كريمة كمال | الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠١٣ -
١٦:
١٠ ص +02:00 EET
ارشيفيه
لم يتوقف الحديث حتى هذه اللحظة حول حقيقة ما جرى من تغيير فى ديباجة الدستور.. يرى البعض أن «دولة مدنية» هو اصطلاح غير موجود أصلاً فى العلوم السياسية، كما أن دساتير مصر كلها قبل ذلك لم تكن تحتوى على نص مدنية الحكم، والعبرة بالواقع الذى يدل على أن حكم مصر كان مدنياً رغم عدم وجود نص.. كما يرى البعض أن «حكومتها مدنية» أفضل من حكمها مدنى.. لكن الحقيقة التى لا يمكن بأى حال من الأحوال تجاهلها هى أن هناك لعبة قد لعبت بتغيير منافٍ للنص الذى تم الاتفاق عليه فى لحظة التصويت؛ حيث تم تحويل عبارة «دولة حكمها مدنى» إلى «حكومتها مدنية»، والأهم أنه قد تم أيضاً حذف عبارة تعدد مصادر التشريع فى الجزء الخاص بالشريعة الإسلامية.. الأهم هنا هو أن هناك تعديلاً قد جرى على ما تم الاتفاق عليه فى لحظة غفلة.. والأهم هنا هو أن تعديلاً قد جرى على ديباجة الدستور لم يكن متفقاً عليه، وأن رئيس اللجنة تلا نصاً يخالف النص المكتوب الذى تم توزيعه بصفته ما تم الاتفاق عليه.
هذا الذى حدث لا يعالجه أن يجتمع السيد عمرو موسى مع ممثلى الكنيستين الكاثوليكية والإنجيلية اللذين كشفا التغيير واعترضا عليه ليقولا لنا إن المسألة قد حُلّت ولا أن يقول لنا الأنبا بولا إنه يؤيد الدستور كما انتهى؛ فالمسألة ليست فى يد ممثلى الكنائس ولا تمس الأقباط وحدهم ولكنها تمس إحساس الثقة لدينا فيمن وضع الدستور، وبالتالى فيما انتهى إليه هذا الدستور فى صيغته النهائية. لا يمكن إغفال أن كشف هذا التغيير فى الديباجة قد أحدث حالة ليست من الصدمة بقدر ما هى غصة فى الحلق لا يمكنك أن تتخلص منها؛ حيث إنك تشعر أنه قد تمت خديعتك؛ فممثلو الشعب فى لجنة الخمسين يمثلوننا ولا يمثلون أنفسهم، وقد يرتضون القفز على هذا التعديل الفردى للديباجة؛ بينما لا أستطيع أنا أو غيرى القفز عليه ولا قبول الدستور دون أن أفهم لماذا تم، ومن الذى قام به ولمصلحة من! يمكننا أن نقبل عبارة «حكمها مدنى» إذا كانت هى ما انتهت إليه اللجنة وأن تكون هى نتيجة التوافق الذى تم بداخلها وليس بتمريرها فى غفلة دون أن يفطن أحد.
لا أتصور أن يغلق باب ما جرى دون تصحيحه.. هناك خطأ قد حدث أو دعنا نقل إن هناك خطيئة قد ارتكبت، فلو كانت «حكمها مدنى» لا تختلف عن «حكومتها مدنية» كما يقول البعض فإن شطب تعدد مصادر التشريع يضعنا فى مأزق ربما ستكشف عنه الأيام القادمة، خاصة أن هناك إحساساً بأن ما جرى قد جرى من أجل عيون حزب النور ورضائه.
لن أتساءل: هل يمكننا أن نفرح بدستورنا الذى نقبل به كما انتهى إليه فى صياغته النهائية بصفته خطوة على الطريق بين مكونات هذا الشعب التى تختلف فيما بينها حول ما تريده من هذا الدستور؟.. ولكنى أتساءل أيضاً: هل يمكننا أن نذهب إلى الاستفتاء عليه دون أن تحل علناً هذه الخطيئة وليس هذا الخطأ؟ الأمور لا تحل داخل الاجتماعات المغلقة إلا قبل التصويت، أما بعده فالأمر يعنينا جميعاً، ولا يعنى رئيس اللجنة وممثلى الكنائس ليحلوه فيما بينهم.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع