الأقباط متحدون - في عشية زيارة المالكي إلى واشنطن
أخر تحديث ٠٢:٤٩ | الجمعة ٢٥ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٢٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

في عشية زيارة المالكي إلى واشنطن


 

بقلم : د.عبد الخالق حسين

سيقوم رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بزيارته الثالثة إلى واشنطن في نهاية هذا الشهر (تشرين الأول/ أوكتوبر الجاري) أو مطلع الشهر المقبل، وأعتقد أنه في هذه المرة سيحضر اللقاء مع الرئيس أوباما وهو أقوى مما كان عليه في زيارته السابقة عام 2011، فالنقاط التي اختلف المالكي فيها مع أوبما في لقائمها الأخير أثبت الزمن صحة موقف المالكي وتبناها أوباما، وبالأخص فيما يتعلق بالأزمة السورية والموقف من إيران، حيث رفض المالكي التدخل الخارجي في إسقاط حكومة بشار الأسد، وأصر على ترك هذه المسألة إلى الشعب السوري ليقررها سلمياً بدلاً من الحرب. وهكذا ثبت للسيد أوباما وفريقه في الإدارة الأمريكية أنهم يتعاملون مع رجل دولة يستحق الاحترام وأن يحسب له ألف حساب.

فهاهي الأمور بدأت تتحسن نسبياً، فسوريا استجابت لقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بتدمير السلاح الكيمياوي، كذلك خسرت المعارضة السورية بجناحها الإسلامي المتشدد مكانتها وسمعتها بسبب ما ارتكبته من جرائم بشعة ضد الإنسانية يندى لها الجبين. كذلك التطور الكبير الذي حصل في إيران بفوز المرشح الإصلاحي المعتدل الدكتور حسن روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية، وما حصل من تفاهم وتقارب بين إيران وأمريكا، الأمر الذي أقض مضاجع المتشددين الصقور في إسرائيل وأمريكا وبعض السياسيين والإعلاميين العرب الضاربين على طبول الحرب، وبالأخص المسؤولين السعوديين الذين جن جنوهم من التقارب الإيراني الأمريكي، حسب تصريحات وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان.(1)

كذلك كشف الزمن علاقة خصوم المالكي في حكومة الشراكة الوطنية مع المتطرفين وبالأخص الإرهابيين البعثيين وأتباع القاعدة، كما وتراجع خصوم المالكي في الخارج مثل سقوط أمير قطر الشيخ حمد، وما يواجهه أردوغان من معارضة في تركيا إلى حد أن بعث وفداً من بلاده إلى بغداد بغية التقارب حيث وجه دعوة للمالكي لزيارة أنقرة. كل هذه التغييرات جاءت في صالح المالكي الذي أثبت أنه رجل المرحلة وكسب ثقة الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية الأخرى بصبره وهدوئه في تعامله مع الأزمة العراقية ومعارضيه وما يجرب في المنطقة.

ولكن هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام، فقادة الكتلة العراقية يحاولون أن يجعلوا لأنفسهم دوراً، وعلى الأغلب تخريبياً في محادثات المالكي مع الإدارة الأمريكية، إذ قرأنا أن السيد أياد علاوي، رئيس كتلة "العراقية" سيسافر إلى أمريكا لإجراء عملية جراحية على ركبته التي أصيبت إثناء محاولة اغتياله من قبل رجال صدام حسين في الثمانينات. فهذه الإصابة يجب استغلالها في هذه المناسبة. كذلك سمعنا أن دعوة وجهت إلى كل من السيدين مسعود بارزاني وأسامة النجيفي من قبل نائب الرئيس الأمريكي  جو بايدن لزيارة واشنطن، في محاولة منه أن يجمع الزعماء العراقيين هناك للوصول إلى حل للمعضلة العراقية وتقارب وجهات النظر بين الأخوة- الأعداء.

جدول أعمال الملكي في واشنطن
المواد المعلنة التي سيناقشها رئيس الوزراء والوفد المرافق له مع الإدارة الأمريكية، حسب ما أوضح النائب عبدالهادي الحساني، المقرب من الرئيس العراقي في تصريح لصحيفة «الحياة» أن "من أهم الملفات هي: تسليح القوات العراقية بالأسلحة الحديثة، والتقنيات المتطورة لمحاربة الإرهاب، وتذكير واشنطن بالتزاماتها تجاه العراق في إطار الاتفاق الاستراتيجي".

