الأقباط متحدون - مادة 219 الغيت نصا وبقيت حكما..
أخر تحديث ١٣:٥٥ | الاثنين ٢ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٣ | العدد ٣٠٢٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

مادة 219 الغيت نصا وبقيت حكما..

ارشيفيه
ارشيفيه

 بقلم منير بشاى

المادة الثانية التى ادخلت الشريعة الاسلامية فى الدستور المصرى تقول "الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" 

هذه المادة كانت وما تزال سبب خلاف حاد منذ ان ظهرت فى الدستور المصرى.  وكان الحكام يستخدمونها لمداعبة الاسلاميين لتحقيق الموائمة السياسية احيانا وللمساومة على تمرير ما يخدم مصالح الحكام احيانا أخرى.  وفى المقابل كان الحكام يحاولون استرضاء الطرف المتخوف من الشريعة باقناعه ان هذه المادة مجرد "ديكور" لا تفيد ولا تضر وقصد به استرضاء التيار الاسلامى دون المساس بمصالح غير المسلمين.
فى صميم المشكلة تقع اشكالية تطبيق الشريعة الاسلامية.  ففى البداية قيل ان مبادئ الشريعة الاسلامية هى "مصدر" التشريع.

ثم عندما اراد الرئيس الأسبق أنور السادات تمديد فترة ولايته اعتقد انه يستطيع ذلك اذا اعطى الاسلاميين شيئا مقابل له.  وهنا جاءت الألف واللام لتصبح مبادئ الشريعة "المصدر" الرئيسى للتشريع وليس مجرد مصدر.
ولكن لتهدئة خواطر غير المسلمين كانت الحكومة دائما تقول لغير المسلمين: ان لا ينزعجوا لأن كلمة مبادئ ليس معناها احكام بما فيها الحدود الاسلامية من قطع يد السارق ورجم الزانى وجلد السكير فالمبادئ هى العدل والرحمة والمحبة والسلام وهى قيم مشتركة فى جميع الاديان.  وفعلا لم نجد (حتى الآن) سارقا قطعت يده او سكيرا جلد او زانيا رجم 

ثم قامت ثورة 25 يناير 2011 وقفزت جماعة الاخوان على حكم مصر.  وكان هدف الاخوان من البداية هو اعادة كتابة دستور جديد للبلاد يؤكد بما لا يدع مجالا للشك هوية مصر الاسلامية ومطابقة القوانين لأحكام الشريعة الاسلامية.  وكان هناك اقتراح لتغيير كلمة مبادئ لتصبح احكام أو حذف كلمة مبادئ فيتحول المفهوم ضمنيا الى أحكام.  ولكن واجه هذا التوجه مقاومة شديدة مما دفع القائمون على الصياغة الى الالتفاف حول الأمر وقبول مبدأ عدم المساس بالمادة الثانية وترك كلمة مبادئ كما هى.  ولكن فوجئنا بحشر مادة توضيحية للمادة الثانية وهى مادة 219 يقول نصها " "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية،وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة". 

وكان واضحا ان الامر قد تم عن طريق خدعة اعترف بها الشيخ برهامى فى جلسة مع اخوانه من قادة السلفيين والتى من سؤ حظه انها تم تسجيلها صوتا وصورة.  وفى ذلك الشريط كان الشيخ برهامي يسعي لإقناعهم بأن مسودة الدستور مطابقة تماما لما يطالب به السلفيون والتيار الإسلامي، ويشرح البرهامى بفخر واعتزاز المهارات التي استخدمها هو وغيره من التيار الإسلامي داخل الجمعية التأسيسية للتحايل علي مقترحات التيار الديمقراطي.  وقد تبين بعد اقرارالدستور ان المادة 219 مادة كارثية لأنها تستبعد فى تفسير الشريعة الاسلامية طوائف اسلامية كبيرة كالشيعة بل انها تترك اجتهادات تطبيق الشريعة مفتوحة لقناعات المذاهب الفقهية الاربعة لأهل السنة وهى تختلف فيما بينها فى الكثير من القضايا.

كل هذه وغيرها ادى الى قيام ثورة 30 يونيو 2013 لتصحيح ما افسده الأخوان خلال عام من حكمهم لمصر.  وكان على رأس التغييرات التى طالب بها الشعب هو صياغة دستور مدنى يرعى مصالح الشعب دون تمييز.  وكان من الطبيعى ان يحدث صدام حول تفسير كلمة مبادئ ورفض للمادة 219. 
 وأخيرا قيل لنا انه تم استبعاد المادة 219 واستبدالها بتفسير المحكمة الدستورية العليا الذى يفسر مبادئ الشريعة على انه "الاحكام القطعية الدلالة القطعية الثبوت." وعندما اعلن نص الدستور الجديد المعدل وجدنا تفسيرا لكلمة مبادىء الشريعة الاسلامية فى ديباجة الدستور ويقول “مبادىء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهذه المبادىء تعني الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادؤها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا.  لا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها، أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، على أن يكون الاجتهاد دوما واقعا في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال علي الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها”.

وهكذا وجدنا انفسنا  بعد وقت طويل وجهد كبير نعود من جديد للمربع الأول فبدلا من اعتبار مبادئ الشريعة هى مجرد مبادئ لا يختلف عليها اثنان، اذ بنا امام احكام ثابتة يتفق عليها فقهاء المسلمين بل وما لا يتفقون عليه وقد ترك لاجتهادهم.  معنى ذلك امكانية تطبيق احكاما مثل قطع يد السارق ورجم الزانى وجلد السكير وقتل المرتد وتطبيق الجزية وتحريم بناء الكنائس ورفض ولاية غير المسلم وعدم اعدام المسلم قاتل غير المسلم وقبول نسب الطفل المولود لأبيه بعد موت
الأب بأرع سنوات. ولا حدود لما يمكن ان يصل اليه اجتهاد الفقهاء.

أكاد أرى الشيخ برهامى صاحب خدعة مادة 219 يخرج  لسانه لمصر كلها.  فقد استطاع  مرة اخرى ان ينفذ ما يريده ولكن دون خداع ورغما عن انف ال 30مليون مصرى الذين خرجوا فى ثورة 30 يونيو مطالبين بمدنية الدولة. فطبقا لقول  الشيخ البرهامى "المادة 219 ستظل بالدستور لكن بشكل آخر وبصيغة أخرى". ولذلك من يقولون ان المادة 219 قد تم الغائها اما انهم يخدعوننا او يخدعون انفسهم..
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter