اختلف المحللون السياسيون وخبراء علم النفس والاجتماع فى تحديد أهم ما قيل فى محاكمة مرسى وعصابته، البعض قال إن أهم ما قيل هو تكرار عبارة «أنا رئيس شرعى»، والبعض اختار تحذير مرسى للقاضى: «أنا باحمّلك المسئولية، لازم تخرّجنى م القفص دلوقتى عشان أمارس مهامى الدستورية»، بينما اختار البعض زرار الجاكيت المعصلج ووقوف العصابة صفين وكأنهم فى تشريفة استقبال ثم التصفيق ورفع إشارة كف القرد مع إعطاء هيئة القضاء ظهورهم فى مشهد كوميدى يتفوق على كل ما كتبه بهجت قمر وبديع خيرى وأبوالسعود الإبيارى مجتمعين! توقفت أمام كل هذه الأقوال والتصرفات والسلوكيات الغريبة العجيبة التى تحتاج للدكتور أحمد عكاشة أكثر مما تحتاج لقاض أو رجل قانون، ومكانها الطبيعى الشرعى هو السرايا الصفرا وليس ساحة المحكمة، لكنى توقفت أكثر عند عبارة مهمة لها دلالة خطيرة وهى عبارة «أنا عايز ميكروفون زيك» والتى قالها مرسى وكأنه طفل يطلب كيس شيبسى مثل الذى يقرقشه زميله فى الفصل صارخاً: أنا عايز زى ده يا أبلة! الميكروفون هو التميمة الإخوانية وأيقونة الجماعة، الميكروفون ومعه الكاميرا هما الأوكسيجين الذى تتنفسه الجماعة والسماد الذى به تنمو وقبلة الحياة التى بها تعيش، ضع ميكروفون وكاميرا أمام الإخوانى تجده قد تعملق وتبدل وتحول وكأنه يرتدى ملابس التنكر ويتحول مثل بطل فيلم «ماسك» أو «الرجل الأخضر» ويحقن بحقن آنا أصلان لاستعادة الشباب وهورمونات تضخيم العضلات، تجده وكأنه قد استعاد الروح والنفس والحيوية، جرّب أن تحرم الإخوانى من الميكروفون والكاميرا ستجده يذبل ويتوارى ويتقزم حتى يختفى، وهذا كان خطأ الإعلام القاتل أن ركز عليهم وضخّم من قاماتهم وقدرهم ومنحهم الميكروفون لترديد أكاذيبهم وترّهاتهم ونشر هلوساتهم، كانت لديهم قنواتهم التحريضية الغبية المستفزة، وبرغم ذلك كانوا يهرولون إلى حيث القنوات الفضائية الأخرى التى كانوا يصفونها بالانقلابية المتحيزة الكافرة. والمدهش أن تلك القنوات كانت توافق بل تتذلل لهم وتقبل أحذيتهم حتى يستمروا فى الاستضافة والتحريض والكذب وشتيمة مذيعيهم داخل الاستوديو! الميكروفون هو شريان الحياة للإخوان وهيموجلوبين الحيوية والنضارة والنمو والترعرع والزهو للجماعة، وليس غريباً أن يطلب مرسى الميكروفون بإلحاح وأن تتلبسه الهستيريا والمناخوليا حين رفضت هيئة المحكمة منحه إياه، الإخوان فى عز المظاهرات والكر والفر والدم والدمار تجد عيونهم لاهثة محدقة باحثة عن الكاميرا وحناجرهم مشرئبة مشتاقة تنتظر بلهفة هبوط وحى الميكروفون! وبالطبع الميكروفون الأجنبى خير من الميكروفون المصرى، وكاميرا الجزيرة خير وأبقى وثوابها عشرة أضعاف، بدليل أن كاميرات الفضائيات المصرية ومراسليها قد تم الاعتداء عليهم أمام المحكمة وكأنهم من التتار أو الهكسوس بينما تم الاحتفاء بالمراسلين الأجانب وكأنهم من الملائكة أو من الصحابة!