لا شك أن هناك مواد أخرى تخص دول المنطقة وخاصة الأزمة السورية، والملف النووي الإيراني، وتوحيد الجهود لمحاربة الإرهاب الذي صار يهدد البشرية كلها. فالعراق مرشح أكثر من غيره ليلعب دوراً رئيسياً في حل الأزمات المزمنة التي تعاني منها دول المنطقة، والحفاظ على المصالح الأمريكية. ولكن على قدر ما يهم العراق أننا نعتقد أن من مصلحة الشعب العراقي تكمن في تقوية العلاقة مع الدولة العظمى، أمريكا، ضمن إطار الاتفاق الاستراتيجي الذي تم توقيعه عام 2011 عشية انسحاب القوات الأمريكية.

فشعب العراق مهدد بالإبادة من قبل الإرهاب المحلي والعالمي المدعوم من قوى داخلية وخارجية، وخاصة من قبل السعودية وقطر وتركيا. وهذه الجهات تتمتع بإمكانيات كبيرة في دعم الإرهاب وإشاعة الفوضى والتخريب في العراق ولا تريد له خيراً وأن يسترد عافيته وينعم بالأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي. لذلك فهذه الحكومات رغم أنها تحارب الإرهاب في بلدانها، إلا إنها تدعمه في العراق وسوريا وتسميهم بالمجاهدين، إضافة إلى دور شيوخ الوهابية بإصدار الفتاوى لحث الجهلاء للذهاب إلى العراق لقتل الشيعة "الروافض"، وكذلك دور موظفي مداخل حدود بعض الدول العربية  في الشحن الطائفي بأن يسألوا القادم إلى بلادهم هل أنت سني أو شيعي، كما يحصل في الأردن ومطار الدوحة.(2)

وكما أكد السيد المالكي مراراً، أن الإرهاب هو دولي وليس مشكلة عراقية فقط، لذا لا يمكن دحره إلا بتكاتف جهود دولية. لذلك ونعتقد أن أمريكا، بما تملك من خبرات وتكنولوجية متطورة، هي المؤهلة أكثر من أية دولة أخرى في شن الحرب على الإرهاب ودحره ولا يمكن دحر الإرهاب بدون أمريكا. ومن هنا نرى ضرورة إقامة علاقة حميمة مع الدولة العظمى، وعلى السيد المالكي أن لا يستمع إلى الأطراف التي ربطت الوطنية بعنجهية معاداة أمريكا. فكثير من هؤلاء يشتمون أمريكا علناً ويخدمونها في السر، وأوضح مثال على ذلك هو ناجي الحديثي، وزير خارجية صدام حسين، الذي تبين أنه كان عميلاً للسي آي أيه .(يرجى فتح الرابط رقم 3 في الهامش). بل وحتى صدام حسين نفسه كان عميلاً للسي آي أيه، وبشهادة الأمريكان أنفسهم، شاهد الفيديو وأقرأ التقرير في الرابط رقم 4 في الهامش رجاءً.
إن مهمة السياسة هي البحث عن مصلحة الشعب وحمايته من أعدائه. فخطباء المساجد يدعون ليل نهار (اللهم أهلك أعدائنا)، وتبيَّن أخيراً لدى شيوخ الوهابية وعدد غير قليل من خطباء الإسلام السياسي السني، أن أعداءهم هم الشيعة واليهود، لذلك صار دعاءهم  في هذه الأيام : "اللهم أهلك الشيعة واليهود". بل قالوا أن الشيعة أخطر على الإسلام من اليهود (رابط الفيديو رقم 5). فواجب كل إنسان سوي وبالأخص المثقف إدانة الإرهاب وحروب إبادة الجنس ضد أية مجموعة بشرية. ولكن في العراق أنك ما أن تدين إبادة الشيعة حتى واتهموك بالطائفية!! ففي عرفهم يجوز إبادة الشيعة!!

فأمريكا لأول مرة في التاريخ التقت مصلحتها بمصلحة شعبنا، ولم تكتفِ بتحرير العراق من الفاشية البعثية فحسب، بل وعملت على تخفيض ديونه بنحو 90%، إضافة إلى إلغاء مئات المليارات من تعويضات حروب صدام العبثية. وهذا نصر عظيم للعراق بجهود أمريكا، وعلينا أن لا نكون ناكري الجميل.
وعليه، أعتقد أن العراق بحاجة ماسة إلى علاقة حميمة ومتكافئة مع أمريكا ضمن إطار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين عام 2011، وتفعيلها والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن على أسس المصالح المشتركة بين دولتين ذات سيادة كاملة. فالعراق غارق بمشاكل متراكمة عبر قرون، وبالأخص ما ورثه من مخلفات البعث، وما يواجهه من إرهاب دولي يهدد وجوده بالفناء، وليس بإمكان حكومته حلها لوحدها بدون دعم أمريكا ومهما بلغ المسؤولون من دهاء وخبرة وإخلاص.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع