بقلم: ماجد سمير
بالرغم من فوز المنتخب الوطني في أولى مباراياته بكأس الأمم الأفريقية إلا أنه خسر الكثير بسبب عدم ارتداء اللاعبين الشريط الأسود المشير إلى الحداد على السبعة ضحايا في مذبحة نجع حمادي أثناء مباراة أمس الأول، ويبدو أن نجوم المنتخب يشعرون أنهم فوق مستوى بقية أفراد الشعب وأن لعبهم لكرة القدم "تضحية من أجل الوطن".
وليس بغريب عدم تنازل الفريق الوطني وارتدائه لشارة سوداء بسبب سبعة ضحايا لحادث ارهابي بشع منهم ستة أقباط والسابع من أهلنا المسلمين راح ضحية صداقته لقبطي فذهب ليحتفل مع صديقه مثلما يحتفلا سويًا في كل أعياد المسلمين والأقباط، فالفريق المصري في عام 2006 لم يرتدِ ما يفيد حداده على ضحايا العبارة، في الوقت الذي وقف فيها الفريق النيجيري خلال بطولة عام 2006 دقيقة حداد ولبس شارة سوداء حزنًا على الغرقى المصريين في البحر الأحمر وأرواحهم التي ذهبت إلى بارئها.
وأتذكر عتاب الكثيرين على اختياري "مصر المخروسة" اسمًا لكتابي الجديد، بل ووصل الأمر بأن وصف الاسم عددًا منهم بأنه عيبًا كبيرًا في حق الوطن، ومجرد وصف مصر "بالخرس" يعتبر تعدي شديد مني على بلد وصفت طوال تاريخها بالمحروسة، ويحضرني سؤال ملح جدًا أوجهه لكل القراء الأعزاء، فبعد الحلقة الجديدة من مسلسل قتل الأقباط التي بدأت أولى مشاهدها في العقود الستة الأخيرة بحادث مدينة السويس أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ثم حادث الخانكة في عام 1972 في فترة حكم الرئيس السادات رحمه الله، وكان فصلها الجديد في مذبحة نجع حمادي، وأقول الجديد وليس الأخير لأن الحادث سيتكرر حتمًا لأن المناخ لم يتغير وما زال تربة خصبة لمثل هذه الأحداث، هل لا تستحق البلد لقب "المخروسة"؟!
هل الإشارة الدائمة بأن ما قام به الكموني وأعوانه من قتل عشوائي حسب الإتهام الموجه لهم من قبل النيابة ما هو إلا انتقام لجريمة شرف حدثت في فرشوط ، لا يجعل من انتقدوا اسم الكتاب يقولون ولو بشكل غير معلن أنها حقًا "مخروسة"؟ فعندما تقول مذيعة لامعة مثل منى الشاذلي في برنامجها الناجح "العاشرة مساء" إنه حادث شرف وتكرر الجملة على مدار الحلقة لمرات عديدة ينفي عنا وعن مصر لقب "المخروسة" ونصبح نحن "المخاريس"! تصر المذيعة عل فكرة جريمة الشرف في فرشوط بالرغم من أن الشاب المتهم من قرية الكوم الأحمر والفتاة من قرية الرحمانية ولا علاقة بين حجة "الشرف" وبين أي من فرشوط أو نجع حمادي، وأيضًا بالرغم من أن الجاني لم توجه له النيابة إتهامًا بعد شهرين من الجريمة التي حدثت في نوفمبر الماضي أليس هذا كافيا لفكرة "مصر المخروسة"؟!
منى الشاذلي التي ردت على أحد المتصلين الذين يشكون من استمرار الإعتداء على أقباط في فرشوط بشكل هيستيري في حلقة سابقة بأنها لم تسمع عن ذلك أبدًا وتم إغلاق الخط فورًا حتى ينقطع الحديث، ألا يكفي هذا الرد فقط بتأكيد القول أنها "مصر المخروسة"؟!
تبرير المذبحة وأعطاء حق القتل للقاتل لأنها رد شرف من أشخاص لا علاقة لهم بالمجني عليها ولا علاقة بفرشوط ولا علاقة لفرشوط جغرافيًا وعائليًا بقريتي الشاب والفتاة، ومنحه حق قتل إبرياء في نجع حمادي لا علاقة لهم بالجاني وبالجريمة من الأساس، يعطي حق لمجرم في مصر الجديدة في قتل أبرياء في شبرا إنتقامًا لجريمة شرف وقعت في الجيزة وقد يقال أن الجاني مجرد شخص "أحول".
يا سادة.. عندما لا يصدر أي اعتذار رسمي من الدولة على حادث دموي مثل مذبحة ليلة عيد الميلاد تصبح "مخروسة"، عندما لا تعلن دولة -إي دولة في العالم- عن حدادًا رسميًا عند موت أبنائها في العبارات الغارقة والقطارات المحترقة وطوابير العيش ومذابح الفتن الطائفية، يقال عنها وبالفم المليان أنها حقا "مخروسة".