بقلم : د. رأفت فهيم جندى
منذ 25 يناير عام 2011 والعمل الاساسى الذى انكب عليه اعداد غفيرة من المصريين حتى الآن هو التظاهر!
بالطبع كان هناك دواعى قوية لتظاهر المصريين فى 25 يناير حتى استقالة مبارك فى 11 فبراير، وكان هناك دواعى اقوى لخروج الامة المصرية عن بكرة ابيها فى 30 يونيو حتى 3 يوليو لكى يطرق السيسى على رأس الافعى الاخوانية التى التفت على كرسى الرئاسة فى مصر، كما كان هناك دواعى قوية لخروج اقباط ماسبيرو لكى يطالبوا الحكومة بوقف اضطهادهم وهدم كنائسهم، ولكن يبدو ان البعض من المصريين قد اتخذ من التظاهر مهنة!
كثرت التظاهرات بعد رحيل مبارك وكان الغرض من معظمها اضعاف المجلس العسكرى الحاكم وقتها لكى تحل جماعة الاخوان محله، ولم يتنبه لهذا سوى بعض الاذكياء جدا امثال قداسة البابا شنودة الذى ابتلع المه فيما حدث فى ماسبيرو ورحب بالمجلس العسكرى فى قداس عيد الميلاد فى 2012.
التظاهر ليس ُمنتج والبضاعة التى تروج فيه هى صناعة اللافتات والاعلام والمولوتوف الحارق، ثم المستشفيات الخاصة لعلاج المصابين، كما انها تعطى مادة خصبة للاعلام المصرى فهل هذا هو الانتاج المصرى الذى نصدره للخارج؟! فهل يستورد الخارج منا مثلا مستشارى او خبراء مظاهرات؟! وهل يكتب البعض منهم فى شهادة الخبرة او الـ "سى فى" خبرة 3 سنين فى التظاهر؟!
المصريون فى الدول الغربية لا يجدون وقتا للتظاهر لانهم منكبون على اعمالهم وقد ينجحون فى تدبير مظاهرة مرة كل عام اواثنين وكل منهم يضحى بعمله فى هذا اليوم او يوم راحته وهو يشعر بهذه التضحية وانها واجب بسبب احساسه الوطنى ولكننا لن نراهم مستعدين للتظاهر كل يوم وكل ساعة كما هو الحال فى مصر!
بالطبع الكثيرون من العاملين فى مصر ليس لديهم ترف الوقت ايضا بل يقاسون من تكدس الشوارع واغلاقها من هذه التظاهرات، فهل معظم هؤلاء المتظاهرين بدون عمل؟
مصر فى مرحلة البناء والعمل هو الذى يبنى، فهل يعمل المصريون خارج مصر ويرسلوا لأسرهم فى مصر لكى يتفرغوا للتظاهر؟! أم ان مصر يجب ان تعتمد على المنح والهبات لكى تقوم باساسياتها؟! هذه الهبات الخليجية التى اتت لمصر نتيجة طرد الاخوان لن تدوم وغير بناءة وُتفقد السياسة المصرية استقلالها.
مصر فى حاجة لحلول وخطوات غير تقليدية تخرج الملايين من ابنائها من دوامة البطالة التى تدفع البعض للاجرام والبعض الأخر للتطرف والبعض الثالث لمهنة التظاهر.