بقلم : محمود بسيوني | الاربعاء ٦ نوفمبر ٢٠١٣ -
٠٤:
٠٨ م +02:00 EET
صوره أرشيفيه
منذ متى أصبح الاستهزاء بالقضاء والمحاكم مصدر اعتزاز وفخر في مصر؟ منذ متى أصبحت "مؤخرات" المتهمين تواجه القاضي، وهيئة المحكمة الموقرة بهذا الشكل المنحط، مع إشارات بالأصابع وهتافات وصراخ؟ كما شاهدنا وتابعنا في محاكمة المعزول وقيادات الجماعة الذين حاولوا إقحام السياسة في سير العدالة رغم أنها قضية جنائية في المقام الأول.
أي بطولة تلك في حديث العريان عن انتهاكه الجنسي باللغة الإنجليزية مع الصحفيين الأجانب أو تصفيق البلتاجي والشيخة لمرسي بعد دخوله للقفص بأوامر عبد العاطي مخرج المشهد التمثيلي بأكمله؛ من أجل تسويقه في الخارج على أنه رفض للمحاكمة، وضرب لمصداقيتها.. ما هو الإنجاز التاريخي في إغلاق المعزول لجاكيت البدلة وسط الحراس ثم حديثه عن الشرعية أكثر من 20 مرة ليكشف لخبراء الطب النفسي عن مرضه بجنون الرئاسة أو "بارانويا" الشرعية؟ أي منطق في طلبه من القاضي- الذي قال إنه لا يعترف به ولا بمحكمته- بأن يخرجه ليستكمل عمله كرئيس للجمهورية ناسيا أو متناسيا أن القضاء نفسه هو الذي منحه هذه الشرعية، وأنه لا يحق لأي رئيس سابق أو حالي أو قادم أن يفرض شروطه على أي قاض.. فإذا اؤتمر القاضي فكيف يحكم بالعدل.
هل نحن أمام سلوك مصري.. بالقطع لا، فلم تشهد مصر اعتراضا من متهم على محاكمته بتصدير ظهره للقضاة بهذا الشكل، نحن أمام مشهد غير مألوف يتقاطع معه ما حدث ويحدث من الإخوان، من كتابة ألفاظ نابية ومسيئة على جدران الشوارع، وهو ما يضرب في الصميم حديث مرشدي الجماعة عن تربية الفرد الإخواني على أخلاق الإسلام التي لا تعرف فواحش القول أو العمل، ويؤكد أننا أمام أكاذيب لا تنقطع عن الجماعة التي تعرف نفسها بأنها جماعة "ربانية" تريد الحكم بالشريعة ووفق أحكام الدين الإسلامي، فهل ما نراه من كتابات وسباب ولعنات وشتائم أصبحت من الإسلام، ولماذا يسكت الشيوخ الأفاضل من التيارات الإسلامية الأخرى على ذلك!
لا أعلم شعور القاضي الجليل المستشار أحمد صبري يوسف رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة الذي ينظر القضية، بعدما رأى هذه المشاهد المخزية، لمن كانوا بالأمس القريب يجلسون على عرش مصر، بالتأكيد الرجل شعر أن مصر نجت من مأساة كبرى، ولا أريد أن أعقد مقارنة بينها وبين محاكمة الرئيس مبارك؛ لأن هناك فرقا شاسعا بين رجل الدولة ورجل التنظيم السري.. لكن ما أريد أن أتوقف عنده وهو تعمد الجماعة المحظورة لإهانة القضاء والقضاة، وهو ما يعني أننا بصدد حملة منظمة للنيل من مؤسسة العدالة، فالإخوان بعدما استهدفوا الجيش والشرطة والاقتصاد المصري لم يبق أمامهم سوى القضاة.. حصن الدولة المصرية، وهو ما دشنه عبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق بتقسيمه القضاة إلى نوعين؛ شرفاء وغير شرفاء، وهو ما يمكن اعتباره تمهيدا جديدا لقصف قادم لمحاكمات تنظيم الإخوان سيتخللها تهديد للقضاة بالقتل، كما حدث من قبل مع القاضي الجليل المستشار خالد محجوب رئيس محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، الذي أصر على استكمال التحقيقات في قضية هروب المعزول من سجن وادي النطرون في أحداث يناير 2011، والذي أصر على استكمال التحقيق رغم ما وصلته من تهديدات بالقتل، ومرة أخرى باستبعاده عن عمله وضرب مصداقيته، وكلها ألعاب إخوانية متكررة.
يجب على مرفق العدالة التعامل بحسم مع هذه التصرفات الخارجة، كما يجب على أجهزة الدولة توفير الحماية المطلوبة لرجال القضاء، وعلى المجتمع الانتباه إلى ما يحاك ضد أمن البلاد وعدالتها من كذب ستردده الجماعة المحظورة وأتباعها ضد القضاة، فالمعركة ما زالت طويلة.
البوابه نيوز
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع