الأقباط متحدون - فساد الوِد
أخر تحديث ٠٧:١٣ | الثلاثاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٣ | العدد ٣٣٠٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

فساد الوِد

القمص داود لمعي
القمص داود لمعي
بقلم : ماجد سوس                                  
 
 كان الحوار مشتعلا على صفحات التواصل الإجتماعي حينما قررت الدفاع عن القمص داود لمعي في دفاعه عن الأرثوذكسية التي يعمل فيها كراعي تؤخذ من فمه الشريعة و في حديثة الأبوي لأولاده داخل الكنيسة الأرثوذكسية و الدفاع اثار حفيظة الكثيرين الذين رأوا في دفاعي عن قدس ابونا تعصبا لأرثوذكستي حتى ان الهجوم و التجريح كان عنيفا و مس شخصي و اتهامي انني بلا محبة و تعجبت مما ارى فأنت تكرهني لتعلمني كيف أحبك .
 
 الدفاع عن الإيمان الذي تسلمناه من آباءنا لايقف ضد حلم الوحدة التي يتشدق به البعض فبولس الرسول واجه بطرس الرسول وقاومه لأنه كان يجامل اليهود على حساب الإيمان الصحيح و في ذات الوقت لم يعلن شخص عن حبه لإنسبائه بالجسد (اليهود ) كمعلمنا بولس . فالحب منهج حياة نحياة حتى مع الأعداء فكيف لا نحياه مع اخوتنا المحبين للمسيح.
 
   كان ابي – اطال الله عمره – قريبا من قداسة البابا شنودة الثالث بكونه كان عضوا للمجلس الملي السكندري لسنوات عديدة و كان رئيسا للجنة الشئون القانونية بالمجلس و في ذات الوقت سمحت عناية السماء ان يكون قريبا من القمص متى المسكين من بداية نشأة دير القديس العظيم انبا مقار بوادي النطرون و نتيجة لقرب العائلة من الشخصين فقد عرفناهما عن قرب و عرفنا مدي قداستهما و حبهما الشديد للكنيسة القبطية فالبابا شنودة القديس العملاق يعتبر له الفضل الكبير في انتشار الكرازة المرقسية في العالم ليس فقط كمبان و عمران ولكن بتعاليمه التي أنارت الدنيا و قد حصل على جائزة معلمي المسكونة بخلاف الرصيد الهائل من الإنجازات على كافة المستويات المحلية و الدولية  . الأب متى المسكين هو باعث النهضة الرهبانية في الشرق و هذا بشهادة اباء الكنائس الأرثوذكسية في المسكونة و كتاباته انارت المسكونة كلها و ترجمت لعشرات اللغات التى صح أن يقال عنها أنها نفائس وزخائر كنا في أمس الحاجة اليها بعد أندثار كثير من كتب الآباء، كما ان الموجود منها لم يترجم بعد، فقدمه لنا هذا العالم القديس بجهد مضنى وسهر وتعب كثير وبذل النفس والحياه من أجل الكنيسة وأبنائها فكان يمات كل النهار من أجل أن نحيا نحن حياة الآباء، ففي الوقت الذي لم يكن هناك وسائل معرفة حديثة وأتصالات وشبكة معلومات كان هو يقدم لنا وجبة شهيه صحيه من تعاليم ودراسات أنجيلية أبائية جعلتنا نفخر بآباءنا وأرثوذكسيتنا.
 
ولأن والدي كان محاميا قويا مشهودا له من الجميع فقد أصدر كلا من البابا شنودة و ابونا متى المسكين توكيلا قضائيا له وكنت كنوع من الدعابة امسك في يدي التوكيلان و أقول نستطيع ان نسطر محضر صلح بينهما و نوقع بدلا منهما ، حتى سمح الله لي بزيارة البابا شنودة لتهنئته بعيد الميلاد و كان هذا بعد زيارته الرائعة لدير ابو مقار ولأبونا متى الذي القى كلمة محبة رائعة عبر فيها عن فرحته بقدوم البابا شنودة لزيارة الدير و الذي زار الدير في العيد الفضي لقداستة .
 
عند انصرافي من المقر البابوي سألت قداسة البابا عن زيارته لدير انبا مقار و كيف انها فرّحت شعب الكنيسة كلها  وان رهبان الدير يوزعون تسجيلات الزيارة للأحباء ويضعونها على باب الدير الخارجي ، فكان سعيدا جدا و طلب مني ارسال كمية من تسجيلات الزيارة لقداسته و عن سبب الزيارة فقال لي انا ذهبت لهناك حتى لا يخشى احد من الذهاب الى هذا الدير بحجة ان البابا لا يزوره و كان سعيدا بلقاء ابونا متى و رهبان ديره .هكذا كان الحب بينهما و كان قداسة البابا يعلق على كتابات ابونا متى قائلا انا اهاجم فكرا و لا اهاجم شخصا.
 
