مصطفي عيد | الاثنين ٩ ديسمبر ٢٠١٣ -
٠٧:
١٢ م +02:00 EET
ارشيفيه
لا أقبله ولا أرضاه ذلك اللفظ الطارد للغير، المشوه للآخر. الخيانة. إن الشاعر العراقى الجميل بدر شاكر السياب يعجب: «كيف يمكن أن يخون الخائنون» ويتساءل فى دهشة: «أيخون إنسان بلاده؟».. ويجيب قائلاً: «إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟».. وعجب الشاعر من الخيانة لا يقل عن عجبى من التخوين، ذلك الاتهام الجزافى الذى يطلقه الجهلاء ضد من يختلفون معهم، ويستثمره الفاشست للإجهاز على خصومهم السياسيين.
الخائن مثل الكافر لا توبة له، ولا رجوع، وعذابه حق، وعقابه واجب، وكرهه لازم لكل بنى الوطن. ومن هنا فإن اطلاق اللفظ على المخالفين فى الرأى جريمة تستلزم المحاسبة لأنها مثل التكفير طرد من حضن الوطن.
أقول ذلك بمناسبة تعليق حمزة زوبع المتحدث الرسمى باسم حزب الحرية والعدالة على بيان حزب النور بالدعوة للتصويت على الدستور بـ «نعم».. قال «زوبع»: «إن نادر بكار يدعو الإخوان للتصويت على وثيقة العسكر المسماة بالدستور، هل رأيتم خيانة أكبر من ذلك؟».
خيانة؟ العمل الشرعى خيانة. والتظاهر غير السلمى وإحراق المنشآت العامة وتعطيل المرور والتحريض على الفتنة ليس خيانة، أن تقول رأيك بحرية حتي لو صب فى صالح أصنامهم، وخيانة لو خالف توجهاتهم وسياساتهم. أن تختلف فى الرأى مع الاخوان فأنت كافر تحارب ضد الإسلام، وأن ترفض غرورهم وتسلطهم فأنت خائن تحارب ضد الوطن.
الإخوان هم آخر من يتحدث عن الخيانة والنفاق وقلب الحقائق والتخلى عن العهود، فى موقعة شفيق ومرسى تعهدوا بكل ما يرفضونه ويخالف عقولهم ويجافى قلوبهم، ولما تمكنوا حنثوا بأيمانهم وشطبوا تعهداتهم. استخدموا النور كعكاز نحو كرسى الحكم، فلما حكموا أصلوه ناراً وفتنة ورموا أعضاءه بالفساد وشوهوا قياداته وشقوا صفوف الحزب شقاً.
الآن يخونونهم ويخونون كل من يصوّت على الدستور. كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا. هذه أكبر خيانة يراها «زوبع» وكأنه لم ير تحالف سادته مع قتلة الجنود المصريين فى سيناء. وهذه أشد جريمة يعرفها «زوبع» فى حق الوطن، وكأنه لم يشاهد بيع مصر التاريخ والحضارة بلا ثمن للقطريين والأتراك والأمريكيين.
الرصاص نوعان.. رصاص قاتل للأجساد وآخر قاتل للعقول، وجماعات التأسلم تصب رصاصها صباً على المصريين بكل فئاتهم: الجيش، الشرطة، المثقفين، المبدعين، الناس العامة.. ولاشك أن تخوين الآخر هى آخر رصاصاتهم، فخذوا حذركم
نقلا عن الوفد
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع