بقلم: ماجد سمير
لا أنكر أنني تعاطفتُ بشدة مع قافلة شريان الحياة "3" بقيادة الناشط البريطاني "جورج جلاوي التي حضرت إلى مصر بعد رحلة طويلة من "آخر الدنيا" لتقديم مساعدات لأهل غزة، ورأيتُ أيضًا أن الغزاوية شعبٌ فعليًا محاصر من جميع الجهات، مرة بسبب حكم "الحلال - الحرام" الذي أقره الحمساوية هناك بوضع اليد بعد الانقلاب على فتح وحلمهم الشخصي في إقامة إمارة دينية هناك، لأن الحمساوية ومن هم على شاكلتهم يرون أنهم مسئولون عن دخول الشعب إلى الجنة، ومرة أخرى بسبب العجلة الحربية الإسرائلية وطغيانها وجبروتها، لذلك تعاطفتُ بشكل فعّال مع الناشطين الذين تحملوا مشقة الانتقال لآلاف الأميال من أجل نقل معونات طبية وغذائية ومعيشية للغزاوية في رسالة إنسانية موجهة لكل المحاصريين ملخصها "كلنا معكم ونشعر بمعناتكم".
وما لم أفهمه حتى الآن ما هو سبب محاولة القافلة، التي كما هو معلن هدفها الوحيد والأساسي إنساني من الدرجة، الدخول في مواجهات مع السلطات المصرية دون سبب واضح، وافتعال الأزمات مع الجانب المصري بشكل يُوحي بأن مصر تتعنت منعهم من توصيل المعونات للقطاع المحاصر وأهله المحتاجين لكل المساعدات الممكنة.
من المعروف أن أمس الأول قد شهد مواجهات عنيفة بين الناشطين والقوات المصرية، وأفادت مصادر طبية لوكالة "فرانس برس" أن 15 شرطيًا قد جُرحوا أيضًا.
واستعملت قوات الأمن المصرية خراطيم المياه لإرغام الناشطين على العودة إلى داخل مرفأ العريش، بعد أن تظاهروا أمامه احتجاجًا على إجبار عدد من شاحناتهم على الانتقال إلى قطاع غزة عبر الأراضي الإسرائيلية.
وأشار مراسل وكالة فرانس برس إلى أن المتظاهرين قد رشقوا رجال الشرطة المصرية بالحجارة، وقد رد هؤلاء بدورهم برشقهم بالحجارة واستعمال الهراوات.
وأضاف المصدر نفسه أن الناشطين، ومن بينهم النائب البريطاني "جورج جالاوي"، قد كسروا السياج الفاصل عند مدخل مرفأ العريش، وتجمعوا احتجاجًا على قرار السلطات المصرية بمنع عدد من الشاحنات، والتي يبلغ عددها 198 شاحنة محملة بالأغذية والمواد الطبية، من الانتقال مباشرة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.
وكان بيان وزارة الداخلية قد أفاد أن ذلك تزامن مع إشعال عدد من المشاركين النار ببعض الصناديق الورقية ومنعهم رجال الإطفاء من التعامل معها، كما حرّك عدد من سائقي سيارات القافلة سياراتهم وتوقفوا أمام باب الميناء من الداخل.
وتابع المصدر الأمنى: أن بعض العناصر المُشار اليها حطموا زجاج الباب الخاص بغرفة موظفي الجمارك وقاموا بإشعال النيران في إحدى إطارات السيارات، ونزع بلاط الأرضيات.
وأوضح أن عددًا من المشاركين فى القافلة حاولوا الصعود إلى أبراج الحراسة الأمنية عند مدخل الميناء وبحوزتهم أجهزة اتصالات لاسلكية، مشيرًا إلى أنه قد تم التعامل معهم باستخدام خراطيم المياه وإجبارهم على النزول .
وأشار المصدر الأمني إلى أن المذكورين قاموا كذلك بإلقاء الحجارة على قوات الأمن، مما أسفر عن إصابة 15 شخصًا من قوات الشرطة، وكذا 11 شخصًا من أعضاء القافلة بإصابات طفيفة .. وقد تم ضبط 7 أشخاص من جنسيات مختلفة أثناء محاولتهم التسلل خارج الميناء .
ويبدو أن إصرار هؤلاء الناشطين على المواجهة مع السلطات المصرية له هدف أبعد من مجرد تقديم مساعدات لقطاع غزة، وإنما الهدف الأساسي هو إحراج النظام المصري ووضعه في نفس الخط مع إسرائيل، وهو بكل بساطة نفس ما تروج له جماعة "الإخوان المسلمين" في وفروعها الممتدة في العالم، التي يُقال إنها مولت وخططت لقافلة شريان الحياة، فضلاً عن إشاعة أن مصر تحاصر غزة تمامًا كما تعمل إسرائيل، وعلى النظام المصري الرد والدفاع عن كيان دولة عانت وظلت وستظل تعاني بسبب توجيه كل جهودها، وتأجيل كل أحلام وطموح شعبها على مدار نحو ستة عقود من فلسطين والقضية الفلسطينة.