بقلم: أمين أسكندر
المتابع للشأن المصرى، والمشارك فى الهم اليومى، سوف يخرج بتقدير خطير مفاده أن ثورة 30 يونيو، يتم الاستفراد بها من قبل حلف مصالح، يتشكل من رجال الدولة العميقة، وحزب لجنة السياسات، ورجال مال وأعمال، ورجال المؤسسات الأمنية وبعض المؤسسات الإعلامية وبعض من رجال القضاء، وقد رأى هذا الحلف أنه قد حان الوقت لاسترجاع المصالح والدفاع عنها، والتصدى لكل مظاهر الفوضى الخطرة - من وجهة نظرهم - حتى يتمكنوا من فرض تحكمهم على السلطة، وبالذات وبعد اقتراب التصويت على الدستور، ولعل هذا ما يفسر صدور قانون التظاهر سيئ السمعة، وصدور أحكام مشددة على المتظاهرات فى الإسكندرية ومنهن سبع قصر، وكذلك المحاولات المتكررة والجادة لإدخال الحرس الجامعى مرة أخرى للجامعات- رغم صدور حكم بات بإخراجه- والحفاظ على نص المحاكمات العسكرية للمدنيين فى الدستور، وقد شارك حلف المصالح بدور فى ثورة 30 يونيو مع الشرائح المتوسطة والدنيا من الطبقة الوسطى من عمال وفلاحين وشباب وجماعات سياسية وثورية، وجراء ذلك تم إخراج الإخوان والجماعات الجهادية من السلطة بعد سنة من وجودهم فى السلطة بتهيئة ومساعدة من بيئة دولية وإقليمية ومجلس عسكرى رأى أنه من الممكن أن يحافظ على مصالحه فى وجودهم،
وقد عبر دستور الإخوان والسلفيين عن ذلك بكل وضوح، إلا أنه تعرض لإهانة العزل كما حدث مع المشير طنطاوى والفريق عنان، كما تعرض للإهانة والتنكيل والتعدى على السلطة القضائية، وكذلك تم تهديد مصالح رجال الأعمال من غير الإخوان، وتم التخلص من قيادات أمنية حتى يضمن حكم الإخوان أمنهم وأمن سلطتهم، وقد تجمعت نذر الخطر تلك مع غضب واسع شمل قطاعات عديدة من شرائح الطبقة الوسطى، وتشارك الجميع فى إخراج الإخوان من السلطة وكان ذلك عبر تشكيل تحالف واسع على الأرض، إلا أن ما يحدث الآن أن هناك حلفاً للمصالح مشكلاً من رجال أعمال وإعلام وسياسة وأمن يتجمعون لكى يدافعوا عن مصالحهم التى هددتها ثورة 25 يناير وتحت حكم الإخوان، وهذا ما يفسر صدور قانون مثل قانون التظاهر رغم وجود قانون العقوبات وبه ما يلزم لتوفير الأمن والاستقرار المزعومين، وهو ما يفسر مهرجان البراءات من أول الرئيس المخلوع مبارك وصولاً إلى كل ضباط الشرطة المتهمين بقتل شهداء الثورة، حتى أن قناص العيون الشهير لم يحكم عليه سوى بثلاث سنوات، وقتلة خالد سعيد 7 سنوات.
وهكذا تتجمع نذر الخطر وتجعلنا نحذر أن الوطن يرجع إلى الخلف، وأن الثورة يتم السطو عليها للمرة الثانية من قبل حلف المصالح بعد أن سرقها الإخوان، ويتساءل البعض عن توقيت تلك الهجمة وذلك الاستفراد من قبل حلف المصالح وقبل الاستفتاء على الدستور، ولا إجابة سوى أن هذا الحلف رأى فى أجندة المرحلة القادمة، سواء من استفتاء على الدستور أو انتخابات برلمانية أو انتخابات رئاسية، أهمية استفراده بالسلطة عبر استبعاد أطراف من حلف 30 يونيو تطالب بمزايا لا يستطيع أن يتحملها ولا من مصلحته أن يتبناها مثل قرارات جادة بشأن العدالة الاجتماعية وتغير السياسات اللا اقتصادية، بل سياسات خارجية أيضاً.
وبالتالى كان قرار الاستفراد بالسلطة حتى يتحكم فى سياقات المرحلة القادمة وأجندتها حتى تخرج لصالحه، وقد تؤدى تلك السياسات من قبل تلك السلطة إلى تشققات فى جبهة 30 يونيو، وبالذات إذا رأت بعض الجماعات الثورية استعادة التعاون مع الإخوان ومن لف لفهم، وإذا وقع ذلك فسيكون هو الخطأ الاستراتيجى فى مسيرة الثورة وسوف نتعرض لانتكاسة طويلة الأمد.
لذلك لا سبيل أمامنا كثوار وثورة إلا حلف اجتماعى يتشكل من الشرائح الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، وتمتين هذا الحلف وبناء تنظيم جبهوى يعبر عنه واختيار قيادة ثورية تقوده وترسم له خطوطه النضالية فى الفترة القادمة، فعلى الثورة ورجالاتها أن يمتلكوا تحليلاً عميقاً للمرحلة، على أساسه تبنى خرائط المعارك والمواقف والسياسات.
نقلا عن: المصري اليوم