السبت ٧ ديسمبر ٢٠١٣ -
٤٤:
٠٤ م +02:00 EET
بقلم : يوسف سيدهم
انتهت لجنة الخمسين من صياغة الدستور الجديد لمصر,وبالرغم من أنه من الناحية الرسمية تشكلت هذه اللجنة للنظر في تعديلات دستور2012,إلا أن ثمرة جهودها أسفرت عن دستور جديد لمصر بجميع المقاييس,فمن يمسك في يده النسخة الختامية لعمل اللجنة سيجدالديباجة التمهيدية للمبادئ الأساسية للدولة المصرية,
ثم النص الكامل لمواد الدستور التي بلغت247 مادة موزعة علي مختلف أبوابه...ولعل هذه النهاية تلبي مطلب شرائح كثيرة من الشعب تري أن مصر بعد ثورة30يونية يليق بها أن تكتب دستورا جديدا عوضا عن مجرد تعديل دستور2012 سئ السمعة والمقاصد وأحد مفجرات ثورة غضب الشعب وتمرده.
لن أبدأ هذا الأسبوع بقراءة وتفنيد مواد الدستور ولا أتمني أن تنزلق مصر كلها في هذا الطريق لأن التحدي القائم منذ الآن وحتي ذهاب كل منا إلي صندوق الاستفتاء حين يحل موعد الاستفتاء علي الدستور هو الحفاظ علي روح التحالف الوطني وحشد المصريين لإكمال عمل ثورة30يونية,وفي هذا الصدد أقول بكل ثقة وارتياح إن الدستور الموجود بين أيادينا يستحق منا أن نؤيده ونوافق عليه لأنه ينقل مصر إلي عصر جديد من كفالة الحقوق والحريات وتحقيق المساواة وإعلاء معايير المواطنة بالإضافة إلي التأكيد علي حقوق الإنسان والديمقراطية والحداثة.
هذه كلها راسخة في الدستور ولكن ذلك لايمنع أن كل مواطن إذا ذهب يفتش بين مواده عما يتطلع إليه أو يأمله في دستور بلاده قد لا يجد كل مراده وقد يضع إصبعه علي بعض أوجه النقص أو القصور من وجهة نظره,وهنا يجب أن يعي الجميع أن الدستور إذا كان غير مستوف لطموحات ورغبات جميع المواطنين كل علي حدة فذلك لا يعني مطلقا أن ننحيه جانبا أو نرفضه لأنه يستحيل أن ننتهي إلي دستورتفصيل علي مقاس كل مواطن.المهم أن ما بأيدينا هو دستور يعبر عن أحلام وتوجهات الشعب المصري في المستقبل المنظور ويضمن ألا تضل التشريعات والقوانين التي تنظم المجتمع وحياة هذا الشعب السبيل إلي الحرية والمساواة والحداثة...إذا أكرر أنه يستحق منا جميعا المؤازرة والتأييد.
ذلك هو التحدي القائم أمامنا في المرحلة المقبلة,فمهما اختلفت درجات رضائنا أو سعادتنا بهذا الدستور فهي تتجاوز أية إحباطات تتملك البعض من عدم تحقيق تفصيلات بعينها كان يرغب فيها,ولعل ذلك كان ناتجا عن توجه إشراك جميع شرائح وفصائل الشعب في وضع الدستور فتحول الأمر في بعض الأحيان إلي شبه تنازع بينهم حول القطعة التي يقتطعها كل منهم لنفسه متناسين في غمار ذلك التنافس والشد والجذب أن كعكة الدستور لا تتجزأ وتظل واحدة متماسكة متكاملة للمصريين جميعا...فحذار أن تستدرجنا جماعات الرفض والضغط -وبعض أبواق الإعلام- إلي مستنقع شجب الدستور أو تشويهه,لأن هدفها هو عرقلة تقدم مصر إلي الأمام في خريطة الطريق وإبقاؤها في حالة الصراع السياسي والفوضي والانفلات والعنف بما يهدد ما حققه هذا الشعب في30يونية...أعرف تماما أن الفترة المقبلة ستشهد الكثير من المنابر والندوات والمنصات التي تتولي تشريح الدستور وتفنيد بنوده ومواده وذلك سوف ينشئ اختلافات عديدة ويضع تحت الميكروسكوب تباين الآراء ليضخمها ويفتت المصريين بين شيع وأحزاب وتكتلات متفرقة كل منها يتعصب لوجهة نظره,وبذلك تنجح في هدم التحالف الوطني الذي فجر ثورة30يونية ويتشرذم المصريون في شتي الاتجاهات حتي عندما يحين موعد الاستفتاء علي الدستور-وهو التحدي الحقيقي أمامنا-نجدهم ممزقين بين مؤيد ومعارض ومقاطع!!!
فليعلم كل من له غيرة علي ثورة30يونية وعلي وضع مصر علي طريق الأمان والاستقرار والنظر إلي المستقبل أن الانقسام الآن لا يخدم سوي أجندة التيار الإرهابي الإقصائي الذي تخلصت منه مصر...لكن إن كانت تخلصت منه بإقصائه عن الحكم والقيادة وإن كانت تتعقبه بشراسة لتخليص البلاد من إرهابه فهو لن يترك الفرصة للعودة مجددا من الباب الخلفي لصندوق الاستفتاء-ومن بعده صندوق الانتخاب-فإذا نجح في ذلك سواء بتعطيل تمرير هذا الدستور أو بالنفاذ إلي البرلمان فلا نلومن إلا أنفسنا لأننا بالتفريط في تحالفنا الوطني أو بالتقاعس عن الاحتشاد أمام صناديق التصويت نكون قد فرطنا في مصرنا وسمحنا باختطافها مرة أخري.
لن أتواني في الفترة المقبلة عن تكرار التحذير-ولا أقول التخويف-من بئس هذا المصير الذي إذا حل نكون قد صنعناه بأيادينا..فلا تفقدوا الرؤية والبصيرة الوطنية ولا تجعلوا الأمور الهامشية تعميكم عن الاتجاه الصحيح للمستقبل.