مينا اسعد كامل
مدرس اللاهوت الدفاعي
معهد دراسات الكتاب المقدس
نستكمل معا الرد على مقال الدكتور جورج حبيب بباوي والذي حاول الرد من خلاله على مقالنا المنشورفي موقع الاقباط المتحدون
انتهينا في الجزء السابق إلي إظهار خطا الدكتور معلم اللاهوت واللبس بين (عمل الكنيسة) و (أعضاء الكنسية)
كما رأينا سلامة القوانين الكنسية تجاه أمثاله وكيف يجب معاملتهم
وندخل الآن في الموضوع الرئيسي الذي يحاول الدكتور جورج إثباته إلا وهو (أن الإنسان أقدس من مياه المعمودية)
والأمر ليس كما يظن البعض او كما حاول هو أن يُصَور قائلا : (ن الاختلاف على تفسيرٍ ما، أو حتى الخطأ التاريخي -طالما لا يمس جوهر الإيمان- هو حقٌ لكل مسيحي يسعى نحو فهم ناضج ) وان الحوار أمر لا تكال عليه الاتهامات .. فهذا يا دكتور (شبه حق) ولكن (يراد به باطل)
إن قضية أيهما أقدس ليست قضية تنتهي عند هذا التعريف وانتهى الأمر !! بل هي في رأي الدكتور جورج جزء لا يتجزأ من العقيدة الفاسدة (تاليه الإنسان) ليس مجرد مقارنه او مقاربه بين مياه المعمودية والإنسان ويظهر هذا جليا مما كتبه في نهاية مقاله تحت عنوان اختاره "الانقضاض لتدمير مجد الإنسان في يسوع المسيح رب المجد"
ويهوي الدكتور جورج بباوي في مغالطة حوارية شهيرة إلا وهي الاستدلال الدائري .. وهي ببساطة (الإنسان شريك في النعمة الإلهية متأله إذن هو أقدس من مياه المعمودية) و (الإنسان أقدس من مياه المعمودية إذن هو متأله ) بلغه أخرى وبالعامية (بيضة الدكتور جورج الأول ولا كتكوته !!)
المغالطة الثانية المقصودة من الدكتور جورج هي محاولته لتصوير ان عدم تأليه الإنسان يعني تحقيره !!
وهي ما يطلق عليها الاستنتاج المشحون ..
وهو يعني ببساطة أن الدكتور جورج يحاول إيهام القارئ والمتابع أن (الإنسان إن لم يكن رئيس جمهورية إذن هو متسول !!!)
الإنسان إن لم يكن متأله إذن نحن نضيع حقه وننقض على نعمته على حد تعبير الدكتور جورج
وارى في هذه الرغبة الشديدة للتأله قول القديس غريغوريوس النزينزي الناطق بالإلهيات – في اللاهوت – ترجمة الراهب القمص مرقوريوس الأنبا بيشوي يقول:
" من كانوا منهم أكثر خضوعا للشهوات رأوا في تلك الشهوات ألهه وأعطوها كرامات إلهيه .... لقد أعطوا لكل صنم اسما هذا سموه اله وذاك سموه شيطان"
الرغبة الشديدة في عبادة صنم الذات
ليس موضوعنا الآن تحديدا قضية تأله الإنسان ولكنها محور مهم جدا لبيان فكر الدكتور جورج حبيب وإظهار إلام يرمي فهذا سيوضح الكثير من الأمور.
بقدر ما أعانني الرب لم أجد في أقوال الآباء عبارة صريحة عن فارق القُدّسيات بين الإنسان ومياه المعمودية بل استطيع ان اجزم ان الدكتور جورج أيضا لم يجد هذا الأمر صراحة في أقوال الآباء وإلا لكان قد أتى به .. نحن أمام استنتاج تفسيري لقضية نمت عن فكر الدكتور لإثبات ما ذكرناه سلفا.
أما ما أتى في مقاله لإثبات هذا الأمر فلم يرقى أبدا إلي مرحله الإثبات لعقيدته الخاصة فهو على سبيل المثال استشهد بحلول الروح القدس وتعليقات من رسالة القديس أثانسيوس لسرابيون الأولى عن الروح القدس !!
وأي استدلال في هذا يا سيادة عالم اللاهوت ؟ وهل أنكر احد عمل الروح القدس من النعمة والتجديد ؟؟؟ أم انه مجرد رص اقتباسات لإيهام القارئ البسيط فقط بقوة الاستدلال!!
وبالمناسبة
ابتسمت كثيرا عندما راجعت اقتباسات الدكتور الفاضل الباحث والأكاديمي من رسالة القديس أثانسيوس الرسول الي سيرابيون الأولى ومقارنتها بمرجع هام جدا حمل ترجمه لهذه الرسالة إلا وهو مؤسسة القديس انطونيوس – المركز الأرثوذكسي للدراسات الابائيه – سلسله نصوص أبائية 95 بعنوان "الروح القدس" فاكتشفت خطا المرجع الخاص بالدكتور والذي استشهد به .. حتى المراجع يا دكتور !!
