بقلم: د. صفوت روبيل بسطا
في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها بلدنا مصر .. ونحن في حرب شرسة مع الأرهاب والأرهابيين الذين يصرون أن يُرجعونا للخلف عشرات السنين، ويذكروننا بأيام " الأرهاب الأسود " مع بدايات التسعينات من القرن الماضي . من إغتيالات وتفجيرات وبنفس الطريقة والأسلوب من دراجات بخارية وملثمين ورصاص وقتلي ومصابين!! ، والجميع يعيش في مصر حالة من الخوف والقلق وعدم الأمان والتي تنتاب كل المصريين ، والجميع يستيقظ يومياً علي حادث وهجوم إرهابي من هذه النوعية الغريبة علي المجتمع المصري المسالم والمعروف عنه أنه ... يُكمل طعامه نوماً!!؟؟
أضف إليها الأن المظاهرات هنا وهناك وقطع الطرق والتخريب والدمار في أماكن كثيرة.
لم يمضي أسبوع علي الهجوم الأرهابي الخسيس علي كنيسة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بالوراق بمحافظة الجيزة ، والتي أدمت وأبكت قلوب جميع المصريين علي ضحايا هذا الهجوم الأرهابي الغاشم ، وإستشهاد طفلتين طاهرتين " المريمتان" في عمر الزهور ، لا ذنب لهن غير أنهن مسيحيات !!، ذهبنا بالفستان والقلب الأبيض إلي الكنيسة !! بكل الفرحة والبراءة والسعادة . فإذا برصاصات الغدر والخسة والندالة تخترق أجسادهن الصغيرة و تغتال البراءة والفرحة ، بل وتغتال كل معني سامي في هذه الحياة ، هذه الحياة التي جعلتنا نكرهها لأنها سمحت لهؤلاء المدعويين " بشر " !! أن يعيشوا وسطنا ومعنا في هذه الحياة وهم يضمرون لنا كل هذه الكراهية !!؟؟
لم يمضي أسبوع حتي سمعنا عن الهجوم الإرهابي التالي علي قسم شرطة بالمنصورة وثلاث ضحايا أبرياء أخرين أيضاً
باسم يوسف
في وسط كل هذه الأجواء التي يعيشها كل المصريين ، ووسط حالة من القلق والغضب مما يحدث .. كانت الحلقة الأخيرة من برنامج " البرنامج " للأعلامي الدكتور/ باسم يوسف ، والذي يُذاع كل يوم جمعة علي قناة ..سي بي سي .. الفضائية
اليوم فقط إضطريت أن أجلس وأستمع لهذه الحلقة المُثيرة للجدل جداً !!.. والتي شغلت كل المصريين وجعلتهم نسوا أو تناسوا ما يحدث بالبلد !!؟؟
وأضطريت ليه !!؟؟ لأنني تابعت الأيام الأخيرة ردود أفعال المصريين وحتي الأجانب والصحف العالمية !! علي هذه الحلقة التي أثارت هذا الجدل الكبير ، بالأضافة إلي بلاغات إلي النائب العام ونيابة ومظاهرات وإستنكارات ، وشتائم وإتهامات بالعمالة والخيانة ...إلخ
ورأي المتواضع أختصره في الأتي:
نحن "المصريين" شعب عاطفي جداً ويتأثر بسرعة ، يغضب بسرعة ويسامح بسرعة ... كل هذا شيئ جميل ويتميز به الشعب المصري عن كل شعوب العالم .... ولكن .... لكل شيئ حدود .. حتي في العاطفة سواء بالأيجاب أو السلب
وأنا من الناس التي لا تقبل أن تكون من نوعية مع أو ضد ، أنا دائماً أحب أقول رأي بكل حرية (وبحدود) أيضاً بشرط أن لا يخرج عن اللياقة والأداب العامة.
الدكتور / باسم يوسف ...قبل هذه الحلقة كان " فاكهة الجماهير " (إن جاز التعبير) وأشهر إعلامي مصري ، وكان لأغلب المصريين هو مصدر الضحكة والأبتسامة والفرفشة في زمن قلت بل ندرت فيه الضحكة والأبتسامة ، ومن أجل ذلك تلهف الجميع علي أول حلقة بعد طول غياب لأكثر من أربعة أشهر
ومن أجل " حلقة " لم تتعدي ال60 دقيقة ، ومن أجل رأي قاله أو لًمح به في أسلوب ساخر كان يعجبنا جميعاً وتعودنا عليه في كل حلقاته السابقة
والتي فيها لم يسلم أحد (أي إن كان) من سخريته وقفشاته ولا تلميحاته حتي الغير لائقة والتي تخدش الحياء العام !!؟؟ .
ولكن بعد هذه الحلقة تحول (في نظر الكثيريين) إلي خائن وعميل وخادش للحياء ، بالرغم أنه دائماً ما يضع في مقدمة البرنامج أنه .... للكبار فقط
وأكرر ... أنني " لست مع أو ضد" أي أنني لا أدافع عن د/ باسم يوسف ، ولست ضده ، ولكنني هنا أرصد ردود الأفعال المثيرة للجدل جداً !!والتي كانت أكثر إثارة من هذه الحلقة نفسها .. مصدر كل هذا الجدل العام بين كل المصريين وعلي كل المستويات .
وأنا هنا لن أتطرق كثيراً إلي المواضيع المثيرة بهذه الحلقة التي أثارت أغلب المصريين ، وجعلتهم يتحولون بهذه السرعة في مشاعرهم نحو د/ باسم يوسف
وإن كان أكثر شيئ أثار المصريين هو تعرضه بالنقد الساخر (الزائد عن الحد) لقواتنا المسلحة وجيشنا الوطني العظيم في هذا الوقت بالذات وخاصة بعد الدور العظيم الذي قام به من أجل مصر وكل المصريين ومازال يقدم ويُضحي من أبناءه المخلصين ضد الأرهاب والأرهابيين ، وأيضاً كان تشبيهه لبدلنا الغالية " مصر" تشبيه غير لائق بالمرة .
وأيضاً كان الحديث عن البطل والأسد المصري وحبيب كل المصريين ... سيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وإن كنت أري أنه لم يتعرض لسيادته بشيئ مثير لهم لهذه الدرجة ، بل علي العكس هو في هذه الحلقة ألقي الضوء بالأكثر علي المحبة الكبيرة والتي يكنها كل المصريين لهذا البطل العظيم..." السيسي " .. علي ما قام به من إنقاذ مصر من الحكم الأرهابي السابق ، والتي جعلتهم يضعون صوره حتي علي مأكولات ومشروبات كل المصريين .
في كل الحالات ..... وبالرغم من كل ذلك .. هذه الحلقة لا تستحق كل هذا الجدل وكل هذه الضجة !!! وهذا الأهتمام الذي زاد عن حده بمراحل
لأنه عندنا الأهم والأخطر ... عندنا أهداف وأشياء أكثر بكثير من هذا الجدال العقيم عن ما قاله باسم يوسف أو غيره !!! ، ( ولا هذه خطة خارجية ) أيضا ً !! كما كان يُقال لنا يوماً من الأيام حتي ما ينشغل المصريين عن ما يحدث في البلد !! وينشغلون عن أهدافهم !!!؟؟
عندنا دستور يتم مناقشته ونريد أن يمثل كل المصريين ويحقق تطلعاتهم وأمنياتهم في دولة مدنية حرة ويكون شعارها ...... الدين لله والوطن للجميع
عندنا دم شهداء يصرخ أمام أعيننا والأهم أنه يصرخ إلي الله العادل و" يُطالب بالقصاص العادل والسريع والحازم " !! لنرجع حقهم من الأرهابيين وحتي لا يتكرر الذي حدث ويحدث الأن !!؟؟
فوقوا يا مصريين ...ولانجعلوا أي شيئ أخر يُخرجنا أو يشتتنا عن هدف مصر الأكبر وهو ... محاربة الأرهاب والأرهابيين ... ومستقبل بلدنا وأبنائنا ... وعودة الأمن والأمان لبلدنا الغالي مصر ولكل المصريين
إحفظ بلادنا يارب