الأقباط متحدون - البطاركة وإصلاح الكنيسة القبطية في مصر فى القرن التاسع عشر
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الاثنين ٤ نوفمبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٣٠٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

البطاركة وإصلاح الكنيسة القبطية في مصر فى القرن التاسع عشر

الكنيسة القبطية - ارشيفية
الكنيسة القبطية - ارشيفية

د. ماجد عزت إسرائيل

         دراسة إصلاح الكنيسة القبطية في مصر وعلاقته بالحداثه الغربية في القرن التاسع عشر، ذات أهمية كبرى، لما لها من مؤسـسات ونظم وشعب له عادات وتقاليدها الدينية الموروثة وكــجزء لا يتـجزأ من المجتمع المصري، الـذي طرأت عليه تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية بعيدة المدى عجلت بتـطوير أو تغير الــعديد من المؤسسات التقلــــيدية الموروثة؛ نتيجة تغييرات عميقة في ظــل قيام الحــكومة المركزية القائمة على الإدارة الحديثة على النمط الأوربي وارتبـاطها بالـسوق العالـمية والتخصص في زراعة القـطن ونشاط حركـة، التصدير، ونمو رأس المال وإنشاء مؤسسات الـتمويل وتدفـق الأجانب، وتغلـغل الأساليب والعادات الغربية الحديثة وبخاصـة في المدن وهي تغييرات اشتد ساعده وأمتد تأثيرها إلى الجميع.

   وأدت التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري في ذات القرن وعلى الأقباط خاصة، من حيث مشاركتهم في الإدارة الــحديثة، ومع إلــغاء الجزية وقبولهم بالجيش، بموجب خط همايون الصادر في 1272هـ/1856م،ساعد على زيادة ظهور الحركات الإصلاحية داخل الكنيسة القبطية،وصاحب ذلك حدوث تغييرات في جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية التي انعــــكس أثرها على المجتمع المصري بصفة عامة.

            وفى إثناء ذلك عرفت الكنيسة القبطية استمرار التحدي الغربي في صورة حملات التبشير الكاثوليكي والبروتستناتي خـــلال الـــــقرن التاســع عشر، واستطاعت تحديث وإصلاح نفسها، وواكب ذلك إصــــــدار الحكومة المصرية"لائحة إصلاح 1879م" ليكون بمثابة رؤية ليبرالية صافية تربط بين الديمقراطية و الانتماء، والتي توجت بصدور "لائحة إصلاح 1881م" استجابة للمطالب الليبرالية، وفى ظل ذلك ركبت الكنيسة القبــــطية موجة الحداثة الغربية بالثقافة والتعليم وإنشاء المدارس القبطية والكلية الإكليركية واستيراد المطبعة، التي ساهمت كاداه من أدوات التنوير الثقافي، حتى أمكن أعادة تنظيم الطائفة القبطية على أسس عصرية حديثة.

        ولــقد لعب البطاركة الأقباط دوراً هاماً في حركة إصـــلاح وحداثة الكنيسة القبطية على النمط الأوربي مع احتفاظها بالأصــولية المورثة منذ عهد الآباء الرسل، ووضع لبنتها الأولى مار مرقص الرسول، ومن أمـثال هـؤلاء البابا كيرلس الرابع البـطريـرك(110)، المعروف بـ (أبــو الإصلاح)(1854-1861م) المعاصر لـوالى مــصر "سـعيد باشا"(1863-1863م) وديمتريوس الثاني البطريرك (111)(1862-1870م)، المعاصر للخديوي" إسماعيل"(1863-1879م)،وكيرلس الخامس البطريرك (112)(1874-1927م)الذي استمر أكثر من نصف قرن بطريركاً،مصاحباً للخديوي إسماعيل،وتوفيق (1879-1892م)،وعباس حلمي الثاني (1892-1914م) والسلطان حـسين كامل(1914-1917م)،والملك فؤاد الأول.

     ومن هنا جاءت دراستناً لأجل إلقاء الضوء على حركة الإصلاح القبطي في الكنيسة المصرية وعلاقتها بالحداثة والنظم الأوربية؛ نتيجة التــــحديات المستمرة- طوال القرن التاسع عشر –عبر الدولة الحديثة التي وضع لبنتها الأولى محمد على باشا 1805م واستكمله خلفاؤه.

     ولتحقيق هذا الهدف تطلب قيام المسئولين عن الكنيسة القبـطية بـحركة إصلاح شاملة بتأسيس العديد من المؤسسات التي تحقق الغرض من أجل حماية رعاياه وفى مواجهة التحديات والحداثة الأوربـية، فقامت بإنشاء المدارس القبطية، لتعليم اللغة والإلحان القبطية للحافظ على خصوصـية الأقلية،و تطلب ذلك استيراد المطبعة لطبع ونشر ثقافتها، وإنشاء المــكتبات العامة(داخل الكنائس) بجانب المكتبات الخاصة التي يمتلكها الأراخنة، كما أصدرت الصحف القبطية مثل الوطن والحق والتوفيق والـــكرمة، ونمــــت الليبرالية داخل الكنيسة في ضوء المجلس الملي العام 1874م، الذي شــــهد مشاركة العناصر العلمانية.بجانب الاكليروس، كما شجعت الكنيسة في ضوء حركتها الإصلاحية الأراخنة ورعاياه على دفــع العشور والنذور والتبرعات ووقف الأراضي والعقارات والمحلات من أجل تـوفير مصدر تمويلي لمواجهة النفقات على المؤسسات الإصلاحية الحديثة.

     كما أن بناء حركة الإصلاح الحديثة داخل الكنيسة القبـــطية قامت على دعائم من أهمها الجمعيات الخيرية ونشــاطها متــعدد الجوانب في الـــــــبر والفقراء والتــــعليم ورعاية الأرامل والــــــجوع والمرض، ومن أمثال هذه الجمعيات،الجمعية الخيرية القبطية أسست سنة 1881م، وجمعية الــــتوفيق القبطية أسست سنة 1891م،وجمعية النشأة القبطية أسست 1896م،وجمعية المحبة القبطية سنة 1908م. كـذلك أشاءت الملجأ لرعاية الأيتام، والتزمـت هذه الجمعيات والملجأ باللوائح والقوانين المنظـمة للعمل الأهــلي، ومن ضمنها عدم التدخل في الشئون السياسية والدينية، لأن دور هذه المـؤسسات اجتماعي، وكان لا يقتصر على خدمة الأقباط خاصة،بل خدمة المجتمع المصري (مسلميه وأقباطه) في ضوء تنمية الشعور القومي لدى أبناء الأمة الواحدة.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter