بقلم منير بشاى
أتصور اللاعبين السياسيينفى مصر غداة قيام ثورة 25 يناير 2011 وقد اعطى لكل منهم عددا من الأوراق ليلعبوا بها. ومن هؤلاء كانت جماعة الاخوان المسلمين. فترى كيف كان أداء هذه الجماعة فى استعمالها للاوراق المتاحة؟
ورقة الدين كانت اهم ورقة حاول الاحوان استغلالها.فقد حرصوا دائما على ربط اسمهم بالدين الاسلامى وكأنهم وحدهمالاوصياء على الاسلام.
ولكن الدينهو المعاملة، وسلوك الاخوان الدموى دفع حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين ان يصفهم انهم ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين.ومع ذلك فعندما دخلوا فى منافسة مع غيرهم للوصول للحكم حاولوا اقناع الناس انهم "ناس بتوع ربنا" ليباعدوا انفسهم عن من وصفوهم بالفساد فى الانظمة السابقة. ولكن أداؤهم فى الحكم اثبت عكس ذلك.
ورقة الخداع تكمّل ورقة الدين وقداتضح انهم وصوليين يؤمنون ان الغاية تبرر الوسيلة. وانهميتبعون مبدأ "اللى تكسب به العب به" ولتبرير الخداع يصبغونه بصباغ الدين على اساس ايمانهمان كل شىء حلال فى سبيل الله بما فى ذلك تزوير بطاقات الانتخاب فى المطابع الأميرية وشراء الاصوات بالمال والسكر والزيت وتقديم الوعود الكاذبة التى كانوا يعلمون مسبقا انها لن تتحقق.
ورقة العنف وهى ورقة من السهل اقناع الآخر بها فتاريخهم موصوم بالعنف وسفك الدماء. ومليشياتهم المسلحة التى يستعرضون بها قوتها من وقت لآخر هى اداة للترهيب ليحصلوا على ما يريدون. وعندما نافسوا الفريق احمد شفيق فى الانتخابات قيل انهم هددوا المجلس العسكرى بانهم سيحولوا شوارع مصر الى حمامات من الدماء ان لم ينجحوا. وقيل ان هذا كان العامل الرئيسى الذى دعا المجلس العسكرى لتسليم الحكم لهم.
ورقة المغالطة وقد ظهرت بعد سنة من حكمهم واتضاح حقيقتهم مما دعا ملايين المصريين مسيحيين ومسلمين للخروج لمطالبة برحيلهم عن الحكم.
وبعد توجيه انذار لهم من القوات المسلحة بتصحيح الوضع، وعندما لم يكترثوا بالانذار قام الجيش بتنفيذ ارادة الشعب واقصائهم عن الحكم.وفجأة رأينا جهازهم الدعائى يروج للمغالطة بأن هذا كان انقلابا عسكريا وليس ثورة شعبية. ولكن بفضل جهود المصريين فى الخارج امكن تصحيح هذه المغالطات، والآن فهم الغرب ما حدث واصبحوا يسمون ما حدث باسمه الصحيح انها كانت ثورة شعب.
بعد هذا وجدنا بعض الاسلاميين يستعملون ورقة المصالحة.وهى محاولة فاشلة لارجاع هذا التيار الى الشرعية. ولكن هل يمكن استئمان من خدع ومارس العنف ومن كانت المغالطة عندهماسلوب حياة؟ يقول المثل ان المؤمن لا يلدغ من نفس الجحر مرتين.فكيف يمكن للوطن ان يضع يده فى أيدى ملطخة بدماءالشعب خصوصا انه لم يصدر منهم اعتراف بالخطأ او شعور بالذنب والندم؟
الأوراق السابقة لدى الاخوان اصبحت كلها محروقة ولا قيمة لها. ولم يتبقى فى أيديهم سوى ورقة وحيدة وهى ورقة ارهاب الأقباط. هذا خاصة ان الاقباط قد خرجوا عن عزلتهم واصبحوا طرفا يعمل حسابه ضمن اللاعبين السياسيين فى مصر. وفى هذا يقول الاستاذ مكرم محمد مكرم نقيب الصحفيين السابق"ان ما حدث مع الاقباط جاء لعقاب الأقباط الذين خرجوا لأول مرة من عزلتهم ونزلوا للانتخابات واصبحوا جزءا من اللعبة " ويقول د. ناجح ابراهيم عضو الجماعة الاسلامية السابق "ان جماعة انصار بيت المقدس تستهدف الاقباط لاحراج مصر امام العالم"
يبدو واضحا ان الاخوان يحاولون استخدام ورقة الاقباط لتحقيق بعض المكاسب فهى كل ما تبقى لهم. وكانت سياستهم تتلخص فى اتجاهين:
أولا: تصعيد اعمال العنف ضد الاقباط كما رأيناها فى عملية حرق عشرات الكنائس كنوع من العقاب للأقباط على موقفهم غير المؤيدللاخوان، وايضا -وهو الأهم- محاولة اثارة غضب الاقباط من النظام الحاكم ودفعهم للتظاهر ضده، وربما مقاومة العنف بعنف مقابل فيحدث شغب فى المجتمع وقد يدفع الاقباط للشكوى العالمية والمطالبة بالحماية الدولية وهو ما يخدم مصالح الاخوان فى النهاية.
ثانيا: بعد ان فوّت قداسة البابا علي الاخوان خطتهم الاولى نجدهم الآن يقومون بحملة شرسة مسعورة بالهجوم على مقدسات المسيحيين على المواقع الالكترونية فيصفوا الدين المسيحى بالكفر والشعب المسيحى بالكفار.ونفس هذا الاسلوب يعملونه عندما يكتبون على جدران الكنائس عبارات مسيئة للمسيحيين ودينهم. وهدف هذه الحملة التى ظهرت فجأة هواثارة غضب الاقباط نحو المسلمين وفى نفس الوقت تأليب البسطاء من المسلمينضد المسيحيين. وهم يريدون ان يؤدى هذا الى هجمة من المتطرفين ضد المسيحيين يقابلها رد مقابل من المسيحيين. وطبعا هم يتمنون ان يؤدى هذا الى فتنة طائفية بين عنصرى الأمة تهدد المجتمع المصرى كله وربما تقود الى حرب أهلية. وهنا قد نرى جماعة الاخوان تظهر كمن يملك الحل لوقف نزيف الدم ويكون شرطهم هو ان يجلسوا على كرسى الحكم مرة أخرى. وهذا ما رأيناهم يعملوه عندما اوعزوا لزملائهم فى سينا بالقيام بأعمال ارهابية وبعدها مباشرة ظهروا على الساحة يعدون بان كل هذه سينتهى اذا ما عادوا مرة اخرى لحكم مصر.
ولكن الأقباط أذكى مما يتصورون واكثر وطنية مما يظنون، وسيفوتوا عليهم هذه المؤامرة الجديدة. واذا وضع الاقباط امام الاختيار بين سلامتهم وسلامة الوطن ستجدهميقدمون انفسهم عن طيب خاطر وبدون تردد فداء للوطن وشعارهم:ليمت الأقباط وتحيا مصر. وفى النهاية ستلازم الحسرة من خسر الرهان على الأقباط مثلما خسر الرهان على مصر.