بقلم : الشربينى الاقصرى
ما أكثر الغراميات فى فترة المراهقة وما أجمل القصص والحكايات التى كانت حزينة مبكية فى وقتها وأصبحت فيما بعدطريفة مضحكة وصارت من أرق وأجمل الذكريات التى تداعب خيالنا وتسعد أوقاتنا .الحب فى هذه الفترة هو عنوان مشهور لمعظم هذه الحكايات(المليئة بالآهات والدموع والانين)كماعبرت أم كلتوم عن ذلك فى (سيرة الحب). الحب عنيف يعصف بكل مشاعر المراهقين والمراهقات الفتيات يتحولن الى أميرات حسناوات كأنهن أميرات الحسن والجمال فى ليالى( ألف ليلة وليلة) وكل أميرة من هؤلاء الاميرات مليكة فى قصر من قصور الوهم والخيال .أما الفتيان فى عيون البنات فهم فرسان العصر وكل فتاة تنتظر قدوم فارسها كى يخطفهاعلى حصان الوهم ويطير بها الى عالم السحر والاحلام ...هذا هو الحب فى عصرالمراهقة عصرالتكوين العاطفى للشباب .
الحكايات متبادلة بين (شهرزاد )و(شهريار )يسمع منها فى كل يوم حكاية من الحكايات العذبة وتسمع هى منه ألف حكاية وحكاية . أما الأغانى فى تلك الفترة فهى أعانى تعبر عن حكايات مصنوعة من الحب الجارف . والحبيب هو المؤلف والملحن وهوأيضا المطرب الذى يؤدى هذا اللحن الجميل بصحبة أميرة من أميرات قصوره الوهمية . فى تلك الفترة ظهرت أغنية شهيرة للفنان محمد قنديل تقول كلماتها : سماح...سماح ياأهل السماح .. لوم الهوي جارح أصل السماح طبع الملاح يا بخت من سامح أما أناوأصدقائى فكانت لناحكايةطريفة مع (سماح الأغنية )(وسماح الأميرة) الجميلة . كنا نجلس أمام معبد الاله (آمون)بقرية الكرنك القديم بالاقصرفى أقصى صعيد مصر . كانت تمر علينا فتاة جميلة بلون النهاركأنهاتحمل أسرارالليل وسكونه هذه الفتاة تسمى (سماح). كانت تمر فى كل يوم مرة أو مرتين وعرفنا أوقات مرورها فأصبحنا ننتظر موعد ذهابها وايابها وكأننا قطعة من الزمن لا تتقدم ولا تتاخرأو سدنةلمعابد الكرنك نحرس أميراته . وبمرور الزمن وبمرورها أمامنا تحولت الى(هى)الى صديقةلنا .. ( صداقة وهمية من صنعنا ومن جانبنا... صداقة من طرف واحد ). اسمها( سماح) ..والاغنيةأيضا اسمها (سماح). (كيوبيد ) الماكر اللئيم ألقى بسهام الحب وصوبها نحو قلوبنا جميعا فتغلغل حبها داخل قلوبنا وعشعش فيها وكل مناحسب ما قدر له(كيوبيد) من عدد سهام الحب الغرامية القاتلة .
كنا نسمع الأغنية فنهيم شوقا(بسماح )الأميرة أكثر من (سماح) الأغنية ..وكل واحد منا يتمنى داخل نفسه( السماح) لحبه بدخول قلبها...هذا القلب الذى لايعرف عنا شيئا . . وكلما سمعنا الأغنية تعلق قلبنا بها أكثر وأكثر حتى ذابت هى فى الأغنية وذابت كلمات الأغنية فيها أما نحن فقد ذبنا فى كلتيهماحتى أصبحنا سكارى الحب نسبح فى بحرمن العشق والغرام . (سماح)الاميرةلا تعرف عنا شيئا ولا تعلم عنا شيئا لانها أكبرمنا سنا وأكبرمنا عقلا وأكبر من حبنا لها . ومن يدرى ربما تكون مخطوبة ونحن لا ندرى بل وربما تكون متزوجة ولا نعلم لاننا فى هذه الفترة لا نفرق بين فتاة متزوجة وفتاةغير متزوجة . كل ما يربطنا بأية فتاة فى تلك الفترة من الشباب هو جمالها وجاذبيتها وماعدا ذلك فلا دخل لنا به . هكذا يكون الحب فى فترة المراهقة وطيش الشباب(حب أعمى يقوده مجنون ) . كلما مرت علينا(سماح) نغنى بصوت منخفض: سماح ...سماح واذا لم تلتفت الينا ارتفع صوتنا: ..سمااااااح سمااااااح... كى نثير انتباهها الينا وتعطف علينا بنظرة خاطفة وقاتلة من عينيها الساحرتين .الى أن جاء اليوم الموعود والشاهد والمشهود...يوم تعطل فيه (السماح )وهرب منه طبع (الملاح) ...
ما ان نطقنا بحرف (السين )من أغنية (سماح)ونحن نقصدحرف( السين) من اسم الاميرة الجميلة (سماح) .. واذا بهجوم شرس علينامن خطيبها وشقيقها وبعض من جيرانها كهجوم الوحوش على فريسة جريحة سهلة . لاداعى لان أحكى لكم تفاصيل الجرى والصراخ والعويل والنواح وكم الاعتذارات والتوسلات. والخوف كل الخوف من أن يصل الخبر الى أولياء أمورنا وأهل حارتنا ..فالحب عند أولياء أمورنا (خطيئة)من أكبر الخطايا وكبيرة من أكبر الكبائر وعند أهل حارتنا قلة أدب وذنب من الذنوب التى لا تغتفر بل ونصبح فى نظر الجميع من زمرة أهل الفساد . رغم ذلك بقيت أغنية( سماح) للآن تحمل لنا أرق وأجمل الذكريات عن (سماح )الأميرة الجميلة وعن معركة (سماح)البريئة ..وأيام الصبا الجميلة وعن العذارى الملاح فى زمن السماح. وأخيراعزيزى القارىء : (سماح... سماح ) لأننا أطلنا عليك الحديث وأنت طبعا من أهل (السماح )كما فى الاغنية... لا من أهل( سماح) الأميرة... ويابخت من سامح.