الجمعة ٨ نوفمبر ٢٠١٣ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم : فارق عطبة
بدأت محاكمة الموكوس المخلوع محمد مرسي (الاثنين 4 نوفمبر 2013) في قضية قتل المتظاهرين تحت أسوار قصر الاتحادية الرئاسي وتعذيب آخرين داخل قصره، وهي أول حلقة من سلسلة قضايا يواجه فيها الموكوس اتهامات خطيرة ضمنها التخابر والتجسس لمرتين، وكعادته البهلوانية وحركاته الاستفزازية، رفض أن يلبس بدلة الحبس الاحتياطي البيضاء وأصر على ارتدائه بدلة كحلي وقميص أبيض، وبادر المحكمة بخطبة عصماء عن الشرعية وعدم دستورية محاكمة الرئيس الشرعي للبلاد إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب المنتخب وعودة الدستور، كما رفض توكيل محامي للدفاع عنه.
والحقيقة أن هذا الرجل نجح ـ كعادته ـ في تأسيس سوابق مدهشة خلال فترة حكمه وما بعدها، إذ أعلن فوزه الاجباري قبيل إعلان النتيجة بأسبوع، متغاضيا عن كل أنواع وفتون التزوير المعروفة والمبتكرة في انتخابات الإعادة الماضية، مُهددا المجتمع المصري بالويل والثبور وعظائم الأمور وبحور من الدم، تقوم بها فصائل من جيش القسام الحمساوي تجتاح البلاد وتحرق الأخضر واليابس إذا جاءت النتيجة بنجاح الفريق أحمد شفيق، والملاحظ أيضا أنه رفض قبيل تلك الانتخابات في أكثر من لقاء تليفزيوني أن يناقش احتمال عدم فوزه مُصِرّا ومُؤكدا أن الشعب المصري سيختاره دون غيره ولا مجال لفرض غير ذلك.
أيضا هو الذي قدم لنا مجموعة من الفواصل الحركية اللولبية واللفظية العجيبة أصبحت علامات لفترة حكمه التعيس القصير، مثل فتح سترته بطريقة استعراضية مصطنعة ادعاء للجسارة والثقة، وابتدع أسلوبا مبتكراً لأداء القسم الرئاسي بأداء اليمين ثلاث مرات، في ميدان التحرير بين أهله وعشيرته، وفى جامعة القاهرة في وجود أعضاء مجلس الشعب الملغي، وفي المحكمة الدستورية كما ينص الدستور، وخشيت أن يصر على القسم مرة رابعة على رغيف من الخبز في مقهى أو غرزة على ناصية الطريق. وكان في كل مرة أقسم فيها يوجه شكره لأهله وعشيرته، ولبعض المحافظات وبعض المهن دون البعض الآخر، ولم ينس التأكيد علي شكر سائقي التُكتُك الكرام دون غيرهم من سائقي التاكسيات أو القطارات أو اللوريات. ثم هو الذي ابتكر حديث الأصابع في الخطاب الرئاسي وهو الذي اكتشف بعض الأصابع التي تلعب في الحارة المزنوقة، مهددا ومتوعدا لهم بقوله اللوذعي كان على أن أفعل وها أنا ذا سأفعل. ومن حِكَمه التي لا تنسى قوله الحق أبلج والباطل لجلج، وتساؤله عن ماذا يفعل القرداتى لو مات القرد؟ وأعطي لنفسه كل الأنواط والنياشين واستخدم كل الاستراحات الملكية والرئاسية في كل مكان مُصِرا على النوم والمرمغمة فوق سرير الملك فاروق حتى ينسي النوم على الحصير في بيت أبيه أو على البرش في سجن وأدى النطرون. وهو الذي أصدر اعلانا دستوريا مسخرة يحصن فيه قراراته، ويجعل منه حاكما بأمر الله، لا راد لقراراته أو مناقشة لفرماناته بل كاد أن يعلن نفسه إلها يتحكم في خلق الله. وهو الرئيس الذي ألقي خطابا يتغول فيه على خصومه السياسيين واحدا واحدا بالاسم، وهو الذي حنث بالقسم وأهان هيبة القضاء وحاول أخونة الشرطة والجيش حتى يدينوا له بالولاء. وهو الذي سرق بترول مصر حينما كانت محطات الطاقة تتوقف لعدم وجود الوقود وضخه عبر الأنفاق لأهله وعشيرته وحبيبته حماس، كما سمح بعبور السلع المدعمة لغزة عبر الأنفاق وشعبه يعاني الضنك والمجاعة وارتفاع الأسعار.
وهو الذي تغاضى عن استشهاد الجنود الصيام في رمضان ووقف البحث عمن تسبب في قتلهم. وهو الذي أشرف على مسرحية خطف الجنود ومنع اقتفاء أثر خاطفيهم حتى يعطى الفرصة لحزبه التفاوض للإفراج عنهم مطالبا الحفاظ علي سلامة الخاطفين والمخطوفين. وهو الذي منع الجيش من هدم الأنفاق التي تستخدم في نقل السلاح والمخدرات والإرهاب وما يتم سرقته من سيارات أفراد دفعوا فيها دم قلوبهم ومعدات ومهمات الشرطة التي سرقت عند قيام نكسة 25 يناير. وهو أيضا لذي حرض أهله وعشيرته على العنف وإراقة الدماء إذا تم عزله، ثم راح يصرخ ويولول بعد القبض عليه مرددا: أنا الرئيس الشرعي للبلاد، مستندا على شرعية صندوق مزور ودعم أمريكي قطري، وأضف إلى ذلك كونه أول سجين في العالم يأكل بطا بالفريك كل يوم، وهو ـ أيضا ـ أول رئيس جاسوس في تاريخ مصر والعالم، ثم هو أخيرا الذي رفض الحديث الي محققيه، وهو الذي صرح من مكان احتجازه أن العنف والاغتيالات والتفجيرات لم تأت بعد، مطالبا جماعته بإراقة الدماء من جديد إذا حوكم.
وفى النهاية لا يسعني إلا أن أقول له: يا محمد مرسي مصر تأسف أن تحملتك لمدة عام كان علينا أطول من قرن لتجلس على عرش الفراعنة أصحاب التاريخ المجيد، أو على عرش أسرة محمد على الذي أدخلت مصر إلى بداية عصر النهضة والحداثة التي أنت تنكرها وتريدنا العودة لعصور المماليك والعثمانيين وظلام ما قبل التاريخ، أو تبوؤ مقاعد زعماء مصر الثورة أمثال ناصر والسادات وتظن نفسك أول رئيس مدني منتخب رغم علمك بما تم من تزوير. يا مرسى الحق أبلج والباطل لجلج كما قلت فأنت أقسي لعنة كتبت علي قدر مصر في غفلة من التاريخ الذي سيضعك في مكانك اللائك من مزبلته، وحتى لو حوكمت وأُعدِمت عشرات المرات فلن تبرد نار أهل الشهداء الذين حرضت واشتركت في قتلهم، ولن تبرأ مصر من جرحك الغائر الصعب الالتآم!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع