قدم معهد الشرق الأوسط للدراسات، في العاصمة الأمريكية واشنطن، تقييما شاملا لمسودة الدستور المصري، بعد انتهاء لجنة الخمسين من عملها، وتسليم المسودة النهائية للرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور.
وجاء التقييم من خلال الاجابة على عدد من الأسئلة، ومدى معالجتها في الدستور، الذي ينتظر أن يستفتي عليه المصريون في الداخل والخارج.
كانت البداية مع أوجه التغيير بين دستور 2012 في حكم الإخوان، والدستور الجديد، وجاء في التقييم أنه من حيث بنية النظام السياسي والفصل بين السلطات لا توجد اختلافات كبيرة، ومع ذلك فهناك تحسنا في تعزيز وحماية الحريات والحقوق الشخصية في دستور 2013، فعلى سبيل المثال أصبحت حرية الاعتقاد مطلقة ولو من الناحية النظرية، ودللت على ذلك بالمادة "64"، كما تم تجريم التعذيب بكافة أشكاله، وكذلك التأكيد أن مصر ملزمة بكافة الاتفاقات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والتي سبق للدولة أن وقعتها، وهو مايعني أن اولئك الذين ينتهكون حقوق الإنسان في مصر قد يكونوا عرضه للمسائلة.
وحول وضع الدين في الدستور، أوضح التقييم أن المادة الثانية، والتي تجعل من الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع ظلت مكانها كما هي منذ عام 1970، ولكن فى عام 2012 كانت هناك مادة شارحة، وكانت في إطار صفقة بين الإخوان والسلفيين لتمرير الدستور، وهي المادة 219، أما في الدستور الجديد فتفسير المحكمة الدستورية العليا هو الذي سيسود.
وكذلك ليس هناك فارق كبير بين دستور 2012 والدستور الجديد فى مسألة ضمان الحريات الدينية لأصحاب الديانات الإبراهيمية "اليهودية والمسيحية والإسلام".
وحول وضع الأقليات والمرأة في الدستور الجديد، أكد التقييم أن الدستور الجديد يمنح بالفعل مزيدا من الحقوق للمرأة والأقليات، وأعاد لهم حقوق منعت عليهم في دستور ،2012 فالدستور الجديد يقر بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وعدم التمييز ضد المرأة، في حين ان دستور 2012 جعل وضع المرأة خاضعا للشريعة الإسلامية، وكذلك اعطى الدستور الجديد للمسيحيين في مصر الحق في مباشرة شعائرهم الدينية بحرية، وبناء واعادة ترميم الكنائس كما جاء في المادة "235"، بالإضافة للتشجيع على التمثيل الصحيح للمسيحيين في البرلمان، وكذلك الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن نسبة المقاعد التي ستمنح لهم تركت لتحديدها بالقانون، ولم تحدد حتى الآن.
وفيما يخص وضع القوات المسلحة، قال التقييم إن الدستور الجديد كرس للوضع الذي منح للجيش في دستور 2012، والذي يعزز من عدم خضوع الجيش لسيطرة المدنيين، وكذلك أبقى على محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ولكنه قصرها على حالات محددة، وهي الاعتداء المباشر على العسكريين أو المنشآت العسكرية، فضلا عن ذلك فالبرلمان لايملك الحق في مناقشة ميزانية الجيش بالتفصيل، وكذلك استحدث الدستور الجديد أن يكون تعيين وزير الدفاع لمدة ثمان سنوات، أي فترتين رئاسيتين، وأن يكون اختياره من القوات المسلحة، ويشترط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في حين أن دستور 2012 كان يتم اختياره فقط من القوات المسلحة.
وحول مايمثله الدستور الجديد في عملية التحول الديمقراطي داخل مصر، اعتبره التقييم أنه يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، في مرحلة صعبة ودقيقة وشاقة، ولكن هذا من الناحية النظرية، اما من الناحية العملية فمن الصعب القول بإنه سينهي الأزمة السياسية في مصر، وإنه سيحقق استقرار حقيقي، وهو الأمر نفسه الذي لم يحققه دستور 2012، خاصة وأن الدستور الجديد كتب في اجواء تتسم بالاستقطاب الحاد، ومرحلة تتميز بالانقسام، وهو ما يؤثر على مصداقية العمل الذي جرى.
وحول موقف الإخوان خلال الفترة المقبلة، توقع التقييم أن الإخوان سيبذلون كل ما في وسعهم لنزع الشرعية عن الدستور الجديد، وحث الناس على المقاطعة، واذا لم يتمكنوا من دفع الناس للمقاطعة، سيقومون بحثهم على الرفض.
وأوضح التقييم أن قدرة الإخوان على الحشد أصبح مشكوكا فيها في هذا التوقيت، والدعم الشعبي لهم يتآكل، وقدرتهم على التعبئة تعاني من الانخفاض.