رصدت وثائق المخابرات الأمريكية، التى أفرجت عنها وكالة المخابرات المركزية، ردود الفعل العربية والدولية على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل فى ١٩ نوفمبر ١٩٧٧ وذلك بعد مرور ٣٦ عاماً على الزيارة.
وجاء فى وثيقة بتاريخ ١٩ نوفمبر عام ١٩٧٧ أن رد الفعل العربى كان معاديا وعنيفا بشكل متزايد تجاه زيارة السادات لإسرائيل، إذ اندلعت المظاهرات المعارضة له فى بيروت والعديد من المدن اللبنانية، كما تم تفجير مكاتب الخطوط الجوية المصرية فى بيروت ودمشق، فضلا عن مهاجمة مظاهرات الفلسطينيين السفارات المصرية فى اليونان، ما أسفر عن مقتل شخص، وكذلك مقتل شخص وإصابة اثنين فى هجوم صاروخى على السفارة المصرية فى بيروت.
وجاء فى الوثيقة أن السادات حظى بدعم قليل من العالم العربى تجاه زيارته، وأثارت الهجمات الحادة التى شنتها منظمة التحرير الفلسطينية، والعراق، وسوريا، وليبيا، مخاوف دول أخرى مثل لبنان والسودان والأردن والمغرب، الذين كان لديهم أسبابهم السياسية الخاصة لتجنب أى اشتباكات مع منتقدى السادات، فيما كانت تونس الدولة الوحيدة التى وقفت بحزم وراء الرئيس المصرى الراحل.
وكشفت الوثيقة عن رد الفعل العدائى للسعودية تجاه زيارة السادات، إذ أصدر الملك خالد بياناً ينأى ببلاده من الزيارة وينتقدها لأنها قسمت العرب.
وعن رد الفعل الدولى، جاء فى الوثيقة أن وسائل الإعلام التابعة للاتحاد السوفيتى واصلت تقديم رحلة السادات فى صورة سلبية، لكنها أبقت انتقاداتها فى المستويات المعتادة الروتينية، فيما لم يكن هناك رد فعل من القيادة السوفيتية، كما كان الكرملين بعيداً نسبياً عن إعطاء أى وجهات نظر تجاه الزيارة أو العواقب المستقبلية.
وقالت الوثيقة إنه رغم غياب الرد الفعل الرسمى لموسكو فإنها دعمت بشكل ضمنى معارضى الزيارة، وأطلقت وسائل الإعلام السوفيتية حملة دعاية قوية ضد السادات، نشرت خلالها الانتقادات المتزايدة لدى العرب تجاه الزيارة.
وبالنسبة لتعامل وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الزيارة، فواصلت اعتبارها الزيارة على أنها «مبهجة وحماسية» ولكن فى إطار من الحذر، فعلى الرغم من أن الزيارة ذات مغزى كبير وغير متوقع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى وغيره كانوا على علم بأن رد الفعل العربى لن يكون عاديا فى ظل اتجاه مصر وإسرائيل إلى توقيع اتفاق منفصل.
وجاء فى الوثيقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين ووزير دفاعه موشى ديان كانا مدركين أنهما لا يمكنهما أن يعيدا السادات إلى بيته وأيديه فارغة، وخاصة بعدما استمعا إلى فحوى خطابه ورأيا رد الفعل عليه، فضلاً عن النقاش الداخلى الذى فجرته هذه الزيارة ولم يكن له هذا المثيل وكان يركز على افتراضية توقيع اتفاق طويل الأمد مع العرب.
وتطرقت الوثيقة إلى أنه بالنسبة لوجهة النظر المصرية، فإن نجاح مهمة السادات والمخاطر التى ستنتج عن ذلك، تعتمد على رد الفعل الإسرائيلى، وعلى وجه الخصوص رد فعل العالم العربى. ورأت أن زيارة السادات سيكون لها تأثير عظيم على ثلاث مناطق منفصلة لكنها مرتبطة ببعضها، وهى: موقفه، وموقف مصر فى العالم العربى، والتوصل إلى تسوية شاملة، فلقد كانت معضلة السادات أنه كان يريد أن يرى المصريون أنه حقق شيئاً كبيراً من أجل سيناء، ويراه الفلسطينيون والسوريون أنه حقق شيئاً جوهرياً بشروط تتعلق بمصالحهم الخاصة كوسيلة لتبديد الشكوك بشأن متابعته المفاوضات حول سيناء.
وهناك وثيقة أخرى، بتاريخ ٢٠ نوفمبر من العام ذاته، رصدت استمرار رد الفعل العدائى العربى تجاه زيارة السادات، فلقد دعم العراق وليبيا والفلسطينيون الكثير من الأفعال المعادية للسادات فى عدة دول حول العالم.
كما شهدت لبنان والعراق وليبيا مظاهرات حاشدة، وتم إلغاء الكثير من المناسبات الرسمية للمصريين فى العراق، فضلاً عن التوتر فى العلاقات بين السادات والزعيم الليبى الراحل معمر القذافى، وانسحاب نحو ١٥ ألف ليبى من مصر.
وجاء فى الوثيقة أن غالبية الرأى العام العربى الآخر بدا أنه ضد الزيارة، ولكن الهجمات لم تكن تستهدف مباشرة السادات بشكل شخصى، وكان هناك قلق عام من تأثير ما يحدث على وحدة العرب. ورصدت الوثيقة رد فعل الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات على الزيارة، إذ اعتبرها خطيرة ويمكن أن تضر بالفلسطينيين وكفاح العرب، لكنه تجنب بحرص انتقاد السادات شخصياً، فيما كثفت الحكومة السورية من انتقادها الحاد لرحلة السادات.
وقالت الوثيقة إن السادات حظى ببعض الدعم العربى المتمثل فى تفضيل المغرب وتونس والسودان والأردن للزيارة، فى الوقت الذى كان ما زال يحظى فيه بدعم واسع لزيارته داخل مصر، حيث تجمع الملايين حول شاشات التليفزيون لمشاهدة رحلته. وعن رد فعل أفريقيا وأوروبا على الزيارة جاء فى الوثيقة أن غالبية حكومات وصحف الدول الأوروبية والأفريقية دعمت زيارة السادات لإسرائيل، فدعمت الحكومة الإيطالية والهولندية والألمانية والبلجيكية والليبيرية وغيرها، فضلاً عن حكومات فرنسا والسويد وألمانيا.
وفى وثيقة أخرى، بتاريخ ٢٨ نوفمبر، تضمنت ردود الفعل العربية والدولية على الزيارة، بدا أن السادات تسبب فى خلق مشاكل خطيرة لكثير من الدول ذات الصلة بمؤتمر القاهرة التحضيرى للمفاوضات، إذ إن قبول إسرائيل لدعوة السادات يعنى أنها اتخذت قرار المقامرة بشكل كبير، فإسرائيل ترفض حضور أى مؤتمر تمثل فيه منظمة التحرير الفلسطينية الفلسطينيين، ولو حضرت المنظمة ستجد الإسرائيليين أنفسهم يوافقون على مصالحة مع المنظمة أو يرسمون الخطوط العريضة لعملية السلام على مرأى ومسمع من الجميع.
وبالنسبة للفلسطينيين فيبدو أن استفادة منظمة التحرير الفلسطينية هذا التحول فى السياسة الإسرائيلية أمر مشكوك فيه، كما أن الحركة الفلسطينية بدت وكأنها تعصف بها الخلافات الداخلية.
أما سوريا فتخلت عن التوازن تجاه موقف السادات وتعاملت معه بسلبية، وسعت لمنع عقد أى مؤتمر للسلام.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.