الأقباط متحدون - ليلة الزفاف الحزين !!!
أخر تحديث ٠٧:٢١ | الجمعة ١ نوفمبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٢٢ | العدد ٣٢٩٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ليلة الزفاف الحزين !!!

بقلم / حنان بديع ساويرس

ككل عروسان يستعدان بكل إشتياق ولهفة إلى يوم عرسهما بعد مُعاناة طويلة من التجهيزات والترتيبات كى يصلا لهذا اليوم الموعود ، فربما يتجاوز الترتيب له شهور طويلة ، أو ربما يتجاوز سنوات من الكفاح  والإنتظار وعندما أوشك الحُلم أن يُصبح حقيقة ، وبعد أن كان بينهما وبين تحقيقه دقائق معدودة وفى غمرة فرحتهم .. وقد أقترب موعد الزفاف ،  لتُكلل فرحتهم بالصَلوَات وإتمام مراسم الأكليل ليذهبوا عُش الزوجية ليُكَونوا أسرة سعيدة .. للأسف جاءت الرياح بما لا تشتهى السُفن ، فكان هذا هو حال عروسين كنيسة العذراء بالوراق بعد أن غدر الإرهابيين بالمدعوين لزفافهم قبل دقائق من وصول موكب الزفاف ، فتبدلت الفرحة إلى حُزن سَحيق  لن يُنسى مدى السنين ، فأخذ الصراخ والعويل والنحيب مكاناً  بدلاً من الزغاريد والتهليل والإبتهاج ، وتبدلت عبارات التهانى بعبارات التعازى والتهدئة ، فالألم والإنكسار حلا محل القوة وإستقامة العود ، فبدلاً من أن يتلقى العروسين التهانى بزفافهم من مُحبيهما وأصدقائهما .. وقفا لتلقى العزاء فى أقرِبائهما ، فأستشهدت زوجة عم العروس السيدة كاميليا وهى تشاركهما أفراحهما فى يوم عرسهما بعد أن تلقت طلقات الموت الغادرة فى عُنقها والتى أستشهدت على أثرها ، كما أستشهد أبن شقيقة السيدة كاميليا أثر طلقات فى بطنه ، ومؤخراً أنتقل أيضاً أحد المدعوين للزفاف وكان يجامل جاره المسيحى ويُدعى محمد إبراهيم 17 عام مُتأثراً بجراحه بمعهد ناصر الذى كان يتلقى به العلاج أثر طلق نارى فى البطن ، فلم يَستطع المُجرمون فرز أو فصل دماء الأقباط عن المُسلمين  فى هذا الحفل رغم أنهم ذهبوا لسفك دماء الأبرياء بخِسة على أبواب الكنائس !!!!!!

-    وإستشهدتا المَريَمتان "طفلتان بريئتان" فى عُمر الزهور  فإحداهما ثمانِ سنوات والآخرى إثنى عشر ربيعاً ، فاضت أرواحهما الطاهرة بعد أن زُهقتا غدراً من إرهابيون مُجرمون لا يعرفون رحمة .. ولا دين لهم ، ذوى قلوب حجرية فقد أنتقلتا الصغيرتان إلى السماء أثر 13 رصاصة فى جسد مريم نبيل و7 رصاصات فى جسد مريم أشرف ، فتجرعتا مرارة الموت قبل أن يتذوقا طعم الحياة ، فتمزق جسديهما النحيل دون ذنب إقترافتاه أياديهما اللتان لم يكتملا نموهما .. فلم تحتمل أجسادهما النحيلتان أكثر من رصاصة فكانت كافية  لتمزيقهما .. فكم يتمزق قلبى كُلما دار بمَخيلتى كيف أخترق وابل الرصاص قلب الصغيرتين  !! 
 فتخيلت نفسى أسأل إحداهما كيف كانت تتلقى طلقات الغدر والخيانة  .. كيف كان حالك صغيرتى وأى ألم تألمتيه وأنتِ تتلقين الرصاصة تلو الآخرى بلا رحمة أو شفقة  على طفولتك البريئة من مُجرم آثم لا يعرف الله .. فهل جالَ بخاطرك طفلتى مثلاً فى تلك اللحظات البشعة أن تقومى بمُحاولة يائسة بأن تستدرِين عطف قاتلك ؟!  ، فهل فكرتى أن تقولين له وأنت تحاولين تفادى ضراباته الموجعة القاتلة بكفك الصغير متوسلة إليه قائلة له كَفى .. لن أفعل ذلك ثانية ، دون أن تدرى ماذا فعلتِ كى يكون عِقابك هو القتل .. لكنها مُجرد مُحاولة لكى يتركك لحال سبيلك ؟!!! ، وأنتِ تحاولين التنفس بصعوبة وتنتظرين النهاية لهذه الرصاصات الغاشمة حتى تلتقطين أنفاسك لكن .. دون جدوى ، لأنه لم يُعطيكى حتى فرصة الصراخ والتوسل بسبب كثرة وسرعة ضراباته الخائنة التى أمطرك بها ولم تستطيعى الإفلات منها.. كم هى موجعة ومؤلمة صرخاتك ورُعبك فى هذه اللحظات ، هل شعرتى بها أم أنتقلت روحك إلى باريها فى هدوء دون أن تشعرى بكل وخزات الألم هذه .. فأشفق عليك صغيرتى من الشعور بذلك وأتمنى أن تكون أنتقلت روحك إلى باريها دون أن تشعرى بكل هذه الآلام والأوجاع .. لكن للأسف .. فإحدى المريمتين فاضت روحها الطاهرة أثناء محاولة الأطباء إسعافها وهذا معناه أن الإحتمال الأكبر أن تكون شعرت بكل تلك الآلام والأوجاع دون أن ندرى نحن ، فربما يكون صعقنا موتهما لكننا لم ندرى أو لم نفكر فيما تعرضتا له من آلام قبل الإنتقال  ، فتخيلت أحد الأطفال يتعرض للضرب على كفيه من أستاذه بالمدرسة  وينتظر بكل رعب وتوسل أن ينتهى الضرب كى ينتهى معه الألم لكن من شدة الألم والرعب يشعر  الطفل بأن الضرب لن ينتهى أبداً ، فما بالكم طلقات الموت التى لا تحتمل فينزف معها الجسد وتُزهق منها الروح ، فلا تأتى لها نهاية إلا بنهاية الحياة .  
-     13 رصاصة تخترق  وتُغربل جسد مريم النحيل فيتمايل جسدها من قوة الرصاصات فى كل الإتجاهات .. آأأأأه صغيرتى فكل ذنبك أنكِ تعيشين بين وحوش ضارية أطلقوا عليها بشر !!!!!!!!              فلا أتصور هؤلاء القتلة وهم يسفكون نقطة واحدة من دِمَاءك من أجل عودة مرسى أو من أجل كنوز العالم الفانِ ، فبعد نهايتهم التى هى أقرب جداَ من نهاية العالم سيقفون أمام الله الديان العادل فى رعب عظيم يُسألون عن دم هابيل الذى سفكوه بسبب حقدهم وشرهم وعمى بصيرتهم وقلوبهم .. لأنه " مُخيف هو الوقوع فى يد الله الحى" لكنهم للأسف لم يفكرون فى هذا لأنهم ببساطة ... سُفراء الشيطان على الأرض!!!                
                             
فكم آلمنى كلمات السيد أشرف مسيحة والد مريم 8 سنوات بعد أن أصيب بإنهيار عصبى داخل المشرحة وأصر على تقبيل طفلته وتوديعها قبل تكفينها عندما قال أن المُجرمين حرمونى من أبنتى ومش هاوصلها لمدرستها تانى كل يوم ، وإن إبتسامتها لن تفارقنى طوال حياتى ، وأن زوجته وأبنه الصغير فيلوباتير ثلاث سنوات أصيبا فى الحادث الإرهابى أيضاً ويرقدان بالمُستشفى وأن الطفل فى حالة خطرة.. فيلوباتيرشقيق مريم عمره ثلاث سنوات موجود بالعناية المركزة بعد إصابته بطلق نارى بالبطن ، ونتمنى من الله أن يَمن عليه بالشفاء العاجل هو وجميع المُصابين فى الحادث .

