الأقباط متحدون | رحيل دون وداع...!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٥٤ | الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٨ | العدد ٣٠١٣ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

رحيل دون وداع...!

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣ - ٤٠: ٠٧ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم المحامي نوري إيشوع

في لحظة حزنٍ مبللة بدموعٍ الكآبة،  دون سابق انذار و دون إعطائي مهلة للتكفير، أجبروني على الرحيل و ترك أجمل ما عندي في هذا العالم الزمني الفاني، لملمتُ جسدي المثقل بالجراح بعد مواساتي الشاقة لروحي المتعلقة بحبيبةٍ رافقنني منذ الولادة، كانت تتبعني كطيفي في حلي و ترحالي، تشاركني أحلامي في ليلي و تحمل عني أتعابي و همومي في نهاري القاسي ، تظللني من قسوة حرارة الشمس الحارقة، تدفيني من أسواط البرد، تسهر معي اثناء دراستي  و تعتني بي أثناء مرضي و معاناتي، تعينني عند حاجتي.

حبيبة، أخترتها لإنها كانت أجمل عروس خلقها الله على المعمورة و لا زالت، رسمها، لوحة فسيفسائية رائعة الألوان، قامتها، هيفاء، فارعة، أروع  من عود الريحان، شعرها يسابق أمواج نهري بردى و العاصي،  رقتها، نسمات الربيع في آذار و نيسان، شموخهاكجبل قاسيون عزةً و عزمها على البقاء أكبر برهان، عند غضبها  تهدر كنهري دجلة و الفرات تصول و تجول كفارس في الميدان؟
هجرتُ الحبيبة، رحيل دون وداع، بعد أن فتح السجان، أبواب سجونه أمام الرعاع، وحوش قادمة من مزبلة التاريخ، وجوه مغبرة،  ملامح مكفرة، إيادٍ ملطخة بالدم و عقول مغبرة، بطون جائعة للحوم البشرية و أفواه عطشى لدماء الإنسانية!
هجرت الحبيبة بعد أن أغتصبوا الطفولة تحت ظلال أشجارها، غصباً عنها،  باعوا الشرف في محاكمهم الشرعية، قتلوا العلم و المدنية من خلال فتاوى شيوخ التكفيرية، دمروا معالم التاريخ بعقول حجرية قادمة من عصور عثمان و تيمورلنك و جنكيزخان و ذلك بأموال سعودية، قطرية، كويتية و إماراتية و بمساعدات خليجية و تحت غطاءات أمريكية أوروبية و بعض العمالة العربية.

رحيل دون وداع
تركنا الغوالي من الأحبة و الذكريات، تركنا أرض أجدادنا و كرومنا للثعالب و ذئاب الغابات، تركنا تربة الراحلين لعاديات الزمان و أوقفنا عنهم صلواتنا و منعنا حتى الزيارات، تركنا الحبيبة وحيدة،  لكن شهدائنا أبّوا بقوة الرحيل و أصروا على البقاء لحراستها بأرواحهم و حمل مشاعل النصر و رفع رايات الفخر.
حبيبتي رغم جراحها، وقفت كالمارد تقارع أعدائها، تحمل سيف و ترسها و تلملم جراحها، تدّون المدنية و المحبة البشرية بيراعها و سجلاتها،  بعزمها و تصميمها هبت رياحها، طاردت الوحوش،  صدت هجماتها، تحت ضرباتها، أرتد الشر و كلابه الى قبوره المظلمة وغابت في أودية الكفر البعيدةو أسكتت نباحها!
 رحيل دون وداع، لكن بعد كل وداع،  نهاية سعيدة، يتنصر الحق و تعود الفرحة، تضحك الطفولة ، تتحصن الأنوثة، يولد سلام بهمة الرجولة، ينتهي الرحيل، تتوقف الأوجاع،  يرجع المهاجر إلى أحضان الحبيبة.
في 2013/11/1




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :