الأحد ١ ديسمبر ٢٠١٣ -
٢١:
٠٧ ص +02:00 EET
أثناسيوس جورج
بسبب ويلات الحروب الأهلية والإرهاب الدموي ، نزح ملايين البشر ، ولازالت الإحصائية الرسمية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين UNHCR غامضة بشكل مطلق بسبب التواتر المتزايد لعمليات التشرد واتساع دوائر المخيمات المكتظة بالنازحين ، فمن وجهة اجتماعية يحتاج هؤلاء البشر إلى المأوىَ والمأكل والكساء والمياة والإسعافات والخدمات الطبية والتعليم المدرسي ، الأمر الذي عجزت عنه برامج الغذاء العالمي World Food Programme .
الاحتياج الأهم من كل هذا هو حل أزماتهم السياسية التي عقدتها عصابات الأصولية الدموية والمصالح والقوى والفتوات والتشابكات الدولية والإقليمية . مما جعل جحيمهم مستمرًا بلا أي أفق وسط مناخ غاية في الصعوبة ، يعكس عطش العالم كله للحق والعدل والصلاح والجمال ، بل يعكس عطش العالم للمعنى والوجود الذي لا يمكن لأحد أن يتهرب منه ، ولا بمقدور أحد ان يصم الأذن أو يغض البصر عنه .
العالم اليوم يعيش قانون الغاب " القوي يأكل الضعيف " النمر يأكل الغزال ، الذئب يلتهم الحمل ، الصقر يقتنص الأرنب ، الأسد يفترس الجميع ، بقاعدة الوحشية ، أنني " لي الحق " أن أفترسك لأني الأقوى والأشرس ، لذلك لا يقاس تقدم الجماعة البشرية بمعيار تقدم العلم والتقنية لكن بقيمة الإنسان ، ويقاس بأولية القيم الروحية والأخلاقية ، حتى ينتصر الضمير البشري على أغراض الهيمنة والاستعمار والفتوحات والإرهاب الذي سيفني ويُفقر الانسان .
لقد قل الوعي العام بكرامة الإنسان وبحقه في حرية التعبير والفكر والتنقل والهجرة والجهر بالدين والمشاركة ، التي هي جوهر كرامة كل كائن بشري ببعده الإنساني التام من غير انتقاص . إن جميع الأشخاص أُعطُوا عقلاً وإرادة حرة واختيارًا ، يلزم على الجميع ضبطها واتباعها مع جميع أمم الارض ، وهو ما تنادي به كنيسة المسيح كضمير لهذا العالم .
فهذا العام تحديدًا ترك ملايين من المسيحيين أرض الآباء والأجداد وهجروا قسريًا ، تخلوا عن أرضهم وأرزاقهم ومقتنياتهم وعيشهم الكريم وحضارتهم التي أسهموا في بنائها ... حاملين صليبًا ثقيلاً في عيش صعب ، بعد أن فقدوا كل شيء وخطفوا وتعذبوا وفقدوا أحباءهم وسلبوا ..
والآن يعيشوا مصيرًا مخيفًا، وصليبهم الأكبر في صمت الأخيار وأصحاب الضمائر عن قضية حياتهم ، لكننا نضعهم في صلاتنا كل حين وفي أولوية أجندة أعمالنا واهتمامنا ، ونقول لهم لستم وحدكم تحملون الصليب ... صليب أنكم مسيحيين ، فكل منا قيرواني يحمل معكم صليبكم ومهما طال درب الجلجثة فإن أُفق القيامة تحل علينا .
إن مسيحنا القدوس اللاجئ الأول ، عندما أتى هارباً إلى مصر من بطش هيرودس الدموي ... متغرباً فيها ، وقد حُفظت حياته ونجا من مذبحة أطفال بيت لحم ومن يد الناقميين حتى يضمن الحياة للعالم بتدبير خلاصه ...
ولازال إلى الآن الذين يطلبون نفس الصبي من أعداء صليبه يسعون قتلاً وحرقاً واجراماً وإرعاباً ضد المؤمنين باسمه ، والحقائق على الأرض مكشوفة امام الجميع في خديعة الإثم ، لكن رجاؤنا عالٍ في ذراع قدس الرب ليعلنها امام عيون كل الامم فترى كل أطرافها خلاصه وتعمل عمل الدهور كلها ...
يارب إليك نصرخ يا ضابط الكل أن ترحم جبلتك التي صنعتها يداك وتجمعها بمراحمك من الشتات .