ولا أخفيكم سرا أن الإغراء كان قويا ان أصور تلك الصفحات وأصور المقالة واثبت خطا الاستشهاد ومصدرة ونعمل حفله سويا نجبر فيها الدكتور جورج نهائيا على الصمت أو الاعتذار عن سوء الاقتباس .. كان الإغراء قويا جداااا
إلا إنني إكراما للذين يؤيدون الدكتور جورج
وإكراما للذين سيسبونني أسفل المقال كالمعتاد من أتباع الدكتور جورج دون دليل او سند أو رد على أي نقطة علميه قررت أن اكتفي فقط بروح محبه وإتضاع وإكراما لهم أن أصحح الأخطاء
يستشهد الدكتور ب : الرسالة الأولى إلى سرابيون 1: 21 خطأ والصواب : 1-20
يستشهد الدكتور ب : المرجع السابق. !! خطأ والصواب : 1-22
يستشهد الدكتور ب : المرجع السابق 1: 25 خطأ والصواب :1-24
الاقتباسات التي اتى بها الدكتور جميله ورائعة !! ولكن
أين الإثبات فيها على ان الماء اقل تقديسا او العكس !!
يتساءل الدكتور جورج سؤالين يراهم مهمين للإثبات :يقول
" أولاً: لو كانت مياه المعمودية أقدس من الإنسان، لوجب على رسول المسيح أن يقول إن المياه صارت هيكلاً للروح القدس، ولا يمكن أن تعود كمياه مخلوقة (طبعها الأول)، ولكن الإنسان المسيحي صار “مكان”، أو “منزل سكنى الثالوث حسب قول الرب يسوع نفسه: “إليه نأتي وعنده نصنع منزلاً” (يو 14: 23)."
ورغم ان كلمه (لوجب على الرسول أن يقول ...) هو نوع من إملاء الوحي والتدخل فيه بشكل غير مقبول إلا أن الدكتور فاته الكثير مما قيل عن مياه المعموديه :
القديس باسيليوس الكبير " لكون الغاية من المعمودية مضاعفة وهي ان يبطل جسد الخطية لكي لا يثمر فيما بعد للموت وان تكون الحياة بالروح ليكون لنا ثمر التقديس يكون الماء ليرسم صورة الموت اذ يقبل الجسد بمثابة القبر "
القديس كيرلس الأورشليمي " حينما تدخلون في الماء لا تجدون بعد ماء بسيطا بل تنتظرون خلاصا بالروح القدس لأنكم تستطيعون بلا مانع أن تصلوا إلي الكمال هذا الكلام ليس كلامي بل كلام الرب يسوع نفسه"
يصف القديس يوحنا ذهبي الفم ما يحدث أثناء المعمودية قائلا :" عندما تأتي إلي سر التأسيس المقدس فإن العين الجسدية ترى ماء أما أعين الايمان فترى الروح تلك الأعين ترى الجسم يعتمد وهذه ترى الإنسان العتيق يدفن الأعين الجسدية ترى الجسد يغتسل واعين النفس ترى الروح تتطهر أعين الجسد ترى الإنسان يخرج من الماء واعين الروح ترى الإنسان الجديد يخرج ببهاء مشرق بعد هذا التطهير الجديد .... إذن في تلك اللحظة فان الذي يعمد ليس هو إنسانا ولكن ابن الله الوحيد"
1يو 5-6
هذا هو الذي أتى بماء ودم يسوع المسيح،
لا بالماء فقط بل بالماء والدم.
والروح هو الذي يشهد لأن الروح هو الحق
يقول القديس أمبروسيوس: [كانت مارة عين ماء شديدة المرارة، فلما طرح موسى الشجرة أصبحت مياهها عذبة. لأن الماء بدون الكرازة بصليب ربنا لا فائدة منه للخلاص العتيد. ولكن بعد أن تكرس بسرّ صليب الخلاص يصبح مناسبًا لاستعماله في الجرن الروحي وكأس الخلاص. إذ أنه كما ألقى موسى النبي الخشبة في تلك العين، هكذا أيضًا الكاهن ينطق على جرن المعمودية بشهادة صليب ربنا فيصبح الماء عذبًا بسبب عمل النعمة.]
هذه المعمودية يشهد لها الروح وشهادته حق، ليست شهادة كلام، بل بالعمل إذ هي عمله، وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [حينما تدخلون في الماء لا تجدون بعد ماء بسيطًا بل تنتظرون خلاصًا بالروح القدس، لأنكم تستطيعون بلا مانع أن تصلوا للكمال.]
وفي نفس الإصحاح :
"والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة:
الروح والماء والدم والثلاثة واحد" [8].
يقول القديس أمبروسيوس: [الشهود الثلاثة في المعمودية: الماء والدم والروح هم واحد. لأنك إن انتزعت واحدًا منها لما وجد سرّ المعمودية. لأنه ما هو الماء بغير صليب المسيح؟! عنصر مادي بدون أي فعل سري! كما أنه لا يوجد سرّ التجديد بدون ماء لأنه "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت اللَّه" (يو ٣: ٥).]
ويقول القديس أغسطينوس:
[وإذ قال أن الثلاثة في الواحد أوضح أنه لا يقصد بالروح والماء والدم المفهوم العام بل هي أمور سرية.