   وجدت هجوما شديدا من بعض الناس انني امتدح ابونا متى المسكين ومنهم من تكلم عن بدع و هرطقات و محاضرات صدرت ضد تعاليمه فكنت اقول ابدا لم تكن هرطقات حتى وان سماها البعض – خطأا- هذا  والا لأستوجب الحكم و العزل ولكنها كانت اراءا و افكارا  تقبلها البعض و أيدها الكثير من آباء الكنيسة و تحفظ عليها البعض و قد اصدر دير انبا مقار كتابين في آخر أيام الأب متى عن أصول الفكر الأبائي الأرثوذكسي في كتابات الأب متى المسكين و كانت عبارة عن تأصيل لكل افكار الرجل وتأصيلها حسب فكر آباء الكنيسة القبطية و كيف انها توافقت مع كتاباتهم . انا هنا لست في مقام تفنيد تلك الآراء او الجدل حولها فلكل مقام مقال لكني فقط اريد ان اشير حول عظمة الرجلان القديسان اللذان قدما للكنيسة مالم يقدمه الديانون و الحاقدون الأمر الذي أعاد للأذهان الخلاف التاريخي الذي وقع بين البابا ثاؤفيلس بابا الإسكندرية والأسقف يوحنا الملقب بذهبي الفم فقد كان خلافا عنيفا ولكن بعد انتقالهما توقف الحديث عن الخلاف بل ان الكنيسة اعتبرت كلاهما قديسين بل و أخذت بأقوال و كتابات يوحنا ذهبي الفم أكثر من غيره.
 
     بدلا من ان تتجه عيوننا حول الكنيسة العظيمة الولادة التي تنجب لنا عمالقة قديسين كهذان القديسان ، استل انصار كل طرف سيفا مسنونا لجرح تاريخ الآخر فاصطدمنا بحقيقة واحدة مُرّة تمزق الكنيسة و هي التحزب و عدم قبول الآخر و رفض فكرة قبول الإختلاف في الرأي و لم نتعلم بعد ان نأخذ من كل شخص الصفات الجميلة المميزة له ، لايعقل يا أحبائي  ان نترك كل شيءجميل و رائع في علاقة القديس بولس بالقديس بطرس وتتهجم و تختلف مع شخص اخرو تنهره امام الناس مثلا بالتذرع بأن القديس بولس فعل هذا مع القديس بطرس فانت لم تأخذ اي شيء من تعاليمهما او حياتهما الا موقفا شخصيا ربما لم يكن صائبا .
 
    العثرة يا أحبائي تأتي عندما نتعلق بشخص أكثر من المسيح فإذا و جدناه يخطيء او يتعصب نترك الإيمان ونقول كيف لرجل الله ان يفعل هذا او تلك و نتناسى انه نفس بشرية خطاءة بطبيعتها لذا فليكن يسوع المسيح امامنا وقدوتنا (الكاملة) فهو الشخص الوحيد الذي لم يعرف الخطية ولم يقترف اثم .
 وقد حدث هذا مع الكثيرين الذين تركوا الكنيسة بسبب تصرفات وسلوك بعض الأشخاص و ليس بسبب عقيدة او فكر وكنا نحن المتسببين في هذا بسبب تأليهنا للأشخاص دون التركيز على شخص الرب يسوع  كما اننا لم نعلم اولادنا منذ طفولتهم ان يثبتوا انظارهم على المسيح فقط حيث لا يوجد شخص كامل سواه .
 
    تعلمنا في دراسة الكتاب المقدس ان الرب يسوع هو الشخص الوحيد الذي لايحق للدارس ان يضع نفسه مكانه فلايمكن ان تطرح سؤال عن ماذا تفعل لو كنت مكان يسوع  في اي تصرف قام به او اراء صرح به او قرارات اتخذها او تعاليم علمها لنا ، لأننا نثق و نؤمن ان كل ما قام به السيد المسيح و كل تعاليمه كاملة و بغرض خلاصنا فلا يمكن ان ننتقدها لأنه في تجسده كان انسانا كاملا ،الهاً كاملا في ذات الوقت . 
 
اما اي شخص اخر في الكتاب المقدس فمهما علت مكانته فنستطيع ان نتسائل و نتحاور عن كل افعاله او ردود افعاله و قد ننتقد بعض الأفعال الخاطئة كسقوط داود او ضرب موسى للصخرة او هروب يونان من وجه الله او انكار بطرس او شك توما و غيرهم فلاتوجد عصمة لأحد سوى الله في الكتاب .
 
  لذلك يا أحبائي ارجوا ان نقبل التمايز و الإختلاف بيننا وانه لشيء صحي ان يكون هناك من يختلف معنا او من يكون له رؤية مختلفة لنا. وعلينا ان نوقن و نعي جيدا أن الكتاب لم يطلب منا ان نفحص حياة القديسين بالتدقيق لأنه بالطبع بها قيام وسقوط بل طلب منا ان ننظرالى نهاية سيرتهم  و حتى هذه النهاية قد تكون جلية ظاهرة امامنا او قد يخفيها عنا الله لا نعرفها على الأرض و حذاري من الإدانة ، ففي الوقت الذي تدين و تنتقد غيرك ربما يكون هي ساعة خلاصه فيسرق هو الملكوت وتقتني انت دينونة بسبب ادانتك له . 
 
  اقولها و بكل اسى اننا لم نعد نفتح قلوبنا لقبول الآخر حتى في كنائسنا صرنا ننظر الى عيوب بعض البعض دون ان نلتفت لحقيقة الوصية الواضحة وضوح الشمس  ان لم تحب اخيك الذي تراه فكيف تحب الله الذي لا تراه . لقد مزقنا جسد المسيح لا من اجل خلافتنا العقيدية و الإيمانية فهي باقية حتى تنصهر في المسيح بل لأننا نسينا وصية المحبة و افسدنا للود قضية.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter