبب قضية حقوقية ، تم كل ذلك عام 2003 أي بعد عامين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 . أي قبل سبع أعوام من قيام ثورة 25 يناير . وهنا نستطيع أن نقول أن التمهيد لبدء تلك الثورة قد بدأ من هذا التاريخ بالتحديد .
هنا وقبل الحديث عن بداية تعامل الاخوان مع أمريكا نريد أن نركز في محطة أخري عن فكر الاخوان الايدلوجي ، فذلك سيمهد لنا الحقيقة التي نبحث عنها ، فجماعة الاخوان يرون في الغرب أنهم جماعة محاربة للاسلام ، فيذكر لنا الاستاذ الخرباوي بكتابه " سر المعبد " عن أحاديث محمود عزت الرجل الاخطر بجماعة الاخوان ، عندما صرح محمود عزت له ولصديق معه يدعي عاطف عواد عن نظرته للغرب وأمريكا قائلاً :
" هل تعرفون إن ما يحدث في هذه الايام يعتبر نزهة جميلة بالنسبة لما كان يحدث لنا ونحن في سجون عبد الناصر ؟ ، لم تكن هناك تحقيقات مثل هذه ولا محامون ، ولا أي شئ أدامي ، وحين دخلنا الزنازين أول مرة كنا نشرب الماء الذي الذي قام حراس السجن برشه في الزنازين ، كنا نشرب كما تشرب الحيوانات وكانوا يتعمدون ذلك لإذلالنا ، أتعرفون لماذا كانوا يفعلون ذلك ؟ لانهم تلقوا الاوامر بهذا من الكافر جمال عبد الناصر ، أو تعرفون لماذا فعل بنا عبد الناصر هذا ؟ لانه تلقي الامر بذلك من أسياده الملحدين في روسيا ، أصدر عبد الناصر أوامره بالقبض علينا من موسكو طاعة منه للكفرة ، والان تلقي مبارك أوامره من أسياده في أمريكا فأصدر أوامره بالقبض علينا ، روسيا الملحدة في الستينات ، وأمريكا الكافرة في التسعينات " .
قطع عاطف عواد استرساله وسأل محمود عزت : ولماذا ترغب أمريكا في القضاء علي الاخوان ؟ أمريكا توافق علي نشاط الاخوان عندها .
نظر إليه محمود عزت وكأنه يعاتبه : أمريكا هي الطاغوت الاكبر في العالم وهي لا تريد للاسلام أن يرتفع شأنه ، أمريكا تعلم أننا لو حكمنا سنقضي علي اسرائيل ثم نتجه صوبها ونقضي علي قيادتها للعالم ، الاخوان يا أخ عاطف سيقيمون دولة الاسلام ثم سيحصلون لهذه الدولة علي أستاذية العالم ، وأمريكا تعلم ذلك ، لذلك هي تحرض علينا نظامنا الكافر .
قال عاطف وكأنه يتعجب : ولكن كيف تقبل أمريكا أن يزاول الاخوان نشاطاً في بلادهم ، ولا تقبل أن نزاول نشاطاً في بلادنا ؟ أنا أظن أننا لو فتحنا حوارات مع أمريكا لقبلت ذلك .
لم يرد محمود عزت علي عاطف ولكن أحمد ربيع تدخل قائلا : ولكن كيف سنقيم دولة الاسلام ونحن في قمة الاستضعاف ؟! ، لا توجد خطة لدينا .
رد محمود عزت : لهذا يتم القبض علينا .
ثروت الخرباوي متعجباً : يتم القبض علينا لانه لا توجد خطة لدينا ! .
محمود عزت : لا ، ولكن لانه توجد خطة لدينا .
أحمد ربيع : وهل يعرفون خطتنا ؟! ( يقصد علي النظام المصري الحاكم حينها ) .
محمود عزت : يحاولون الوصول اليها ولكنهم لن يصلوا .
أحمد ربيع : هل خيار القوة هو خطتنا .
محمود عزت : الافكار التي لا تساندها قوة تموت .
ثروت الخرباوي متساءلاً : وما هي القوة التي تساندنا ؟
محمود عزت : هذا سؤال لا يسأله أحد ، ولكن القوة التي تساندنا هي قوة ذاتية ، يعني مننا فينا ، جواهر قوتنا تحت أيدينا .
ختم أحمد ربيع الحوار قائلاً : واللبيب..