لأن مادة الروح ومادة الماء ومادة الدم ليسوا واحدًا. ولكن كما نقول مثلًا أن الصخرة والماء هما واحد قاصدين بالصخرة المسيح وبالماء الروح القدس.
من يشك في أن الصخرة والماء هما مادتان مختلفتان، لكن إذ السيد المسيح والروح القدس طبيعة واحدة نقول أن الصخرة والماء واحد.
إننا نعلم أن ثلاثة خرجوا من جسد ربنا وهو معلق على الصليب.
أ. الروح إذ كتب "ونكس رأسه وأسلم الروح" (يو ١٩: ٣٠).
ب، ج. وعندما طُعن خرج منه دم وماء.
هذه الثلاثة مختلفو المادة ومتميزون، فهم ليسوا بواحد. إنما الوحدانية هنا تحمل معنى أن جسد المسيح السري أي الكنيسة يثبت في الثالوث القدوس ويكرز به.
فالروح نفهم منها ما جاء أن "اللَّه روح" (يو ٤: ١٤)، والدم يعني الابن الذي صار جسدًا (يو ١: ١٤)، والماء يشير إلى الروح القدس كقول ربنا (يو ٧: ٣٨)...
أما عن كون الثالوث القدوس شاهدًا، فهذا ما لا يشك فيه كل من يؤمن بالإنجيل، إذ يقول الابن "أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الآب الذي أرسلني" (يو ٨: ١٨). "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو ١٥: ٢٦).
هؤلاء الشهود الثلاثة هم واحد، طبيعة واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد.]
كان هذا قول الآباء والكتاب المقدس عن قدسية ماء المعمودية .. ويبطل السؤال الاول للدكتور جورج حبيب بباوي
يسأل سيادته السؤال الثاني قائلا :
"ثانياً: لو كانت مياه المعمودية أقدس من الإنسان، لَمَا وضَعت الكنيسةُ صلاةً لتسريح المياه، لكن الإنسان الذي تقدس بالمعمودية وبمسحة الميرون لا يمكن أن يعود إلى طبعه الأول، أي يتحول إلى تراب، ويبقى تراباً، بل سوف يلبس المائت عدم المائت (1 كور 15: 53"
ربما لو كان الدكتور نظر الي صلاة التقديس قبل ان ينظر الي صلاة التسريح لما كان هذا راية ..
صلاة الليتورجية القبطية تظهر الفرق الشاسع بين الماء قبل التقديس وبعدها اذ يقول الكاهن "
* قدوس، قدوس أيها الرب، وقدوس في كل شيء،
الآن أيضًا يا ملكنا رب القوات ملك الجنود السمائية،
اطلع أيها الجالس على الشاروبيم،
اظهر وانظر إلى جبلتك هذه أي هذا الماء.
امنحه نعمة الأردن والقوة والعزاء المسائي.
وعند حلول روحك القدوس عليه هبه بركة الأردن. آمين.
أعطه قوة ليصير ماء محييًا. آمين.
ماء طاهرًا. آمين.
ماء يطهر الخطايا. آمين.
ماء حميم الميلاد الجديد. آمين.
ماء البنوة. آمين.
أنعم على هذا الماء لكي لا يوضع فيه، ولا ينزل مع الذي يتعمد فيه روح رديء، ولا روح نجس، ولا روح النهار، ولا روح الظهيرة، ولا روح المساء ... الخ
إذن الماء الخاص بالمعمودية هو ماء :
1- نعمة الأردن ... فهل للإنسان نعمة الأردن ؟
2- ماء محييا ... فهل الإنسان محييا ؟
3- ماء طاهرا .... فهل الإنسان طاهرا الي الدوام ؟
4- ماء البنوة .. فهل الإنسان قادر على منح البنوة؟
5- ماء محصن من الروح الردئ .. فهل الإنسان محصن من الروح الردئ ؟
6- ماء محصن من الروح النجس ورح النهار ورح الظهيرة .. اين تقديس وقوة الإنسان المفردة أمام كل هذا ؟
لقد تكلم القديس غريغوريوس في العظة 39 - 40 فقد أوضح كيف ان تطهير المعمد يهيج حسد الشيطان وللإنسان ان يختار اما أن يسكن فيه الله أو الروح الشريرة .. ولكن الماء بقدسها لا يستطيع الشيطان أن يقربها
لذا فإن صلاه التسريح هي أيضا عمل تقديسي وحماية للماء الذي بهذه القوه .. فالتسريح يؤكد قوة قداسة الماء حتى لا تفنى او تهان !!
يقول العلامة ديدموس الضرير " جرن المعمودية هو أداة للثالوث لخلاص كل البشر حيث يصير أم للكل ويظل بتول بتول بنعمة الروح القدس"
القديس غريغوريوس النزينزي
"يجب ان نعتبر قوة المعمودية عهد حياة ثانية مع الله ومسلك طاهر"
ودعونا الآن نضع جورج حبيب بباوي أمام جورج حبيب بباوي كما وضعناه سابقا أمام الأب متى المسكين ... وللحديث بقية
يتبع