-     وكم آلمنى أكثر دموع وكلمات صديقات مريم فى الصف الثانى الإبتدائى .. عبارات يعجز فى التعبير عنها البالغين .. يالها من كلمات تُمزق القلوب تمزيقاً ، ويعجز عن وصفها القلم ..  كلمات بريئة تصدر من قلوب خضراء لا تعرف الكراهية أو الحقد أو الضغينة لا تدرك أمامها من مسيحى ومن مسلم ، فلا تعى براءتهم  سوى شئ واحد لا ثانى له وهو أنهم فقدوا أعز صديقاتهم وهذا قبل أن تتلون هذه البراءة بألوان التعصب والتطرف الدخيلة على مصرنا الحبيبة .                                              
                 فقالت إحدى صديقات مريم "المُسلمة" وهى تتلعثم فى الكلام بسبب بُكائها الشديد ، فأختلطت كلماتها بدموعها وهى تقول مريم كانت طيبة وكانت بتحبنى أوى وأنا بحبها أوى ولما كنت أطلب منها حاجة كانت تديهالى "  وأكثر ما أثر بى هى كلمات صديقتها الآخرى الصغيرة المُسلمة أيضاً التى قالت ببراءة  وهى تبكى بكاءاً مُراً " انا قريت لها الفاتحة وكل يوم أدعى لها عشان ترجع تانى" !!!      

    وهنا أغلقت الفيديو فلم أحتمل أن أسمع أكثر من ذلك ولكى أتنفس شهيقاً وأتنهد وأجفف دموعى التى ذرفتها عيناى رغماً عنى ، فحقاً لم أحتمل إستكمال كلمات ودموع الأطفال من أجل  صديقتهم ..فوفائهم وحبهم الجميل ليس له مثيل بل تحمر له الوجوه وتطأطئ له الجِباه خجلاً فيعطينا درس خالد لن ننساه فكأنهن على صديقة عمر طويل بأكمله يتحدثن وكأنهن تخطوا من العُمر والعِشرة ما يجلب عليهم كل هذا الحزن والشجن والتأثر، وكأنهن ليسوا أطفال فى الصف الثانى الإبتدائى ، وفاء وحب خالص لم أجد له نظير فى الكبار الذين ربما فى بعض الأحوال نراهم يَتَشَفون ويَشمَتون فى أحزان وموت الآخر حتى لو كان جاراً له ، لمُجرد أنه يختلف معه  فى الديانة ،  بل يسعون هم لقتله وجلب الأحزان له وليست عليه .

-    ومازالوا يخفون خبر وفاة مريم نبيل عن شقيقتها الصغرى ناردين ومازالت الصغيرة  تسأل عن شقيقتها وتريد مُحادثتها تليفونياً فيتلون على مَسامِعها أعذار مُختلفة  .. لكن إلى متى يستطعون إخفاء الحقيقة عنها طالما سيطول إنتظارها ولن تأتى أبداً  .. سيطول الإنتظار إلى مالا نهاية لأنها لن تعود  !!!
حقاً مأساة بكل المقاييس فزهقت أرواح الأبرياء فى ليلة الزفاف  وتحولت الملابس بشتى ألوانها إلى لون واحد وهو لون الدماء المُتناثرة على الأرض والجدران حول الكنيسة فبدلاً من أن يستقبل المدعوين  العريس وبيده عروسه ليطلا عليهم وتطل معهم الأفراح .. طل الموت بكآبته وبشاعته ودمامة وجهه القبيح على أيدى ساكنى القبور وعُشاق الموت وكارهى الحياة والسلام ، ولم ينتهى المشهد بإستشهاد من أستشهد لكن مازالت هناك حالات خطيرة رابضة بالمستشفيات .                                             
-    قد أعتاد هؤلاء المُجرمون الإرهابيون قتل الأقباط فى أيام أفراحهم ، فقد أمتدت أيديهم الآثمة لقتل شباب فى عُمر الزهور يوم ليلة عيد الميلاد عام 2010 بعد خروجهم من الكنيسة بنجع حمادى .. وفى ليلة رأس السنة بكنيسة القديسين بالأسكندرية والتى سقط فيها عشرات الشهداء بخلاف المُصابين إصابات مُزمنة يُعالجون منها حتى يومنا هذا .. وأتى يوماً آخر من أيام أفراح الأقباط وهو يوم زفاف عادى لأسرة بسيطة تعيش كسائر المصريين فى سلام فحولوا  فرحتهم إلى مأتم .. إلى متى سيدفع أقباط مصر ثمن تحرير مصر ؟!! وهل ياتُرى ننتظر أن نستيقظ مُجدداً الأيام المقبلة على " ليلة جديدة لزفاف حزين" ؟؟!!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter